2013-03-29 20:58:59

تأملات رتبة درب الصليب


يترأس قداسة البابا فرنسيس عند التاسعة والربع من مساء الجمعة العظيمة رتبة درب الصليب في الملعب الروماني القديم (الكولوسيوم)، وقد أعدت تأملات هذا العام الشبيبة اللبنانية بإشراف صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي.

 

مقدمة

«أسرعَ إليه رجلٌ فجثا له وسأله : أيّها المعلّم الصالح، ماذا أعملُ لأرثَ الحياةَ الأبديّة؟» (مرقس 10: 17). عن هذا السؤال الّذي يُلهبُ عمقَ كِيانـنـَـا، أجابَ يسوعُ بسلوكه دربَ الصليب. يا ربّ، إنّنا نـَنظُر إليكَ وأنت على درب الألم الذي في نهايتِه «جعلتَ من صليبك جسرًا إلى الموتِ لكي يعبُرَ عليه البشرُ من دنيا الموتِ إلى دنيا الحياة» (مار أفرام السريانيّ). الكلُّ مدعو إلى السّيرِ على خطاكَ، لاسيما الشباب والذين يُعانونَ من الانقسامات والحروبِ والظلمِ ويسعَون إلى أن يكونوا، بين إخوتهم، علاماتِ رجاءٍ وصانعي سلام.

إننا نقدّم أمامَكَ ذواتِنا بمحبّة، نقدّم آلامَنا موجّهينَ أنظارنا وقلوبَنا إلى صليبِك المقدّس ونصلِّي محافظينَ على العهد: «مباركٌ من فدانا بموته فأحيانا. يا فادينا. حقّق فينا سرَّ الفداء، الآلامَ وموتَك والقيامة» (من الليتورجيا المارونيّة)

 

المرحلة الأولى

يسوع يُحكم عليه بالموت

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«فتكلّم بيلاطس ثانياً قال لهم: «فماذا أفعل بالذي تدعونَه ملك اليهود ؟» فعادوا للصياح: «أصلبه !» وأراد بيلاطس أن يُرضي الجمع فأطلق لهم برأبا، وبعدما جلد يسوع أسلمه ليُصلَب» (مرقس 15: 12 – 15) أمامَ بيلاطس صاحبِ السلطة، كان من المفترضِ أن يجدَ يسوعُ العدالة، إذ كان بإمكان بيلاطس أن يُعلنَ براءةَ يسوعَ ويطلقَ سبيلَه. غير أنّه فضّل منطقَ المصالحِ الشخصيّةِ فخَضَعَ للضغوطاتِ السياسيّةِ والإجتماعيّة. حكمَ على بريءٍ ليُرضيَ الناسَ فما أرضىَ الحقيقة. أسلمَ يسوعَ إلى الصلب وهو عالمٌ ببراءتِه... ثم ّغسلَ يديه.

في عالمنا اليوم، كثيرون هم أمثالُ بيلاطس يُمسكونَ بزمام السلطةِ ويجيّرونَها لصالح الأقوياء. كثيرونَ همُ الضعفاءُ والجُبناءُ أمام هذه التّيارات فيحوّلون سلطَتَهم إلى قوةِ ظلمٍ لا تحترمُ كرامةَ الإنسان وحقَّه في الحياة.

ربّنا يسوع، لا تسمح بأن نكونَ من الظالمين. لا تسمح بأن يتمادى الأقوياءُ في شرّهم وظلمِهم واستبدادِهم. لا تَسمح بأن يؤدِّيَ الظلمُ بالأبرياء إلى اليأسِ والموت. ثبّتهم في الرجاء ونوِّر ضمائرَ أصحابِ السلطة في هذا العالم لكي يحكموا بالعدل. آمين.

 

أبانا الّذي في السّماوات...  السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

نفسُها تلكَ الحزينة في توجُّعِها كَمينة صابها سيفٌ مُريبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحـلة الثـانيـة 

يسوع يحمل صليبه

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«وبعدما سخروا منه نزعوا عنه الأرجوان، وألبسوه ثيابه وخرجوا به ليصلبوه» (مرقس 15/ 20).

