2013-02-22 16:21:45

البابا وكرسي بطرس: يتابع المسيح بناء كنيسته بواسطة بشر ضعفاء


تحتفل الكنيسة اليوم بعيد كرسي بطرس. عيد قديم العهد، سمح بتطوير تعليم طويل حول دور وسلطة الحبر الأعظم. لقد ساهم تعليم البابا بندكتس السادس عشر خلال هذه السنوات أيضا في إغناء هذا الإرث لاسيما بعد اختياره التخلّي عن الخدمة البطرسيّة.

إدراك عميق وواع، اكتسبه البابا بندكتس السادس عشر كشاب وإكليريكي ككاهن وأسقف وأخيراً كحبر أعظم في اللقاء اليومي بالكتاب المقدس من خلال القراءة والدرس والتأمل، لقاء مستمرّ مع صفحات الحقيقة الإلهية عاشه بتواضع آباء الكنيسة. من هو بطرس؟ كم من مرّة طرح بندكتس السادس عشر هذا السؤال على ذاته، وبحث عن الجواب بتواضع وثبات حيث تكلّم الله مع البشر وابنه مع شعبه الجديد، وحيث كمسيحيّ وبعدها كراع، أراد جوزيف راتزينغر أن يغذّي الروح والعقل من خلال التعمّق في العهدين القديم والجديد.

"في خدمة بطرس يظهر، من جهة، ضعف ما هو خاص بالإنسان، ولكن تظهر معه أيضا قوّة الله: ففي ضعف البشر يُظهر الرب قوته، مبيّناً أنه هو الذي يبني كنيسته بواسطة بشر ضعفاء." (عظة عيد القديسين بطرس وبولس، 29 حزيران 2006) هذا ما أعلنه دائما البابا بندكتس السادس عشر. فبينما يحاول العالم فهم قرار الأب الأقدس واضعا له أُطراً بحسب معاييره ومقاييسه، نقرأ نحن المسيحيين هذا القرار ونفهمه في ضوء الإيمان، ذلك الإيمان نفسه الذي غذّاه البابا بندكتس السادس عشر لسنين طويلة، والذي حمله ليقول مراراً وتكراراً أن الكنيسة ليست لبطرس وإنما للمسيح الذي بدونه يصبح موجّه الدفة بحاراً تائها بين عواصف التاريخ. يكفي أن نقرأ الإنجيل، إذ به كلّ شيء مكتوب: بحرٌ هائج، وبطرس الذي لا يعرف ماذا يفعل والمسيح الذي يهدِّئ العاصفة: "من خلال هذه السقطة، يجب على بطرس، ومعه كل خليفة له، أن يتعلّم أن قوّته وحدها لا تكفي لبناء وقيادة كنيسة الرب. ما من أحدٍ ينجح وحده. فبقدر ما بدا بطرس قادر وقدير فقد فشل منذ اللحظة الأولى للتجربة." (عظة عيد القديسين بطرس وبولس، 29 حزيران 2006) 

بطرس هو الصخرة لأن المسيح هو الذي جعله كذلك. ليست إذا صفة بشريّة تُكتسب مع اعتلاء السدّة البطرسيّة ولكنها، وتبقى هبة إلهيّة. هكذا، وبتخلّيه عن الخدمة البابوية أظهر الأب الأقدس أن بطرس ليس إلا رجلا دُعي لإتّباع سيّده الأوحد يسوع المسيح، بإيمان بسيط ومتواضع: " كل ما في الكنيسة يرتكز إلى الإيمان: الأسرار، الليتورجية، الكرازة بالإنجيل والمحبة. وحتى السلطة في الكنيسة تستند إلى الإيمان، إذ إن الكنيسة لا تضع قوانينها وأنظمتها بنفسها بل تنال هذه القوانين من كلمة الله التي تصغي إليها وتحاول أن تفهمها وتعيشها." (عظة القداس مع الكرادلة الجدد، 19 شباط 2012)

لقد غيّر تخلّي الأب الأقدس عن خدمته البابوية نظرة العالم تجاه ممارسة السلطة، فبطرس يرأس الكنيسة بالمحبّة: "وبالتالي، "أن ترأس بالمحبة" يعني أن تجذب البشر في عناق إفخارستيّ، عناق المسيح، الذي يتخطى كلّ العوائق ويخلق الشراكة في الاختلافات المتعددة. فالخدمة البطرسيّة هي إذا رائدة في المحبة، بمعنى آخر، عناية بشركة الكنيسة الجامعة في المسيح." (عظة القداس مع الكرادلة الجدد، 19 شباط 2012)








All the contents on this site are copyrighted ©.