2013-03-05 13:50:12

بندكتس السادس عشر: التجدّد الحقيقيّ في الكنيسة ينطلق من اللقاء بالمسيح القائم من الموت


في لقائه الأخير مع كهنة أبرشيّة روما في الرابع عشر من شباط فبراير الماضي أكد البابا بندكتس السادس عشر أن رجاء تجدّد حقيقي في الكنيسة يحمل إنجيل المحبّة لشعوب كل الأزمنة يجب أن ينطلق من اللقاء بالمسيح القائم من الموت، نداء ميّز حبريّة البابا بندكتس السادس عشر بكاملها ولا سيّما خلال زيارته الرسوليّة إلى ألمانيا في أيلول 2011. رجاءٌ عاد يدوي مجددًا وبشكل قوي في الأيام الأخيرة من حبريّته.

"إن أزمة الكنيسة الحقيقيّة في العالم الغربي هي أزمة إيمان" بهذه القناعة أكّد البابا بندكتس السادس عشر، خلال زيارته إلى ألمانيا، أن الوقت قد حان لنبتعد عن روح العالم، ونقتلع من الكنيسة ما هو من روح العالم، وذلك لا يعني بالطبع الهروب من العالم بل على العكس. فالكنيسة التي لا يثقلها روح العالم بإمكانها أن تتواصل مع البشر بشكل أفضل لاسيما في مجال الخدمة-الاجتماعيّة. لذا يجب علينا أن نتخطى التجارب التي تعرّض لها يسوع في البريّة كما قال البابا في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في السابع عشر من شباط الماضي والتي "تكمن نواتها دائما في استغلال الله لمصالح خاصة من خلال إعطاء الأهمية للنجاح أو الخيور المادية. إن المجرّب ماكِر، إذ لا يدفع مباشرة نحو الشر، إنما نحو خير مزيّف باطل من خلال الإيهام بأن الوقائع الحقيقية هي السلطة وما يلبي الحاجات الأولية".

تحدث البابا بندكتس السادس عشر مرارًا عن "فائض في الهيكليّة نسبةً للروح". وأكّد أن الأمثلة التاريخيّة تدلُّ على أن الشهادة الرسوليّة لكنيسة متحررة من روح العالم تظهر بشكل أوضح، فبتحررها من الأثقال والامتيازات الماديّة والسياسيّة، تتمكن الكنيسة من تكريس ذاتها بشكل أفضل للعالم بأكمله، ومن الانفتاح الكليّ عليه، فتتمكن عندها من عيش دعوتها في عبادة الرب وخدمة القريب: "فالكنيسة تحيا، وتنمو بالأنفس التي، وعلى مثال مريم العذراء، تستقبل كلمة الله وتلدها بفعل الروح القدس، فتقدّم أجسادها للرب، وبضعفها وتواضعها تصبح قادرة على إعطاء المسيح اليوم للعالم".

أكد البابا بندكتس السادس عشر بثقة أن التاريخ نفسه هو الذي يأتي لمساعدة الكنيسة من خلال حقبات العلمنة المتعددة التي ساهمت بشكل أساسيّ في تطهيرها وإصلاحها الداخليّ. في الواقع إن العلمنة على مختلف أشكالها قد شكّلت في كل مرّة تحررًا للكنيسة من أشكال العولمة: فإذا بها تتعرّى من غناها الأرضي لتعانق مجددًا فقرها الأرضي بملئه. كما ذكّر في مقابلته العامة في السابع والعشرين من شباط الماضي: " في هذا الوقت أشعر بثقة كبيرة لأنني أعرف، وكلنا نعرف أن كلمة الإنجيل الحقّة هي قوّة الكنيسة وحياتها. الإنجيل يُطهِّر ويُجدِّد ويُثمر حيث تسمعه جماعة المؤمنين وتقبل نعمة الله في الحق وتحيا بالمحبة، وهذه هي ثقتي وهذا هو فرحي!"

وفي حديث له عن الطوباوية الأم تريزا دي كالكوتا قال البابا بندكتس السادس عشر: سألها أحد الصحافيين مرة "برأيكِ ماذا يجب أن يتغيير في الكنيسة؟ فأجابت "أنا وأنت" فالتجدّد الحقيقيُّ  يبدأ بارتداد شخصيٍّ ومستمر، وهذا ما ذكر به البابا كهنة أبرشيّة روما في آخر لقاء له معهم إذ حثهم قائلاً: "إنه واجبنا، خصوصا في سنة الإيمان هذه، علينا أن نعمل في هذه السنة لكيما وبقوّة الروح القدس يتحقق المجمع الفاتيكاني الثاني وتتجدّد الكنيسة. نأمل أن يساعدنا الرب، وأنا في خلوتي وصلاتي سأكون دائمًا معكم، ومعًا سنسير إلى الأمام مع الرب واثقين بأن الرب سينتصر.








All the contents on this site are copyrighted ©.