وقفَ يسوعُ المسيحُ أمام الجنود وقد ظنوا أنّهم يملكونَ السلطةَ عليه، هو الّذي «به كان كلُّ شيء وبدونِه ما كان شيءٌ ممّا كان» (يو 1/ 3)

لطـالما ظـنَّ الإنسـان أنّه قـادرٌ عـلى تحـديدِ الخـيرِ والشـرّ (راجع تك 3/ 5) بمعزلٍ عن خالقِه ومخلِّصِه. ظنّ أنّه قادرٌ كُلّياً على طردِ اللهِ من حياته ومن حياةِ الناس باسمِ العقل والسلطة أو المال.

عالمُنا اليوم يئنُّ تحت وطأة واقعينِ يعملانِ على طردِ الله من حياة الإنسان: العلمانيّةُ العمياءُ الّتي تخنقُ قيمَ الإيمانِ والأخلاقِ زاعمةً أنها تدافعُ عن الإنسان، والأصوليّة العنيفة الّتي تتذرّعُ بالدفاعِ عن القيمِ الدينيّة. (راجع الإرشاد الرسولي: الكنيسة في الشرق الأوسط، العدد 29)

ربَّنا يسوع، يا من ارتضيت الإذلالَ وضعفَ الضعفاء، نوكلُ إليك جميعَ الشعوبِ الخاضعة للذلّ والعذاب، بخاصّةٍ شعوبَ الشرق الأوسط. مُدَّهُم بالقوّة لكي يحملوا معك صليبَ الرجاء. إنّنا نضعُ بين يديكَ جميعَ الضالّين ليهتدوا بك إلى الحقّ والحبّ. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ... 

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

يا لأوجاعٍ مَهولَة صادَفَتْ تِلكَ البَتولَة أمَّ فادينا الحَبيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ في قلبي منطبعة

 

المرحلة الثالثة 

يسوعُ يقع مرّة أولى تحت الصليب

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«طُعِنَ بسبب معاصينا وسُحِقَ بسبب آثامنا، نَزَل به العِقاب من أجل سلامنا وبجُرحه شُفينا» (اشعيا 53: 5)

إنّ مَنْ يحملُ بيدِه الإلهيّةِ كواكبَ السماء و ترتجفُ منهُ قوّاتُ السّماوات، ها هو يسقُط أرضًا ولا يحتمي، تحت نير الصليب الثقيل.

مَن حَمَلَ السلامَ إلى العالم أنهَكَته خطايانا فوقعَ مِن ثقلِ معاصينا.

«أيّها المؤمنون، ها هو مخلِّصُنا يسيرُ على طريقِ الجلجلة وقد أضنكَته العذاباتُ الُمرّةُ وخَارت قِواه. هلمّوا نشاهدْ هذا الحَدَثَ الغريبَ الفائقَ التصوّر والوصف. لقد قُوِّضَت أساساتُ الأرض وسادَ الحاضرينَ خوفٌ رهيبٌ عندما رزحَ الخالقُ والإلهُ تحت الصليب وانقادَ إلى الموتِ حبًّا بالبشريّة جمعاء» (من الليتورجيا الكلدانيّة)

ربّنا يسوع، أنهِضْنا من سقطتِنا وأعِد الحقيقةَ إلى عقلِنا التائه. لا تسمحْ للعقل البشريّ الّذي خلقتَه لكَ بأن يكتفيَ بالحقائقِ الجُزئيّة الّتي يكشِفُها العالم والتكنولوجيا، وينأى عن طرحِ السؤالِ الأساس حولَ معنى الوجود (راجع الرسالة الحَبريّة: باب الإيمان، فقرة 12).

أعطِنا، يا ربّ، أن ننفتحَ لعملِ روحِك القدوس فيقودَنا إلى ملءِ الحق. آمين.

  أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

كابَدَتِ الموتَ مُرّاً قد أهالَ القلبَ جهراً من جرا الإبنِ الحبيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الرابعة 

يسـوع يلتقـي بأُمِّــهِ

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«وبَاركَهُما سمعان، ثم قالَ لمريمَ أمِّهِ: «ها إنَّه جُعِل لسقوطَ كثيرٍ من الناس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية مُعرّضة للرفض. وأنتِ سيَنفُذُ سيفٌ في نفسِكِ لتنكشفَ الأفكارُ عن قلوبٍ كثيرة «. وكانت أمُّه تحفظ تلك الأمور كلّها في قلبِها» (لوقا 2: 34-35 – 51 ب)

إلتقى يسوعُ المجروحُ والمتألّم بأمِّه مريمَ وهو يحمل صليبَ البشريّة والتقى من خلالها البشريّةَ جمعاء.

