2012-08-29 14:59:50

في مقابلته العامة البابا بندكتس السادس عشر يتحدث عن القديس يوحنا المعمدان


أجرى البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في الباحة الداخلية للقصر الرسولي الصيفي في كاستيل غاندولفو، واستهل تعليمه الأسبوعي بالحديث عن القديس يوحنا المعمدان.

قال البابا يصادف اليوم تذكار استشهاد القديس يوحنا المعمدان والسابق، ويظهر دوره جليا في الأناجيل بالنسبة ليسوع ولاسيما في إنجيل القديس لوقا الذي يخبر عن مولده، حياته في الصحراء، وكرازته، وإنجيل القديس مرقس الذي يخبرنا عن استشهاده. بدأ يوحنا المعمدان يبشّر تحت حكم الإمبراطور تيبيريوس بين العام السابع والعشرين والثامن والعشرين ميلاديا، وقد كانت دعوته للناس الذين جاؤوا ليسمعوه أن يعدوا الطريق لاستقبال الرب ويقوّموا سبل حياتهم الملتوية من خلال توبة قلب جذرية (لوقا 3، 4).

تابع الأب الأقدس يقول إن المعمدان لا يكتفي فقط بإعلان التوبة بل باعترافه بيسوع كـ"حمل الله" الذي يرفع خطيئة العالم (يوحنا 1، 29)،  يُظهر بتواضع أن يسوع هو مرسل الله الحقيقي، وينسحب لينمو يسوع وليسمعه الناس ويتبعوه. وأضاف البابا إن المعمدان يشهد بالدم لأمانته لوصايا الله، بدون استسلام وتردد، متمما رسالته حتى النهاية.

قال الحبر الأعظم ما هو مصدر هذه الحياة القويمة التي بذلها بكاملها لله وإعداد الطريق ليسوع؟ الجواب بسيط: العلاقة مع الله، الصلاة التي تطبع حياته، فيوحنا هو الهبة الإلهية التي ابتهلها طويلا والداه زكريا وأليصابات (لوقا 1، 13)، هبة كبيرة، مستحيلة إنسانيا، "لأَنَّ أَليصاباتَ كانَت عاقِراً، وقَد طَعَنا كِلاهُما في السِّنّ" (لوقا 1، 7)، ولكن "ما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله" (لوقا 1، 36).

تابع الأب الأقدس يقول إن البشارة بهذه الولادة قد تمّت في مكان الصلاة، في هيكل أورشليم، عندما كان زَكَرِيَّا يقومُ بِالخِدمَةِ الكَهنوتِيَّةِ أمامَ اللهِ في دَورِ فِرقَتِه، وأُلقِيَتِ القُرعَةُ جَرْياً على سُنَّةِ الكَهَنوت، فأَصابتَهُ لِيَدخُلَ مَقِدسَ الرَّبِّ ويُحرِقَ البَخُور (لوقا 1،8- 20). وأضاف البابا أن مولد المعمدان كان مطبوعا أيضا بالصلاة: فنشيد الفرح والتمجيد والشكر الذي رفعه زكريا للرب يظهر عمل الله في التاريخ ويدل بشكل نبوي على رسالة يوحنا الذي سيسير أمام ابن الله المتجسد ليعد طرقه (لوقا 1، 67- 79).

أضاف البابا يقول إن حياة المعمدان بكاملها تتغذى من العلاقة مع الله ولاسيما خلال الفترة التي أقام فيها في البراري (لوقا 1، 80). فالبراري هي مكان التجربة، وإنما أيضا مكانٌ يشعر فيه الإنسان بفقره لأنه بلا دعم وضمانات مادية، ويفهم كيف أن المرجع الوحيد والثابت يبقى الله وحده. لكن يوحنا المعمدان ليس رجل صلاة فقط وإنما هو مرشدٌ إلى هذه العلاقة مع الله، فالإنجيلي لوقا عندما يحدثنا عن الصلاة التي علمها يسوع لتلاميذه، "صلاة الأبانا"، يشدد على سؤال أحد التلاميذ: "يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ كَما عَلَّمَ يوحنَّا تَلاميذَه" (لوقا 11، 1).

وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول إخوتي وأخواتي إن الاحتفال بتذكار استشهاد القديس يوحنا المعمدان يذكرنا نحن أيضا، مسيحي زمننا هذا، بأنه لا يمكننا أن نساوم على محبة المسيح، كلمته والحقيقة. فالحياة المسيحية تتطلب، بمعنى ما، "استشهاد" الأمانة اليومية للإنجيل، والشجاعة لترك المسيح ينمو في داخلنا ليوجه فكرنا وأعمالنا. وإنما هذا ممكن فقط من خلال علاقة ثابتة مع الله. فالصلاة ليست وقتا ضائعا وإنما إذا استطعنا أن نعيش حياة صلاة أمينة، مثابرة وواثقة عندها يعطينا الله القدرة والقوة لنعيش بفرح وسلام ولنتخطى الصعوبات ونشهد له بشجاعة. فليشفع بنا القديس يوحنا المعمدان لكي نحافظ على أولوية الله في حياتنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.