2013-01-09 14:19:51

الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة: دعوة لتغليب روح المحبة والتسامح والإلفة للإسهام في بناء السلام


في التاسع من شهر كانون الثاني سنة 2013، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير. كما شارك في الاجتماع الرؤساء العامّون للرهبانيّات المارونيّة. وبعد أن تدارسوا شؤونا كنسيّة ووطنيّة، أصدروا البيان التالي:

يوجّه الآباء، في مطلع هذا العام الجديد، الدعوة لذوي الإرادات الصالحة للالتزام بصنع السلام على أرضنا في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، هذه الأرض التي اختارها الله ليحقّق عليها سرّ الخلاص والفداء. ومنها أعلن المسيح الربّ سلامه للعالم. يشكّل السلام الغاية من عيش الشركة والشهادة وفقا للنهج الذي أطلقه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشّرق الأوسط: شركة وشهادة". وهم يدعون إلى استكمال الالتزام بتوطيد أُسس السلام، في ضوء الرسالة التي وجّهها الأب الاقدس بمناسبة اليوم العالمي للسلام، وهي بعنوان "طوبى لصانعي السلام" (متى5: 9). وفيها التأكيد أنّ السلام "هو في آن هبة الله وصنع الإنسان".

يشكر الآباء الله على ما أنعم على كنيستنا ووطننا في زمن الأعياد من تجدّد في الفرح والمحبة والعطاء، وما قام به أبناؤنا وبناتنا من مبادرات سخيّة تجاه الضعفاء والمحتاجين في هذا الزمن المقدس. وهم يصلّون من أجل نبذ العنف وإحلال السلام في سوريا، ويثنون على الخدمة الإنسانية التي تتوفّر للنازحين من سوريا إلى لبنان. لكنّهم يقلقون لتزايد عددهم يوما بعد يوم، ومن بينهم عدد من الفلسطينيين. فالقضيّة الإنسانيّة التي تتطلّب تضافر قوى الجميع، تحتاج في الوقت عينه إلى ربط التعاطف الإنساني بواجب السلطة اللبنانية اتّخاذ التدابير اللازمة كي لا تؤدّي استضافة النازحين إلى مخاطر سياسيّة وأمنيّة واجتماعية لا يسع لبنان احتمالها.

يتطلّع الآباء إلى اجتماع اللجنة النيابية المصغرة لدراسة مشروع قانون جديد للانتخابات، يتجاوز قانون الستّين، ويضمن المناصفة الفعليّة والمساواة بين اللبنانيين، على أساس من التمثيل الحقيقي لكل مكونات الوطن، وأن يفتح صفحة جديدة تَعِد بمستقبل أفضل. لكنَّهم يرون وجوب تحديد جلسة عموميّة للمجلس النيابي منذ الآن، لكي يؤدّي هذا المجلس واجبه الوطني، فور انتهاء أعمال اللجنة وضمن المهل الدستورية.

إن الخروج من التعثّر في الحياة السياسية يستدعي الإتفاق السريع على تأليف حكومة جديدة مطابقة لقاعدة العيش المشترك، تكون قادرة على النهوض بالمهمات الوطنية، من مثل تأمين الإستقرار الأمني، والنهوض الإقتصادي والمعيشي، وإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وتجنيب لبنان تداعيات الأحداث المحيطة، وتحييده عن صراعات المحاور الإقليميّة والدوليّة.

يشدّد الآباء على ضرورة التمييز بين متطلبات الحكم في الدولة، والتزامات الأطراف السياسية الخاصة والفئوية. فنتائج الخلط بين المسألتين بادية في عرقلة المؤسّسات الدستوريّة، وفي سعي كلّ طرف إلى تجيير الدولة لصالحه، وفي تغطية الفساد الإداري وهدر المال العام، وخلق نوع من الأمن بالتراضي. إن دولة يمارس فيها هذا الخلط يكون مصيرها الحتمي الشلل والعجز فالانهيار.

في مطلع السنة الجديدة، يرفع الآباء صلاتهم الى الله كي يلهم المسؤولين أن يمارسوا عملهم في خدمة الخير العام بتجرّد وشفافيّة وإخلاص، ويعملوا على رصّ الصفوف والتضامن لمواجهة الأخطار المحدقة بالوطن. ويدعون أبناءهم وجميع اللبنانيين الى تغليب روح المحبة والتسامح والإلفة، كي يسهموا في بناء السلام في القلوب، وفي المجتمع اللبناني ومنطقة الشّرق الأوسط المعذّبة.








All the contents on this site are copyrighted ©.