مريم أمُّ الله هي التلميذة الأولى للمعلّم. إلتقت بالكلمة المتجسِّد منذ أن قَبِلت كلمةَ الملاك وصارت هي هيكلَ اللهِ الحيّ. إلتقت به ولم تفهمْ كيف أن خالقَ السماءِ والأرض اختارها هي، الصبية المخلوقة، لكي يتجسّدَ في هذا العالم. إلتقت به في بحثِها الدائم عن وجهه، في صمتِ القلب وفي تأمّلِ الكلمة. كانت تظنُّ أنّ عليها هي أن تبحثَ عنه. إنّما في الحقيقة هو الّذي كان يبحثُ عنها.

وهو إذ يحمِلُ صليبَه الآن، يلتقي بها.

يتألمُ يسوعُ لرؤيةِ أمِّه تتألّمُ، وتتألّمُ مريم لألمِ ولدِها. من هذا الألمِ المشتركِ تُولَدُ بشريّةٌ جديدة. «السلامُ عليكِ! أيّتها القدّيسةُ الممَجّدةُ العذراءُ الدائمةُ، أمَّ الله وأمَّ المسيح، نتوسّلُ إليك أن ترفعي صلاتنا إلى ابنِكِ الحبيبِ لكي يغفرَ لنا خطايانا» (من الليتورجيا القبطيّة)

ربَّنا يسوع، إنّ في عائلاتِنا عذابًا يسبِّبُه الأهلُ لأولادِهِم وآخرُ يسبّبه الأولادُ لأهلهم. إجعل يا ربُّ أن تكونَ عائلاتِنا في هذه الأزمنةِ الصعبَة أمكنةً لحضورِك لكيما تتحوَّل عذاباتُنا فرحًا. كنْ أنت عضدًا لعائلاتِنا واجعل منها واحاتِ حبٍّ وسلامٍ وطمأنينةٍ على غرارِ عائلةِ الناصرة. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

أيُّ قلبٍ ليسَ يبكي إذْ يرى العذراءَ تشكي   حُزنَ أحشاها المُذيب

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قـلبــي منـطبـعـة

 

المرحلة الخامسة 

سمعان القيرواني يساعد يسوع في حملِ صليبِهِ

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«وبينما هم ذاهبون به، أمسكوا سمعانَ، وهو رجلٌ قيروانيٌّ كان آتيـًا من الريف، فجعلوا عليه الصليبَ ليحمِلَهُ خلْفَ يسوع» (لوقا 23/ 26).

لقاءُ يسوعَ بسمعان القيرواني لقاءٌ صامتٌ وأمثولةُ حياة. أنَّ اللهَ لا يُريدُ الألمَ ولا يقبلُ بالشّر، وكذلك الإنسان. ولكنّنا إذا تقبلّنا الألمَ بالإيمانِ نحوّلُه إلى طريقِ خلاص. فلنتقبـّـلـْهُ إذًا مثلَ يسوع ولنشاركْ في حَملِه مثلَ سمعان.

ربَّنا يسوع، لقد أشركتَ الإنسانَ في حَمل الصليبِ ودَعوتَنا إلى مشاركتِك الآلام. إنّ سمعان يشبهُ كلّ واحدٍ منّا وهو يُعلِّمنا أن نقبلَ الصليبَ الّذي يعترضُنا على دروبِ الحياة.

على مثالِكَ يا ربّ، نحملُ اليومَ صليبَ الألمِ والمرض والإعاقة، ولكنّنا نقبلُه لأنّك معنا.

قد يُسمّر المرضُ إنساناً على الكرسيّ ولكنّه لا يمنعه من الحلم.

قد يظلمُ البصرَ ولكنّه لا يُطاولُ البصيرة.

قد يَصمُّ الآذان ولكنّه لا يمنعُ من الإصغاء.

قد يَربِط اللسان ولكنّه لا يروي العطشَ إلى الحقّ.

قد يُثقل الروح ولكنّه لا يسلب الحريّة.

