2013-06-22 16:14:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


إتفق أَنَّ يسوعَ كانَ يُصَلِّي في عُزَلةٍ والتَّلاميذُ مَعَهُ، فَسأَلَهم: "مَن أَنا في قَولِ الجُموع؟" فأَجابوا: "يوحَنَّا المَعمَدان". وبَعضُهم يَقول: "إِيلِيَّا". وبَعضُهم: "نَبِيٌّ منَ الأَوَّلينَ قام". فقالَ لَهم: "ومَن أَنا في قَولِكُم أَنتم؟" فأَجابَ بُطرس: "مسيحُ الله". فَنهاهم بِشِدَّةٍ أَن يُخبِروا أَحدًا بِذلك. وقال: "يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة، وأَن يَرذُلَه الشُّيوخُ والأحبارُ والكَتَبَة، وأَن يُقتَلَ ويقومَ في اليَومِ الثَّالِث".  وقالَ لِلنَّاسِ أَجمَعين: "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسهِ ويَحمِلْ صَليبَهُ كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني. لأنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حياتَه يَفقِدُها. وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَه في سَبيلي فإِنَّه يُخَلِّصُها" (لو 9، 18- 24).

 

للتـأمل

"من أراد أن يتبعني، فليزهد في نفسه ويحمل صليبه ويتبعني". يوجه يسوع هذه الكلمات لكل واحدٍ منا، نحن أتباعه وتلاميذه. لكنّ بعضنا يصاب بالخوف والفزع، عندما يقرأ هذه الكلمات، وبخاصّة في زماننا هذا، الذي به نرى أن الألم والمعاناة لا فائدة منهما، بأن الألم شيء مُضر.. مُهلك .. هذه النظرة التي تمنعنا في الكثير من الأحيان من فهم معنى الألم، تمنعنا بالتالي من فهم معنى حياتنا المسيحية.

لكن يسوع يقول لنا أيضًا "تعالوا إليّ جميعاً أيها المرهقون المثقلون، وأنا أريحكم. احملوا نيري وتتلمذوا لي فإني وديع متواضع القلب، تجدوا الراحة لنفوسكم، لأن نيري لطيف وحملي خفيف".

نعم .. إن صليب المسيح لا يُضعفنا ولا يُحبطنا، لكن على العكس، فمن الصليب نستمد قوة تتجدد فينا كل يوم، هذه القوة هي التي نراها تشع دائماً في سيَر القديسين، هذه القوة هي التي أغنت ورافقت الكنيسة على مدى التاريخ.

كان الصليب يوحي بالعقاب والموت القاسي والحمل الثقيل... فكم نسمع من متألّم، من مهموم، من صاحب مشكلة، يردد متأوهاً: صليبي كبير!.. لكن هذا هو المعنى الوثني للصليب..

أمّا مع يسوع، فقد تغيَّر كل شيء: أصبح الصليب حباً...أصبح نداءً وخلاصاً.. أصبح حياة وقيامة.. إنه الحب العظيم للمحب العظيم الذي يبذل نفسه في سبيل أحبائه... مع يسوع لم يبق الصليب حاملاً، فقط، معنى يوم الجمعة العظيمة: يوم الصلب والموت.. بل، أضحى أيضاً، حاملاً معنى أحد القيامة: معنى القيامة والحياة...

لقد أردت يا يسوع، أن تفهمنا بأنه لا خلاص في العالم إلاّ بإتباع خطاك: في الحب، والبذل، والعطاء... هذا ما تطلبه من تلاميذك، ومنا، وأنت أول من حمل الصليب ومشى... ولكنّك لم تكن كئيباً وحزيناً... لأنّك أنت الحياة، والفرح، والحب، والعطاء، والرحمة، والشفاء، والغفران، والنور، وخبز الحياة، وماء الحياة... لقد كانت حياتك تتميماً لمشيئة الآب... فعشت حياتك بحب، وبتسليم بنوي وكان هذا ينبوع سلام، واطمئنان، وراحة، وخلاص...

وأنت اليوم تدعونا لنحمل الصليب على مثالك، وإتباعك... فيكون طعامنا تتميم مشيئة الآب القدوسة، والعمل بإرادته... والصليب، معك، يعني: أن نستقبل حياتنا، جسمنا، عائلتنا، عملنا، نهارنا كعطية ونعمة من الله.. فنعيش كل شيء على مثالك بتسليم بنوي، بالفرح، والثقة، والحب، والعطاء...

فإن كان الفرح.. فمعك يحلو الفرح! وإن كان المرض.. فمعك يحلو قبول المرض! معك يحلو كل شيء... معك يحلو الصليب...

معك، كل شيء، يؤول إلى الخلاص...








All the contents on this site are copyrighted ©.