2012-11-22 16:01:48

"واي بوفرتي": لمحة عن عقيدة الكنيسة الاجتماعية حول المحبة والمساواة والعدالة الاجتماعية (الجزء الثاني)


"واي بوفرتي" أو لماذا الفقر؟ حملة إعلامية على نطاق عالمي ترمي إلى تسليط الضوء على آفة الفقر في العالم. تشارك في الحملة وسائل إعلام من مختلف أنحاء العالم، ومن بينها راديو الفاتيكان الذي انضم إلى هذه المبادرة تماشيا مع تعاليم الكنيسة الاجتماعية والتزامها في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق مكافحة الفقر حول العالم. وهذا ما تفعله الكنيسة الكاثوليكية من خلال مؤسساتها الخيرية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، والملتزمة في مكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية ومد يد العون إلى كل شخص متألم ومحتاج بغض النظر عن الانتماءات الدينية، الثقافية، العرقية، اللغوية أو القومية. في رسالته العامة "السلام في الأرض" الصادرة في العام 1963 يقول البابا يوحنا الثالث والعشرون إن العلاقات بين المجتمعات السياسية يجب أن تتم في الحقيقة والعدل والتضامن والمحبة. ويقتضي العدل من السلطات السياسية الاهتمام بالأقليات الإتنية من جهة اللغة والثقافة والثروات والنشاطات الاقتصادية. ومن علامات الأزمنة التي رصدتها الرسالة رفض اللجوء إلى الحرب لإحقاق العدالة. أما الرسالة العامة "الكنيسة في عالم اليوم، فرح ورجاء" للسعيد الذكر البابا بولس السادس الصادرة في العام 1965 فتشدد على أن النظام الاجتماعي يجب أن يُبنى على العدالة. وتؤكد هذه الوثيقة أن على البشر أن يعملوا كي تسود العدالة، وأن السلام عمل العدالة. وفي الرسالة العامة "ترقّي الشعوب" (1976) حول الإنماء الشامل للشعوب، يرى البابا بولس السادس، مع المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني أنه "على خيرات الخلق أن تصب بإنصاف بين أيدي الجميع، بمقتضى سنة العدل الذي لا ينفصم عن المحبة". وأن التزامات الشعوب، النابعة من جذور الأخوة الإنسانية تقتضي "حق العدالة الاجتماعية". هذا وتثبت تعاليم السعيد الذكر البابا لاوون الثالث عشر في "الشؤون الحديثة": أن رضى الأطراف، إذا كانوا على وضع شديد التفاوت، لا يكفي لضمانة عدالة الفقر وأن حرية التبادل لا تكون منصفة إلا بخضوعها لمقتضيات العدالة الاجتماعية". وفي الرسالة العامة "فادي الإنسان" الصادرة في العام 1979 يعالج البابا يوحنا بولس الثاني الأخطار التي تهدد إنسان اليوم ويقول: "إن حالة الإنسان اليوم تبتعد على ما يبدو عما تطلبه العدالة، لافتا إلى أن حس العدالة يُظهر بشكل أشد ما يناقض العدالة في العلاقات بين الناس وبين الطبقات وبين الجماعات وبين الدول كما يؤكد البابا فويتيوا أن "مبدأ حقوق الإنسان أصبح مرتكزا للعدالة الاجتماعية". كما يقول البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني في معرض حديثه عن الفقر في الرسالة العامة المذكورة آنفا: كلنا نعرف جيدا أن المناطق التي تشكو من الجوع والفقر في العالم لأصبحت في وقت قصير مناطق خصب وازدهار، لو أن المبالغ الضخمة التي استخدمت لتكديس الأسلحة المعدة للحروب والانقلابات والخراب، قد وُظفّت في مجالات التغذية أعني فيما يخدم الحياة. كما يتطرق البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة "فادي الإنسان" إلى أهمية العدالة والمحبة الاجتماعية ويقول: إذا كان زمننا أي زمن جيلنا يقترب من الألف الثاني، يبدو رائعاً بما أحرز من تقدم، فإنه في الوقت عينه يبدو حافلا بأخطار من كل نوع تهدد الإنسان، وهي أخطار لا بدّ للكنيسة من أن تحدث عنها جميع الناس من ذوي الإرادة الصالحة وتحاورهم بشأنها. إن حالة الإنسان اليوم تبتعد على ما يبدو عمّا يقتضيه النظام الأدبي "الوضعي" وتتطلبه العدالة ولاسيما المحبة الاجتماعية الواجبة للناس، وهذا يعني ما أعلن عنه الخالق في الرسالة الأولى التي وجّهها إلى الإنسان عندما سلّمه الأرض "ليخضعها". وقد أثبت السيّد المسيح هذه الرسالة في سرّ الفداء، وهذا ما أعرب عنه المجمع الفاتيكاني الثاني في هذه الفصول الرائعة في العقيدة وهي فصول تتناول كرامة الإنسان "الملوكية" أي دعوته إلى مشاركة السيد المسيح في "الوظيفة الملوكية". وماذا تعني هذه "الوظيفة الملوكية" هذه "السيادة" على العالم المتطوّر، التي أولاها الخالق الإنسان وظيفة، سوى إيثار قاعدة الأخلاق على التقنية وتفضيل الشخص على الأشياء وتغليب الروح على المادّة؟

 








All the contents on this site are copyrighted ©.