يا ربّ، نريد أن نكونَ تلاميذَك لنحملَ صليبَك كلَّ يوم. نحملُه بفرحٍ ورجاءٍ لأنّك تحملُه معنا ولأنَك انتصرتَ على الموتِ من أجلنا.

نشكُرك، يا ربّ، من أجل كلّ مريضٍ ومتألّمٍ يعرفُ أن يشهدَ لحبِّك، ومن أجل كلّ «سمعان» تضعُه في طريقِنا. آمين.

  أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

مَنْ يُطيقْ مُرَّ التَفَكُّرْ أو بآلامها التذكُّرْ حينَ لاقاها الحَبيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلـبي منـطبـعـة

 

المرحلة السادسة

فيرونيكا تمسحُ وجهَ يسوع

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«فيك قال قلبي: «إلتَمِسْ وَجههَ «، وَجهَكَ يا ربِّ ألتَمِس. لا تَحجُب وجهكَ عني ولا تنبِذ بغضبٍ عبدَك. ناصراً كنت لي فلا تخذُلني ولا تتركني يا إله خلاصي» (مزمور 27: 8-9).

وَسْطَ الجموعِ الغفيرةِ بحثَتْ عنكَ فيرونيكا، بحثت إلى أن وجدَتكَ. ولمَّا كان ألمُكَ في الذروة أرادت أن تخفِّفَ منهُ فمسحَتْ وجهَكَ بمنديلِها. إنّها لَخُطوةٌ صغيرة، إلاّ أنَّها عبّرت عن كامل حبّها لكَ وعن كامل إيمانِها بكَ. ولا تزالُ تلك الخطوةُ مطبوعةً إلى اليوم في ذاكرةِ التقليد المسيحيّ.

وجهَك يا ربّ نَنشُد. تذكّرُنا فيرونيكا أنّك حاضرٌ في كلّ شخصٍ يتألّمُ وهو يسلُكُ طريقَهُ إلى الجُلجُلة. يا ربّ، أعطِنا أن نجدَكَ في الفقراءِ إخوتِك الصغار، لكي نمسَحَ دمعَ من يبكي، ونهتمَّ بمن يتألّمُ ونساعدَ الضعيف.

تعلّمُنا، يا ربّ، أن الإنسانَ المَجروحَ والمنسيَّ لا يفقُد قيمتَه وكرامتَه، بل يبقى، في الخَفاء، علامةَ حضوركَ في العالم. ساعِدْنا على أن نمسحَ آثارَ الفَقرِ والظلم عن وَجْهِهِ لكي تظهرَ فيه صورتُكَ البَهيّة.

نُصلّي من أجلِ جميع الّذين يُفتّشونَ عن وجهِكَ ويَلقونَهُ في وجوهِ المشرَّدين والفقراءِ والأطفال المعرَّضين للعنف والاستغلال. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

من معاصي الشعبِ تَلقى بالعذابْ يسوعَ مُلقى مُحتَمِلاً جلداً مُذيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة السابعة

يسوع يقع مرّة ثانية تحت الصليب

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«جميع الّذين يرَونني يسخَرون بي ويفغرون الشفاه ويهزّون الرؤوس، لا تتباعدْ عنّي فقد اقتربَ الضيقُ ولا مُعين» (مزمور 22: 8- 12)

يجدُ يسوعَ نفسه وحيدًا تحت ثقل الصليب الداخليّ والخارجيّ. انه السقوطُ عندما يُصبحُ وزنُ الشرِّ ثقيلاً وعندما يتخطّى الظلمُ والعنفُ كل حدود.

ولكنّ يسوعَ ينهضُ من جديد وكلُّهُ ثِقةٌ بأبيه. في مواجهة البشر الّذين يتركونه لمصيره، تنهض به قوّةُ الروح وتجعلُه في اتحادٍ كلّي ومشيئة الآب، مشيئةَ الحبِّ القادر على كلّ شيء.

ربَّنا يسوع، في سقوطكَ الثاني نتلمّسُ أوضاعَنا المستعصية، كتلكَ المتأتِّية من الأحكامِ المسبقة والكراهية الّتي تقسّي القلوب وتقود إلى الحروب الدينيّة.

