2013-06-15 13:56:15

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان: دَعا أَحَدُ الفِرِّيسيِّينَ يسوع إِلى الطَّعامِ عِندَه، فدَخَلَ بَيتَ الفِرِّيسيّ وجَلَس إِلى المائدَة. وإِذا بِامرأَةٍ كانت خاطِئَة في المَدينة، عَلِمَت أَنَّه على المائِدَةِ في بيتِ الفِرِّيسيّ، فجاءَت ومعَها قاروةُ طِيبٍ، ووَقَفَت مِنْ خَلْفُ عِندَ رِجْلَيه وهيَ تَبْكي، وجَعَلَت تَبُلُّ قَدَمَيه بِالدُّموع، وتَمسَحُهُما بِشَعْرِ رَأسِها، وتُقَبِّلُ قَدَمَيه وتَدهُنُهما بِالطِّيب. فلَمَّا رأَى الفِرِّيسيُّ الَّذي دَعاهُ هذا الأَمر، قالَ في نَفْسِه: "لو كانَ هذا الرَّجُلُ نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَن هِيَ المَرأَةُ الَّتي تَلمِسُه وما حالُها: إِنَّها خاطِئَة". فقال له يسوع: "يا سِمعان، عندي ما أَقولُه لَكَ"، فقالَ: "قُلْ يا مُعلِّم". قال: "كانَ لِمُدايِنٍ مَدينان، على أَحدِهما خَمسُمِائةِ دينارٍ وعلى الآخَرِ خَمسون. ولَم يَكُنْ بِإِمكانِهِما أَن يُوفِيا دَينَهُما فأَعفاهُما جَميعًا. فأَيُّهما يَكونُ أَكثَرَ حُبًّا لَه؟". فأَجابَه سِمعان: "أَظُنُّه ذاك الَّذي أَعفاهُ مِنَ الأَكثرَ. فقالَ له: "بِالصَّوابِ حَكَمتَ". ثُمَّ التَفَتَ إِلى المَرأَةِ وقالَ لِسِمعان: "أَتَرى هذهِ المَرأَة؟ إِنِّي دَخَلتُ بَيتَكَ فما سكَبتَ على قَدَمَيَّ ماءً. وأَمَّا هِيَ فَبِالدُّموعِ بَلَّت قَدَمَيَّ وبِشَعرِها مَسَحَتهُما. أَنتَ ما قَبَّلتَني قُبلَةً، وأَمَّا هي فلَم تَكُفَّ مُذ دَخَلَت عَن تَقبيلِ قَدَمَيَّ. أَنتَ ما دَهَنتَ رأسي بِزَيتٍ مُعَطَّر، أَمَّا هِيَ فَبِالطِّيبِ دَهَنَتْ قَدَمَيَّ. لذلك أقولُ لَكَ: إِنَّما غُفِرَت لَها خَطاياها الكَثيرَة، لأَنَّها أَظهَرَت حُبًّا كثيرًا. وأَمَّا الَّذي يُغفَرُ له القَليل، فإِنَّه يُظهِرُ حُبًّا قَليلاً"، ثُمَّ قالَ لَها: "غُفِرَت لَكِ خَطاياكِ". فأَخَذَ جُلَساؤُه على الطَّعامِ يَقولونَ في أَنفُسِهم: "مَن هذا حَتَّى يَغفِرَ الخَطايا؟" فقالَ لِلمَرأَة: "إِيمانُكِ خَلَّصَكِ فاذهَبي بِسَلام". وسارَ بَعدَ ذَلك في كُلِّ مَدينَةٍ وقَريَة، يُنادي ويُبَشِّرُ بِمَلكوتِ الله، ومعَه الاثْنا عَشَر، ونِسوَةٌ أُبْرِئْنَ مِنْ أَرواحٍ خَبيثَةٍ وأَمراض، وهُنَّ مَريَمُ المَعروفَةُ بالمِجدَلِيَّة، وكانَ قد خَرَجَ مِنها سَبعَةُ شَياطين، وحِنَّةُ امرَأَةُ كوزى خازِنِ هيرودُس، وسَوسَنَة، وغيرُهُنَّ كَثيراتٌ كُنَّ يُساعِدْنَهُم بِأَموالِهِنَّ.

