2013-02-06 14:51:20

الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة


في السادس من شباط 2013 عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير والرؤساءِ العامّين للرهبانيّات المارونيّة بدعوةٍ خاصة من صاحب الغبطة والنيافة، وحَضر في جانب منه رئيس الرابطة المارونية والمرشَّحون لانتخاباتها. وتدارسوا شؤونا كنسيّة ومارونيّة ووطنيّة، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:

توقّف الآباءُ عند النقاشات المستفيضة التي تدور حول موضوع قانون الانتخاب النيابي، الذي وُضعت له مشاريعُ متعدّدة تناولته من كلّ جوانبه. فبات لزاماً، والمِهَلُ الدستورية الفاصلة عن موعد الانتخابات أضحت ضيّقة للغاية، أن يتوافقَ الأفرقاءُ السياسيّون على اختيارِ القانونِ الأمثل، بحيث يحقّق التمثيلُ الوطني تمثيلاً يُطمْئِنُ جميع المواطنين، ويطبِّق قاعدةَ المناصفة الحقيقيّة والتساوي بين المسيحيين والمسلمين وفقاً للمادة 24 من الدستور، ويصونُ العيش المشترك الذي يضفي صفة الشرعية على السلطة كما تنصّ مقدّمة الدستور عينه.

يُعربُ الآباءُ عن قلقهم من مظاهر الأمن المكشوف وازديادِ الجريمة والخطف، وظاهرةِ الأمن بالتراضي ومعاداةِ الجيش والقوى العسكريّة والأمنيّة. وفيما هم يستنكرون بشدّة الإعتداءَ على الجيش اللبناني في بلدة عرسال الذي سقط ضحيَّته رائدٌ ورقيب، فإنّهم يُعربون عن تعازيهم لقيادة الجيش وأهلِ الشهيدَين. ويطالبون الدولة بتطبيقِ القوانين بحزم، ويَحثُّون  اللّبنانيين على احترام المؤسسات العسكرية والأمنيّة الشرعية، ومحضِها ثقتَهم، إذ يعودُ إليها وحدَها حقُّ وواجبُ توفيرِ الأمن والحماية لجميع المواطنين، وصيانةُ سيادةِ الدولة وهيبتِها التي منها كرامةُ المواطنين.

يعتبرُ الآباء أنّ النقاشاتِ السياسية يجبُ ألاّ تستأثرَ بالمشهد العام وتُنسي السلطاتِ المعنيّةَ شؤون المواطنين الحياتيّة، وفي طليعتِها الأزمةُ الاقتصادية والمعيشية الخانقة، ومشكلةُ الكهرباء التي باتت تُرهق كاهلَ اللبنانيين، وكِلفةُ الإستشفاء، وتراكمُ متوجّباتِ الدولة المالية تجاه المستشفياتِ والمدارسِ المجانية والمؤسساتِ الاجتماعية، وكارثةُ الأدوية الفاسدة، وقضيّةُ النقل وأزمةُ السَّير على كلِّ الطرقات اللبنانية، وآفةُ الفساد المستشري في الإدارات العامّة، هذه كلُّها تستصرخُ ضمائرَ المسؤولين وسائرِ الأفرقاء السياسيين. وتبقى الحاجةُ الأساسية توطيدَ الوحدةِ الداخلية والثقةَ المتبادلة بين اللبنانيين، وتعزيزَ روح التعاون والتكامل لخير الجميع. 

توقّف الآباءُ عند موضوعِ الزواج المدني وما أثاره من ردود فعلٍ وبلبلة في الرأي العام. ويهمُّهم أن يوضحوا أنّ الموضوع ذو وجهَين: دستوري وديني. فدستوريّاً، إقرارُ الزواج المدني في لبنان، إلزاميّاً كان أمْ اختياريّاً، يوجب على السلطة اللبنانية تعديلَ المادّة التاسعة من الدستور. فالدولةُ اللبنانيةُ تُلزم نفسها، حسب نصّ المادّة المذكورة، "بعد تأديةِ فروض الإجلالِ لله تعالى، بأن تحترمَ جميعَ الأديان والمذاهب... وتضمَنُ للأهلين، على اختلافِ مِلَلِهم، احترامَ نظامِ الأحوالِ الشّخصيّة والمصالحِ الدينية". بما أنَّ الزواجَ يدخل في صميمِ قوانينِ الأحوال الشَّخصية، لا يحقّ للدولة أن تخالف هذه المادّة الدستورية بإقرار الزواج المدني، دون تعديل الدستور.

أما دينيّاً، فالزواج مؤسّسةٌ إلهيّة طبيعيّة أسّسها الخالق وسنّ لها شرائعَ موحاة، ورفعها السيدُ المسيح، بالنّسبة إلى المسيحيين، إلى رتبة سرّ مقدّس من أسرارِ الإيمان الخلاصيّة السبعة. ولا يجوز أن يحلَّ الزواج المدني محلَّ هذا السرّ. أما الذين يعقدون زواجاً مدنيّاً، إذا كانوا مؤمنين، وبالتالي ملتزمين بشرائعِ كنيستِهم ودينهم، فعليهم أن يصحّحوا وضعَهم بعقد زواج ديني، لكي يتمكّنوا من المشاركة في أسرار الكنيسة الأخرى. وفي كلّ حال تقتضي الحاجةُ بتعزيز راعوية الزواج والعائلة، بحيث تتأمّنُ للشبيبة الثقافةُ الكتابيّةُ واللاهوتيّة والأخلاقيّة اللّازمة لعقد زواج سليمٍ يضمَنُ خيرَهم الشخصي وخيرَ عائلاتهم وخلاصَهم الأبدي.

يتقدّم الآباء من أبنائهم وجميع اللبنانيين بأحرِّ التهاني بعيد القديس مارون، مستمطرينَ بشفاعتِه النعمَ والبركاتِ على الجميع. وهم يدعون أبناءَهم وبناتِهم، على عتبةِ زمن الصوم المبارك، أن يكثِّفوا جهادَهم الروحي، ويتعمّقوا في حقائق إيمانهم، فيعبّروا عن هذا الإيمان في سلوكهم اليومي وفي التوبةِ عن خطاياهم بممارسةِ سرّ المصالحة مع الله والذات والناس، ويجدّدوا الثقة والأخوّة فيما بينَهم، ويبذلوا ما في وسعهم من أجلِ مساعدة المعوز والمتالِّم والمظلوم والمشرَّد، موجِّهين قلوبَهم وأفكارَهم نحو المسيح الذي علّمنا الصومَ والصلاةَ وبذلَ الذات من أجل الآخرين. 








All the contents on this site are copyrighted ©.