2013-09-08 13:44:23

في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي البابا فرنسيس يطلق نداء جديدا من أجل السلام في سورية والشرق الأوسط


تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. قال البابا في إنجيل اليوم يصر يسوع على الشروط التي يجب أن يستوفيها تلاميذه: ألا نقدّم شيئا على محبتنا له، وأن نحمل الصليب ونتبعه. كثير من الأشخاص اقتربوا من يسوع وأرادوا أن يكونوا من بين تلاميذه؛ وهذا ما حصل بخاصة بعد الأعاجيب التي صنعها وأثبتت أنه المسيح، ملك إسرائيل. لكن يسوع لا يريد أن يخيب آمال أحد. إنه يعي جيدا ما ينتظره في أورشليم، وما هو الدرب الذي أعطاه إياه الآب: إنه درب الصليب والتضحية بالذات من أجل غفران خطايانا. أن نتبع يسوع لا يعني أن نشارك في مسيرة من النصر! بل يعني أن نتقاسم محبته الرحومة، وأن نلج عمل الرحمة العظيم الموجه لكل إنسان ولجميع البشر. عمل يسوع هو عمل رحمة وغفران ومحبة!

 وهذا الغفران يمر عبر الصليب. لكن يسوع لا يريد أن يقوم بهذا العمل بمفرده: يريد أن يشركنا نحن أيضا في الرسالة التي أسندها إليه الآب. بعد قيامته من بين الأموات قال لتلاميذه "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضا ... ومن غرفتهم لهم خطاياهم تُغفر لهم". تلميذ المسيح يتخلى عن كل الخيور لأنه وجد في الرب الخير الأكبر الذي من خلاله تكتسب باقي الخيور قيمة ومغزى: العلاقات العائلية، العلاقات الأخرى، العمل، الخيور الثقافية والاقتصادية ... المسيحي يفصل نفسه عن كل شيء ويجد كل شيء في منطق الإنجيل، منطق المحبة والخدمة.

وتابع البابا قائلا إن يسوع استخدم مثلين ليشرح هذه الضرورة: مثل البرج الواجب بناؤه ومثل الملك الذي يذهب إلى الحرب. في المثل الثاني يقول "أي ملك يخرج ليحارب ملكا آخر، ولا يجلس من قبل، ويشاور نفسه هل يقدر أن يلاقي بعشرة آلاف، من يأتي عليه بعشرين ألفا؟ وإلا فيوفد إليه سفارة، وهو بعد بعيد، ويلتمس ما هو من أمر الصلح". (لوقا 14، 31-32) لا يريد يسوع أن يُثني على موضوع الحرب، إنه مجرد مثل. لكن في هذه الآونة التي نصلي فيها بحرارة من أجل السلام، تلامس قلبنا كلمات الرب هذه ويقول: هناك حرب أعمق لا بد أن نخوضها جميعا! إنها القرار القوي والشجاع لنبذ الشر ومغرياته واختيار الخير، مستعدين لدفع الثمن: هذا هو معنى اتباع المسيح، وحمل الصليب! هذه الحرب ضد الشر ... ما معزى شن الحروب إن كنتَ عاجزا عن خوض الحرب ضد الشر. هذا لا يفيد بشيء! هذه الحرب ضد الشر تتطلب أيضا أن نقول لا للحقد بين الأخوة وللكذب، أن نقول لا للعنف بكل أشكاله، أن نقول لا لانتشار الأسلحة والاتجار غير المشروع بها. هناك شكوك كثيرة إذ نتساءل لماذا تُخاض هذه الحرب أو تلك، أهي نتيجة المشاكل، أم أنها حرب تجارية ترمي إلى بيع السلاح؟ هؤلاء هم الأعداء الواجب أن نحاربهم متحدين، وساعين فقط إلى مصلحة السلام والخير المشترك.

في ختام كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي قال البابا فرنسيس نحتفل اليوم بولادة السيدة العذراء، وهو عيد عزيز على قلب الكنائس الشرقية وبإمكاننا أن نرسل تحية إلى جميع الأخوة والأخوات والأساقفة والرهبان والراهبات في الكنائس الشرقية الأرثوذكسية والكاثوليكية. لقد أوكلنا صلاة الأمس على نية السلام في العالم، لاسيما في سورية والشرق الأوسط، إلى شفاعة العذراء مريم. وقال: يا سلطانة السلام صلي لأجلنا! بعدها شكر الحبر الأعظم جميع الذين انضموا إلى أمسية الصلاة والصوم مساء أمس، وتوجه بالشكر إلى السلطات المدنية ومؤمني الجماعات المسيحية الأخرى وأتباع باقي الديانات والرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة الذين عاشوا لحظات الصلاة والصوم والتأمل. وتابع قائلا: فلنتابع الصلاة وأعمال السلام! وأدعوكم إلى مواصلة الصلاة كي يتوقف فورا العنف والدمار في سورية ويتم العمل بالتزام متجدد من أجل حل عادل للصراع بين الأخوة. دعونا نصلي أيضا على نية باقي دول الشرق الأوسط، لاسيما لبنان، كي يجد الاستقرار المرجو ويبقى نموذجا للتعايش؛ من أجل العراق، كي يترك العنف الطائفي فسحة للمصالحة، ومن أجل عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كي تتواصل بحزم وشجاعة. دعونا نصلي أيضا على نية مصر، كي يلتزم جميع المصريين، مسلمين ومسيحيين، في بناء مجتمع يعود بالفائدة على الشعب بأسره. البحث عن السلام طويل ويتطلب صبرا ومثابرة!

 








All the contents on this site are copyrighted ©.