أنِر ضمائرَنا حتى نعترفَ، على الرغم من «خلافاتِنا البشريّة والدينيّة»، بأنَّ ثمّة شعاعٍ من الحقيقة ينيرُ كلَّ الناس، وهم مدعوّون إلى السيرِ معًا - في إطار احترام الحريّة الدينيّة – نحو الحقيقةِ الّتي هي في الله دونَ سواه. بذلك تستطيعُ الدياناتُ كافةً أن تلتقيَ معاً لخدمة الخير العام و للمساهمة في تكامُلِ كلِّ شخصٍ و في بناء المجتمع (راجع الإرشاد الرسولي: الكنيسة في الشرق الأوسط، الفقرتان 27-28)

تعالَ أيّها الروحُ القدسُ لتعزّيَ المسيحيّين وتقوِّيَهم، وبخاصّة مسيحييّ الشرق الأوسط، لكيما باتحادِهِم مع المسيح، وعلى هذه الأرض المُمزّقةِ بالظلم والحروب، يشهدوا لحبِّك الشموليّ. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

وتَرى المولودَ منها مائتاً مَفروقاً عنها مُرتَفِعاً فوقَ الصليبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الثامنة

يسوع يعزّي بنات أورشليم

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«وتبعَهُ جمعٌ كثيرٌ من الشعب، ومن نساءٍ كُنَّ يضرِبْنَ الصدورَ وَيَنُحْنَ عليه. فالتفَتَ يسوعُ إِلَيْهِنّ،َ فقال: «يا بناتَ أورشليم، لا تَبْكِينَ عليَّ، بل ابْكِينَ على أنفسِكُنَّ وعلى أولادِكُنَّ» (لوقا 23: 27-28). على طريق الجلجلة، يلتقي الربّ بناتِ أورشليم. كُنَّ يبكين لعذاباته وكأنّه عذابٌ لا رجاءَ بعده. لم يَرَينَ في الصليبِ إلاّ خشبةَ اللعنة (تث 21/23)، في حين رأى فيه السيّدُ وسيلةَ فداءٍ وخلاصٍ بآلامِهِ وصَلْبِه.

وَهَبَ يسوعُ حياتَه فداءً عن الكثيرين فحملَ أثقالَ المُتْعَبِينَ وعزّى الحزانى. مسحَ دموعَ بناتِ أورشليمَ، وفتحَ عيونَهنَّ على حقيقة الفصح.

عالمُنا اليوم مليءٌ بالأمّهات الثكالى وبالنساء المجروحات في كرامتهن، وقد عَنَّفَهُنّ التمييزُ والظلمُ والألمُ (راجع الإرشاد الرسولي: الكنيسة في الشرق الأوسط، فقرة 60)

أيّها المسيحُ المتألم، كُنْ سَلامَهُنَّ وبَلسَمَ جِراحِهِنَّ.

أيّها الربُّ يسوع، بتَجَسُدِكَ من مريم «المباركة بين النساء» (لو 1/28)، رفعتَ كرامةَ كلِّ امرأة.

بتَجَسُّدِكَ وَحَّدْتَ الجنسَ البشريّ (غل 3/26-28)

فليَكُنْ يا ربّ لقاؤُنا بكَ مُبتغى قلوبِنا، ولتكن مسيرتُنا الملأى بالآلام مسيرةَ رجاءٍ دائمٍ، معكَ وإليكَ يا ملجأ حياتِنا وخلاصنا. آمين.

 

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

يا أمَّ يَنبوعِ المحبّة إمنَحيني مِنكِ هِبَة ألتوجُّعِ والنَحيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة التاسعة

 يسوع يقعُ مرّةً ثالثةً تحت الصليب

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«لأن محبَّةَ المسيح تأخُذُ بمَجامِع قلبِنا عندما نفكّرُ أنَّ واحداً قد ماتَ من أجل جميع الناس، فجميعُ الناس إذاً قد ماتوا. ومن أجلهِم جميعاً ماتَ، كيلا يحيا الأحياءُ من بعدُ لأنفُسِهِم، بل للذي ماتَ وقامَ من أجلِهِم» (كورنثوس 5: 14-15). للمرّةِ الثالثة يقعُ يسوعُ تحتَ صليبه المثقلِ بخطايانا، وللمرّةِ الثالثة يحاولُ النهوضَ بما تبقّى له من قوى ليُكملَ طريقَه إلى الجلجلة، رافضًا الانسحاق والوقوعَ في التجربة. إنطلاقًا من تجسّده، يحملُ يسوعُ صليبَ الألم البشريّ والخطيئة. لقد عاشَ ملءَ طبيعته البشريّة طيلةَ أيّـامِهِ فأظهَرَ للبشر أنّهم قادرون على الغلبة وأنَّ طريقَ البنوّة الإلهيّة سالكٌ.