 

للتـأمل

"غُفِرَت لَها خَطاياها الكَثيرَة، لأَنَّها أَظهَرَت حُبًّا كثيرًا"

يدعونا إنجيل اليوم لنكتشف عظمة محبة الله ونختبر رحمته، إنه تعليم كبير لنا خاصة كمؤمنين مسيحيين مدعوين لحمل حقيقة الله للآخرين وللشهادة لها في حياتنا. لقد قبلنا دعوة المسيح لنا: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم"، قبلنا أن نذهب إلى أقاصي الأرض ونحمل فرح الإيمان والبشرى السارة لجميع الأمم، لكن غالبًا ما ننسى أننا أدوات محبة الله ورحمته ونصبح مثل هذا الفريسيّ أدوات لدينونة الآخرين ومحاكمتهم.

يضع لنا الإنجيل اليوم هذه المرأة الخاطئة أمامنا، والتي باقترابها من يسوع تصبح مثالا لنا في تعاطينا مع الآخرين، فهي تهب ذاتها دون مقابل، أظهرت حبًّا كبيرًا دون أن تتفوه بكلمة. أجابت على الحب الذي دعاها واستسلمت لرحمته ومغفرته اللتين أحبتاها وأعادتا لها كرامتها وقيمتها، فأصبح بقدرتها أن تُحِبَّ وتُحَب.

عرف يسوع ما دار في قلب سمعان فأنّبه قائلاً: "أَتَرى هذهِ المَرأَة؟ إِنِّي دَخَلتُ بَيتَكَ فما سكَبتَ على قَدَمَيَّ ماءً. وأَمَّا هِيَ فَبِالدُّموعِ بَلَّت قَدَمَيَّ وبِشَعرِها مَسَحَتهُما. أَنتَ ما قَبَّلتَني قُبلَةً، وأَمَّا هي فلَم تَكُفَّ مُذ دَخَلَت عَن تَقبيلِ قَدَمَيَّ. أَنتَ ما دَهَنتَ رأسي بِزَيتٍ مُعَطَّر، أَمَّا هِيَ فَبِالطِّيبِ دَهَنَتْ قَدَمَيَّ". فسمعان قد أدخل يسوع إلى بيته لكنه أبقاه خارج حياته، استقبله على مائدته ولكنه لم يفتح له قلبه.

لقد تخطّت هذه المرأة محدوديّة مجتمعها، ولم تأبه بما سيقوله الناس، وقامت بما لم يكن يتوقعه أحد منها، فهي الخاطئة بالنسبة لمجتمعها أظهرت للجميع ومن دون خجل أنها تريد أن يَغفِر لها هذا الرجل القادر أن يحب بلا حدود. فابن الله جاء إلى العالم لكي نعرف هذا الحب، لكي يتمكن الذين صَلَبَهُم العالم أن يُصبِحوا علامات لمحبة الله وتُصبح حياتهم تجليًا لرحمته وغفرانه.

هذه المرأة هي كل شخص منا ونحن مدعوون للإجابة على محبة ذلك الذي وهب نفسه لأجلنا، الذي لا يخجل بنا ويسمح لنا بالدخول بعلاقة حميمة معه والدخول إلى قلبه فيحولَّنا، ونصبح امتدادًا لقلبه في العالم نحمل محبته ورحمته لكل شخص ابتعد عن طريقه أو لم يلتق به بعد.

حان الوقت لنشهد لإيماننا ونكون علامة لأكبر برهان للحب: المغفرة والمسامحة! فيكون جوابنا على سؤال جلساء الطعام في بيت سمعان: "مَن هذا حَتَّى يَغفِرَ الخَطايا؟" إنه العلامة الحسيّة بأن الله قد افتقد شعبه وبأن رحمته تعضدنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.