2013-06-07 19:08:31

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: ذَهَبَ يسوعُ إِلى مَدينَةٍ يُقالُ لَها نائين، وتَلاميذُه يَسيرونَ معَه، وجَمعٌ كَثير. فلَمَّا اقَتَرَبَ مٍن بابِ المَدينة، إِذا مَيْتٌ مَحْمول، وهو ابنٌ وَحيدٌ لأُمِّه وهي أَرمَلَة. وكانَ يَصحَبُها جَمعٌ كثيرٌ مِنَ المَدينة. فلَمَّا رآها الرَّبّ أَخذَتُه الشَّفَقَةُ علَيها، فقالَ لَها: "لا تَبكي!" ثُمَّ دَنا مِنَ السَّرير، فلَمَسَه فوقَفَ حامِلوه. فقالَ: "يا فتى، أقولُ لَكَ: قُمْ!" فجَلَسَ المَيتُ وأَخَذَ يَتَكَلَّم، فسَلَّمَه إِلى أُمِّه. فاستَولى الخَوفُ علَيهم جَميعًا فمَجدَّوا الله قائلين: "قامَ فينا نَبِيٌّ عَظيم، وافتَقَدَ اللهُ شَعبَه!" وانَتَشَرَ هذا الحَديثُ عنهُ في شَأنِه في اليَهودِيَّةِ كُلِّها، وفي جَميعِ النَّواحي المُجاوِرَة. (لوقا 7، 11- 17)

 

للتـأمل

كان يسوع في رسالته يعملُ ويعلّم، يعظ ويشفي، وكان يُثِّبتُ الكلامَ بالآيات. ولعلّ من أكثر أعمال يسوع تأثيراً هي المعجزات التي صنعها، وبالأخصّ إقامة الموتى. فقد أقام ابنة يائيرس وابنَ أرملة نائين، وأقام لعازر. نلاحظ في معجزة إقامة ابن أرملة نائين الواقع الإنسانيّ في علاقته مع الكون ومع الله.

فأولى المعطيات في الحدث هي وجود الشر الذي يعذّب الإنسان. وفي حدثنا هذا يظهر بالشكل النهائي والأخير له، أي الموت. وثاني المعطيات هي المحبّة الإلهيّة. فالله يتدخل لحلّ هذه التحديات والصعوبات التي تنهك حياة الإنسان.

إنّ تدخّل الله العجائبيّ في تاريخ البشر دليل قاطع على عنايته بهم وعلى حبّه لهم. فهو بواسطة مرسَليه يحاول أن يحمل مع الإنسان صعوباته وأن يُصلح الخلل الذي أدخلته الخطيئة الإنسانيّة في حياة البشر. وكلّ معجزة هي تذكار لمرافقة الله للإنسان في خطواته. فالمعجزة هي كلوحة كبيرة كتب عليها بحروف كبيرة عبارة واحدة واضحة "الله هنا"، "الله معنا"، "الله فيما بيننا". يذكرنا إنجيل اليوم بحضور الله بيننا. إنّه الربّ، كما سمّاه لوقا الإنجيلي. وإقامة هذا الشاب من الموت هي مقدمة لجواب يسوع على سؤال تلاميذ يوحنا له، "أَأنت الآتي أم ننتظر آخر؟". هي مقدمة تبرهن "أنّه الآتي" لأن المرضى يشفون "والموتى يقومون"...

إن معجزة إقامة ابن أرملة نائين عنتْ للناس آنذاك أنّ "المسيح الربّ فيما بيننا"، أنّ عمانوئيل "الله معنا" قد حضر، وهو الآن هنا ويعمل. إنّها ليست فقط علامة لتدخل الله وإنّما لحضوره بالذات. إنّها علامةٌ أننا دخلنا بالفعل في الأزمنة الأخيرة التي سيكون الله بالذات فيها في وسط شعبه. وأمام هذا الحضور لا يمكن أن يكون الجواب البشريّ بالحياد! ففي الحدث هنا كانت ردّة الفعل صالحة، فمواجهة الربّ يسوع للموت ودحضه له جعلتهم يشعرون "بالافتقاد" الإلهيّ وبوجوده بينهم.

إن الموقف الإنسانـيّ هو الذي يمنع الله أو يسمح له بالتدخل. والله يتدخل أحياناً بالعجائب ولكنّه يتدخل دائماً بطرائق عديدة ومتعددة. الموقف البشريّ هو الذي يجعل الحضرة الإلهيّة بين الناس فاعلة أو غير فاعلة. الحضور الإلهيّ وحده لا يفيد، فعزل الله من قبلنا هو بالواقع قتله بيننا. عجائب الله منظورة وغير منظورة. والأحداث العجائبية هي وجه من وجوه العناية الإلهيّة بالإنسان وتعبير واضح عن رغبته في مرافقتنا حياتَنا. إلاّ أنّ العجائب هي الواجهة التي تشير إلى عمق كبير من المحبّة والتدابير الإلهيّة لصالحنا. إقامة ابن أرملة نائين ترمي الضوء على السؤال الإلهيّ الموجَّه إلينا: هل نشعر بالافتقاد الإلهيّ؟ هل يعني لنا أن الله معنا؟

علينا دائماً، أن نعرف أنّ الله حاضر بيننا ويتصرّف معنا. وأن نجيب على حضوره بالصراخ هاتفين على الدوام: "قام بيننا الربّ، النبيّ العظيم، وافتقد الله إيّانا".








All the contents on this site are copyrighted ©.