2013-10-12 14:52:48

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان: بَينَما يسوع سائِرٌ إِلى أُورَشَليم، مَرَّ بِالسَّامِرَةِ والجَليل. وعِندَ دُخولِه بَعضَ القُرى، لَقِيَه عَشَرَةٌ مِنَ البُرْص، فوقَفوا عن بُعدٍ، ورَفعوا أًصواتَهم قالوا: "رُحْماكَ يا يسوع أَيُّها المُعَلِّم!" فلَمَّا رآهُم قالَ لَهم: "اُمضُوا إِلى الكَهَنَةِ فَأَرُوهُم أَنفُسَكم". وبَيْنَما هُم ذاهِبونَ بَرِئوا. فلمَّا رأَى واحِدٌ مِنهُم أَنَّه قد بَرِئَ، رجَعَ وهُو يُمَجِّدُ اللهَ بِأَعلَى صَوتِه، وسَقَطَ على وَجهِه عِندَ قَدَمَي يَسوعَ يَشكُرُه، وكانَ سامِريًا. فقالَ يسوع: "أَليسَ العَشَرَةُ قد بَرِئوا؟ فأَينَ التِّسعَة؟ أَما كانَ فيهِم مَن يَرجعُ ويُمَجِّدُ اللهَ سِوى هذا الغَريب؟" ثُمَّ قالَ له: "قُمْ فامضِ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ". (لو 17، 11- 19)

 

للتـأمل

يكتب القديس برونو دي سيغيني: "فلمّا رأى واحدٌ منهم أنّه قد بَرِئ، رجَعَ وهو يُمجِّدُ الله بأعلى صوتِه". في الواقع، يُمثّلُ هذا الرجل كلّ الذين طُهِّروا بماء العماد أو نالوا المغفرة بسرّ التوبة. فهم ما عادوا يَتبعونَ الشيطان، بل أصبحوا يَقتادونَ بالمسيح، ويَقتَفون أثره موجِّهينَ له التمجيد والحمد، ولا يَتخلّونَ عن خدمته... "قالَ له يسوع: قُمْ فامضِ، إيمانُكَ خلَّصَكَ". وبالتالي، كبيرة هي قوّة الإيمان لأنّه "بغيرِ الإيمانِ يَستَحيلُ نَيلُ رِضا الله". "إنّ إبراهيمَ آمَنَ بالله فَحُسِبَ له ذلك بِرًّا". إذًا، فالإيمان هو الذي يُخلِّص، الإيمان هو الذي يُبرِّر، الإيمان هو الذي يَشفي الإنسان في نفسِه وفي جسدِه".

فإذا كان الإيمان تأصلا في المسيح وتمسكا بتعاليمه. فهو في الوقت نفسه انفتاح على الآخرين، بشهادة حية ليسوع المسيح الذي قدَّم هو أيضا شهادة صامتة وعلنية مدة ثلاثين سنة: "الأعمال التي أعملها هي تشهد لي". وشهدت للمسيح أيضا الجماعات المسيحية الأولى التي جذبت العديدين إلى الله بما كانت هذه الجماعات تقوم به من أعمال محبة وخدمة جعلت الناس يصدقون كلامهم ويحترمون عقيدتهم ويهتدون إلى الرب الذي أعطاهم هذا الإيمان. يسوع يطلب منا اليوم هذه الشهادة: “كونوا لي شهودا إلى أقاصي الأرض". وأحسن عطية نقدمها للقريب وأعظم فعل محبة نقوم به تجاه كل إنسان هو أن نمكّنه من اللقاء بيسوع. يقول أحد المهتدين: "دعاني المسيح باسمي بواسطة أناس يعرفون اسمه". فيسوع يطلب من كل مؤمن وكل مؤسسة أو منظمة مسيحية، أن يقدموا هذه الشهادة في البيئة والمجتمع والبلد الذي يقيمون فيها.

وهذه الشهادة تكتمل أولا : بأن أكون إنسانا بين الآخرين : لا يحتاج هذا الكلام إلى توضيح. لأن كنيسة المسيح الإله الحقيقي والإنسان الحقيقي، موجودة في العالم وهي من هذا العالم مؤلفة من بشر يحيون دعوتهم المسيحية في كل ميادين الحياة: الحياة الزوجية والعائلية. وحياة العمل والجهد الاجتماعي والسياسي والتجاري وكل جوانب الحياة. فهذه العلاقات المتعددة التي تؤلف نسيج حياتنا يجب أن يحياها المسيحي بالروح القدس. أي أن يعيش ما يعتقده وما يصرح ويجاهر به دون خوف ولا خجل. تماما مثل الرسل الذين بعدما حل عليهم الروح القدس خرجوا يبلغون الرسالة للعالم كله دون خوف ولا خجل. فالعالم يريد أن يتأكد ليس من حقيقة إيماننا بل قبل ذلك يريد أن يتأكد من صحة إيماننا. أي كيف نعيش هذا الإيمان لنقدم شهادة حية عنه. مِن هنا على كل مسيحي كإنسان أن يشارك فعليا، وحسب إمكاناته، في تحرير نظيره الإنسان من كل ما هو تخلف وعبودية وظلم وحرمان واستلاب وهيمنة. تحرير الآخر من الخطيئة ومن الظلم والحرمان هذه هي الشهادة الحقة لإيماننا الحقيقي.

ثانيا : بأن أبقى قويا في الإيمان: "ليرى الناس أعمالكم ويمجدوا أباكم الذي في السموات". المسيحي العائش في هذا العالم هو مرسل من سيده يسوع إلى العالم ليشهد ليسوع الآتي من عند الآب. ليكمل ويقدس ويخلص الناس بسر موته وقيامته. فإيماننا بيسوع يلزمنا بأداء شهادة حية ومتجددة عن أعمال الرب وعن مقاصده الخلاصية . حتى يقبل جميع البشر إلى ينابيع الحياة الجارية من جنبه المفتوح حبا على الصليب. إذهبوا ولا تخافوا فالمسيح هو دائما معكم. نادوا بملكوت المحبة والعدالة والرحمة. لتكونوا خير شهود لمعلمكم يسوع. باركنا يا يسوع.آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.