2013-05-25 15:43:02

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان، وقبلَ أن ينتقلَ يسوعُ من هذا العالَمِ إلى أبيه، قالَ لتلاميذِه:"لا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها". فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لأَنَّه لا يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث. سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي و يُطلِعُكُم عَلَيه. جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُطلِعُكُم عَلَيه". (يوحنا 16، 12- 15)

 

للتـأمل

قراءة من الدستور العقائدي في الكنيسة نور الأمم: "فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه"

 

ولمّا أنجز العمل الذي كلّف الآب ابنه تحقيقه على الأرض (يو 17: 4)، أرسل الروح القدس، في يوم العنصرة، لكي يقدّس الكنيسة في استمرار، فيكفل للمؤمنين الدّخول إلى الآب بالمسيح في وحدة الروح (أف 2: 8). فإنه هو روح الحياة، والنبع المتدفّق ماءً للحياة الأبدّية (يو 4: 14 + 7: 38-39). وبه يعطي الآب الحياة للذين أماتتهم الخطيئة، إلى يوم تُبعث، في الرّب يسوع المسيح، أجسادهم المائتة (رو 8: 1-1). والروح يسكن في الكنيسة وفي قلوب المؤمنين كما في هيكل (1كور 3: 16 + 6: 19)، وفيهم يدعو ولهم يشهد بأنهم أبناء الله بالتبنّي (غل 4: 6 + رو 8: 15-16 و26). وهذه الكنيسة التي يرشدها إلى الحقيقة كلّها (يو 16: 13) ويكفل لها وحدة الشركة والخدمة الرّوحية، يجهزّها ويقودها بمختلف المواهب، مواهب السّلطة ومواهب المنّة، ويزيّنها بثماره (أف 4: 11-12 ،1كور 12: 4 + غل 5: 22)، ثمّ إنه بقوّة الإنجيل يحفظ للكنيسة شبابها، ويجدّدها باستمرار، سائراً بها إلى تمام الاتحاد بعريسها: ذلك بأنّ الروح والعروس يقولان للرّب يسوع: "هلّم" (رؤ 22: 17). وهكذا تظهر الكنيسة الجامعة "شعباً يستمدّ وحدته من وحدة الآب والابن والروح القدس".

يشارك شعب الله المقدس أيضا في مهمة المسيح النبوية، فينشر قبل كل شيء شهادة حية بعيش إيمانه ومحبته، ويقرب لله ذبيحة الحمد، ثمرة شفاه تعترف باسمه (راجع عب 13: 15). ولما كان لجمع المؤمنين مسحة من القدوس (راجع 1 يو 2: 20 و27)، فإنهم لا يستطيعون أن يضلوا في الإيمان. وإنهم يعبرون عن هذه الميزة الخاصة التي يملكون بواسطة الذوق الفائق الطبيعة لإيمان الشعب بكلتيه، وذلك بأن يجمعوا إجماعا شاملاً "من الأساقفة حتى آخر علماني مؤمن" (القدّيس أوغسطينوس)، على حقائق الإيمان والأخلاق. فبفضل ذوق الإيمان هذا، الذي يوقظه روح الحق ويعضده، وتحت قيادة السلطة التعليمية المقدسة التي إذا ما أُديت لها الطاعة بأمانة، قبل شعب الله لا كلاماً بشرياً بل حقاً كلام الله (راجع 1 تس 2: 13)، فيتمسك تمسكاً متيناً بالإيمان الذي سلم نهائياً الى القديسين (راجع يهو 1: 3)، ويتعمق في فهمه تعمقاً متزايداً، إذ يفكر فيه تفكيراً قويماً ويعمل به في حياته بالتمام.

ولا يتوقف الروح عينه على أن يقدس شعب الله بالأسرار والخدام، وان يقوده ويزينه بالفضائل، بل علاوة على ذلك، يوزع بين المؤمنين من كل درجة "مُوَزِّعًا على كُلِّ واحِدٍ ما يُوافِقُه كما يَشاء" (1 كور 12: 11)، نعماً خصوصية تجعله أهلا ومستعداً لتحمل التبعات المختلفة والخدم المفيدة لتجديد الكنيسة وانتشارها على ما جاء في رسالة القدّيس بولس " لِكُلِّ واحِدٍ يوهَبُ ما يُظهِرُ الرُّوحَ لأَجْلِ الخَيرِ العامّ".








All the contents on this site are copyrighted ©.