أيّها الربّ يسوع، إنّ الكنيسةَ المولودةَ من جنبك المفتوح ترزحُ تحت صليبِ الإنقساماتِ الّتي تُبعدُ المسيحيّين عن بعضهم البعض وعن الوحدةِ الّتي أردتَها لهم. إنهم يحيدون عن رغبتك في «ان يكونوا واحدًا» (يو 17/21) كما أنتَ والآبُ واحد. إنَّ هذا الصليبَ يُثقِلُ حياتَهم وشهادتَهم المشتركة. أعطِنا يا ربُّ الحكمةَ والتواضعَ لكي ننهضَ ونسيرَ على طريقِ الوَحدةِ في الحقِّ والمحبّة، ولا نقعَ في تجربةِ اللجوءِ إلى معاييرِ المصالحِ الشخصيّة أو الفئويّةِ عندما تعترضُنا الإنقسامات (راجع الإرشاد الرسولي: الكنيسة في الشرق الأوسط، فقرة 11).

أعْطِنا أن نتخلّى عن نَزعةِ الإنقسام «لئلا يبطُلَ صليبُ المسيح» (1 كور 1/17). آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

إمنَحي ناراً لقلبي يَشتَعِل بيسوعَ ربّي صاحبِ الحُبِّ العجيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة العاشرة

يسوع يُعرّى من ثيابه

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«يقتسمون بينَهم ثيابي ويقترعون على لباسي» (مزمور 22 : 19).

في مِلء الأزمنة، لبستَ يا ربُّ إنسانيّتنا، «أنتَ الّذي تملأ طيّاتُه الهيكل» (أش 6/ 1). ها أنت اليومَ بيننا والّذين يمسّون طَرف ثوبك يُشفون. غير أنّنا حتى من هذا الثوب جرّدناك. ربِّ! سلبناك رداءك، أعطيتنا حلّتك (راجع متى 5/ 40). سمحت بتمزيق رداء جسدك لكيما نُقبل مجدّدًا في حضرة الآب (راجع عب 10/ 19-20)

اعتقدنا أنّنا نستطيعُ تحقيقَ ذواتِنا باستقلالِنا عنكَ (راجع تك 3-7). فوجدنا انفُسَنا عُراةً، ولكنَّ حُبَّك اللامُتناهي ألبَسنا كرامةَ أبناءِ الله وبناتِه و نعمتك المقدّسة. هَبْ، يا ربّ، أبناء الكنائس الشرقيّة – وقد عرَّتهم الصعابُ المختلفة إلى حدِّ الاضطهاد أحيانًا وأضعفتهم الهجرة – شجاعةَ البقاء في بلدانِهم لإعلانِ البشارة.

يا يسوعُ ابنَ الإنسان، تعرّيتَ لتُظهِرَ لنا الخليقةَ الجديدةَ القائمةَ من الموت، إنزَع عَنَّا الحجابَ الّذي يُباعِدُنا عن الله وانسج فينا حضورَك الإلهيّ.

هَبنا أن ننتصرَ على الخوف أمام حوادث الحياة الّتي تعرّينا، وأن نكتسِيَ إنسانَ المعموديّة الجديد فننطلقَ للتبشير معلنين أنك أنت الإله الوحيد سيّد التاريخ. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... | السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

إجعلي أمّي الحزينة ألجراحاتِ الثمينة قلبَنا القاسي تُصيب

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الحادية عشرة 

يسوع يُسمّر على الصليب

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«فأسلمه إليهم ليُصلب. وكتب بيلاطس رقعةً وجعلها على الصليب، وكـان مكتوبـاً فـيـها: «يسوع النـاصـري ملك اليهـود (يوحنا 19: 16 أ – 19).

