2012-11-15 16:02:16

"واي بوفرتي": لمحة عن عقيدة الكنيسة الاجتماعية حول المساواة والعدالة الاجتماعية


"واي بوفرتي" أو لماذا الفقر؟ حملة إعلامية على نطاق عالمي ترمي إلى تسليط الضوء على آفة الفقر في العالم. تشارك في الحملة وسائل إعلام من مختلف أنحاء العالم، ومن بينها راديو الفاتيكان الذي انضم إلى هذه المبادرة تماشيا مع تعاليم الكنيسة الاجتماعية والتزامها في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق مكافحة الفقر حول العالم. وهذا ما تفعله الكنيسة الكاثوليكية من خلال مؤسساتها الخيرية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، والملتزمة في مكافحة الفقر ومد يد العون إلى كل شخص متألم ومحتاج بغض النظر عن الانتماءات الدينية، الثقافية، العرقية، اللغوية أو القومية. الكنيسة الكاثوليكية إذا أولت اهتماما كبيرا في الشؤون الاجتماعية، لاسيما منذ أواخر القرن التاسع عشر مع صدور الرسالة العامة للسعيد الذكر البابا لاوون الثالث عشر "في الشؤون الحديثة" عام 1891 التي شكلت نقطة تحول أساسية في حياة الكنيسة في ما يتعلق بتعاطيها مع "القضية العمالية" حول وضع العمال والأجور والتحولات الصناعية. فللمرة الأولى في التاريخ أخذت الكنيسة موقفاً عالمياً ورسمياً من تلك القضية، ولم تكتف بالإجابة على بعض الأسئلة والتساؤلات المطروحة أو باقتراح حلول جزئية لمشاكل ومسائل ظرفية. أراد البابا لاون الثالث عشر من خلال هذه الرسالة قطع الطريق على مواقف تطرف الحل الاشتراكي للقضية العمالية. وأراد أيضاً وضع الأمور في نصاب العقل الهادئ والمنطق السويّ والعدالة، في إطار فلسفة تتجاوز الظاهر المادي، العرضي في ذاته، لتبلغ جوهر طبيعة الإنسان سيد المادة، وتؤكد لكل ذي حق حقه توصلاً إلى عدالة اجتماعية صحيحة. من المعروف أن تلك الوثيقة أصبحت مرجعاً أساسياً استندت إليه الدول والحكومات لسن القوانين والشرائع الاجتماعية، ولوضع ما سمي في ما بعد بـ"قانون العمل". يبني البابا لاون الثالث عشر الملكية الخاصة على العدل فيقول: المُلك الخاص ما هو إلا نتيجة أجرة العامل وتعب يديه. ويستند البابا في مطالباته أيضاً بالمحافظة على الملكية الخاصة، على واجبات الإنسان الأسرية. وفي الرسالة العامة "أربعون سنة" (1931)، حول تنظيم المجتمع بروح الإنجيل، لمناسبة مرور أربعين سنة على رسالة الشؤون الحديثة للبابا لاوون الثالث عشر رأى البابا بيوس الحادي عشر أن تنظيم العلاقات بين رأس المال والعمل يجب أن يتم وفقاً لمقتضيات العدالة التبادلية وفي إخضاع المنافسة الحرة والتحكّم الاقتصادي لسلطة الدولة وفقاً لشرائع عامة تصون العدالة الاجتماعية. "فالعدالة المسماة تبادلية هي التي تفرض احترام الأملاك المختلفة وتمنع أياً كان من أن يتخطى حدود حقه الخاص ويتعدّى على حق غيره". ويقول بيوس الحادي عشر: "إن قانون العدالة الاجتماعية لا يسمح بأن تمنع طبقة اجتماعية ما طبقة أخرى من المشاركة في هذه المنافع" بل ينبغي أن توزّع موارد هذا العالم على أساس متطلبات الخير المشترك ومبادئ العدالة الاجتماعية". وفي الرسالة العامة "الحبريّة العظمى" (1939) يدعو البابا بيوس الثاني عشر إلى تجديد "روحي ديني" ينبع من المسيح ويتأسس عليه، تُجسّده العدالة وتكلله المحبة. أما البابا يوحنا الثالث والعشرون فأشار في رسالته العامة "أم ومعلمة" (1961) إلى أن تحديد قيمة الأجر يجب ألا يُترك أمره للمضاربة الحرّة ولا لمزاجية الأقوياء، بل يجب أن يُحدد طبقاً للعدل والإنصاف. وأكد أن العدالة الاجتماعية تفرض على التطور الاجتماعي أن يواكب التطور الاقتصادي. وان ازدهار شعب ما، هو نتيجة توزيع الثروات والخيرات توزيعاً عادلا.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.