ها هو المسيحُ المنتظَر، معلّقٌ بين لصّين على خشبةِ الصليب. إن يديه الّلتين باركتا البشريّةَ مجروحتان، ورجليه الّلتين وطأتا أرضَنا لإعلانِ البشارة معلّقتانِ بين أرضٍ وسماء. إن عينيه المليئتينِ حبًّا والّلتين شفتا المرضى بنظرةٍ واحدةٍ وغفرتا خطايانا، لا تحدّقان إلاّ بالسماء. أيّها الربّ يسوع، لقد صُلبتَ لأجل معاصينا، وها أنت تصلّي إلى الله الآب وتتشفعُ من أجل البشريّة. إن كلّ ضربة مِطرقةٍ هي بمثابةِ خفقة من خفقات قلبك المذبوح.

ما أجملَ قَدَمَيْ من بشّر بالخلاص على جبل الجلجلة. يا يسوع لقد ملأ حبَّك الكون. يداك المجروحتان هما ملجأنا في زمن الضيق ، تحتضناننا في كلّ مرّة تتهدَّدُنا هوّةُ الخطيئة، وفي جراحك نجدُ الشفاءَ والغفران.

يا يسوع، نصلّي لك من أجل الشبابِ الّذين طغى عليهم اليأس، ومن أجل ضحايا المخدَّرات والبِدَع والإنحرافات.

حرّرهم من العبوديّة ليرفعوا أَعيُنهم ويستقبلوا الحبّ ويكتشفوا السعادةَ فيك، خلّصهم يا مخلّصَنا. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات...  السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

إبنُكِ مَجروحْ مُؤلَّمْ وهو من أجلي تألّمْ أعطني منه نصيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الثانية عشرة 

يسوع يموت على الصليب

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«فصاح يسوع بأعلى صوته قال: «يا أبتِ، في يديكَ أجعلُ روحي!» قال هذا ولفظ الروح» (لوقا 23: 46)

صرخةٌ صرختَها من على الصليب، صرخةُ تسليم في لحظة الموت، صرخةُ ثقةٍ في غمرة الألم. إنّها صرخةُ المخاض الّتي تُطلقُ الحياةَ الجديدة. ها أنت معلّق على شجرةِ الحياة حيث أسلمتَ الروحَ بين يدي أبيك ففاضتِ الحياةُ وأبدعتَ الخليقةَ الجديدة. نحن نواجه اليوم تحدّياتِ هذا العالم ونشعرُ بأنّنا نغرقُ في أمواجِ انشغالاتنا وأنَّ ثقَتَنا تتزعزع. فاعطِنا يا ربُّ القوة لندرك في أعماقنا أنّه ما من موتٍ ينالُ منا ما دمنا بين يديك الّلتين تخلقانِنا وترافقانِنا.

فيَـهتـفُ كلّ واحـد منـا قـائـلاً:

«بالأمسِ كنتُ مصلوبًا مع المسيح، واليوم أنا مُمجّد معه»

«بالأمسِ كنتُ مائتًا معه، واليوم أنا حيٌّ معه»

«بالأمسِ كنتُ مدفونًا معه، واليوم أنا قائم معه» (غريغوريوس النزيانزي)

في عتمةِ ليالينا ننظر إليك فعلّمنا أن نتطلع إلى العَليّ، إلى أبيك السماوي.

نصلّي اليوم من أجل كلّ من يشجّعُ على الإجهاض كي يعيَ أنَ الحبَ لا يكونُ سوى مصدرِ حياة. كما نذكرُ كلّ من يدافعُ عن القتلِ الرحيم ويشجعُ التقنيات والوسائلَ الّتي تهدّدُ الحياة البشريّة. افتح قلوبَهم ليعرفوك بالحق ويلتزمُوا بناءَ حضارةِ الحياة والحب. آمين.

أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

أشركيني في نَحيبِكْ حينَما عُلِّق حَبيبِكْ واجرَحي قلبي الكَئيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الثالثة عشرة 

يسوع يُنزل عن الصليب ويُوضع في حضن أمه

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«فرأى يسوع أمه وإلى جانبها التلميذ الحبيب إليه. فقال لأمِّه: «أيتها المرأة، هذا ابنك». ثم قال للتلميذ: «هذه أمُّك» (يوحنا 19: 26 – 27 أ) يا يسوع، إنّ من يحبّك يبقى معك ويحافظ على الإيمان. في ساعة الاحتضار والموت، عندما يخيَّل إلى الناس أنّ الشرَّ قد انتصر، وان صوت الحقّ والحب والعدالة والسلام قد خَفَت، يبقى هو على إيمانه.

يا مريم، إنّنا نضع أرضَنَا بين يديك. «انه لَمنَ المحزنِ حقّاً رؤيةُ هذه الأرض المباركة تتألمُ في أبنائها الّذين يتقاتلونَ بضراوة ويموتون» (راجع الإرشاد الرسوليّ: الكنيسة في الشرق الأوسط، فقرة 8). أن لا شيءَ قادرٌ على استئصال الشر والإرهاب والقتل والكراهية. «امام الصليب الّذي بسط عليه ابنك يديه الطاهرتين لخلاصنا، نسجد اليوم يا مريم، فأعطِنا السلام» (الليتورجيا البيزنطيّة)

نصلّي من أجل ضحايا الحروب وأعمال العنف المستشرية حاليًّا في بلدان عدّة من الشرق الأوسط وفي أجزاءٍ أخرى من العالم. نصلّي من أجل عودة اللاجئين والمُهجرين إلى منازلهم وأراضيهم بأقصى سرعة. إجعل يا ربُّ من دَم الضحايا البريئة بذارَ شرقٍ جديد يكونُ أكثر اخوّةً وأكثرَ سلامًا وأكثر عدالة. وليعُد هذا الشرقُ إلى رسالته البهيّة، مهدًا للحضارات والقيمِ الروحيّة والإنسانيّة.

يا نجمةَ الشرق، بشِّرينا بطلوع الفجر. آمين.

  أبانا الّذي في السّماوات... السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

إمنَحي عَبداً ذَليلاً أن يكون لَكِ خَليلاً ناجياً منَ اللَهيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة

 

المرحلة الرابعة عشرة 

يسوع يوضع في القبر

نسجـدُ لكَ أيهـا المسـيح ونبـارِكـُك لأنـَّك بصليبـك المقـدّس خلَّصتَ العـالـــم

«وجاء نيقوديمس أيضًا، وهو الّذي ذهب إلى يسوع ليلاً من قبل، وكان معه خليط من المرّ والعود مقداره نحو مائة درهم. فحملوا جثمان يسوع ولفّوه بلفائف مع الطيب، كما جرت عادة اليهود في دفن موتاهم» (يوحنا 19: 39-40). يتسلّم نيقوديموس جسد المسيح، يعتني به ويُنزِلُه في القبر داخلَ حديقة تذكّرُ بحديقة الخَلقْ. يترك يسوعُ للبشر أمرَ صلبهِ ودفنِه «مسلّمًا» ذاته كليًّا و»متّحدًا» معهم تمامًا «إلى حدّ النوم تحت صخرة القبر» (القدّيس غريغوريوس الناريكي). إن تقبّلَ الصعاب والأحداث المؤلمة والموت يتطلّب رجاءً راسخًا وإيمانًا حيًّا.

انّ الحجر الموضوع على باب القبر سيُدَحرَج وتبزغ حياة جديدة. «فدُفنّا معه في موته بالمعموديّة لنحيا نحن أيضًا حياة جديدة، كما أقيمَ المسيحُ من بين الأمواتِ بمجدِ الآب» (رو 6/ 4). لقد حصلنا على حرية أبناء الله لئلا نعود إلى العبوديّة، وقد أُعطيت لنا الحياةُ بوفرةٍ لئلا نكتفيَ بحياةٍ تفتقرُ إلى الجمالِ والمعنى.

يا يسوعُ ربّنا، اجعلنا ابناء النور، لا نخشى الظلمة. نصلّي اليكَ اليومَ عن نِيَّةِ مَن يبحثونَ عن معنًى لحياتهم، وأولئكَ الّذين فقدوا الرجاء، لكي يؤمنوا بانتصارك على الخطيئة والموت. آمين.

  أبانا الّذي في السّماوات...  السلام عليكِ يا مريم ...

إرحمنا يا رب / إرحمنا / فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين / برحمة الله والسلام. آمين

 

إذ يموتُ الجِسمُ منّي بَلّغي نفسي التمنّي مَجدَ فادينا الحَبيبْ

أيّتها الأمُّ القدّيسة إجعلي جِراحات وحيدِكْ   في قلبي منطبعة








All the contents on this site are copyrighted ©.