2012-08-18 15:20:11

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلِكَ الزمان: قالَ يسوعُ لجموعِ اليهود: "أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء، مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبز، يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي أُعْطيه أَنا، هوَ جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم". فخاصَمَ اليَهودُ بَعضُهم بَعضًا وقالوا: "كَيفَ يَستَطيعُ هذا أَن يُعطِيَنا جسدَه لِنأكُلَه؟" فقالَ لَهم يسوع: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِذا لم تَأكُلوا جَسدَ ابنِ الإِنسانِ وتَشرَبوا دَمَه فلَن تَكونَ فيكُمُ الحَياة. مَن أَكل جَسَدي وشرِبَ دَمي فلَه الحَياةُ الأَبدِيَّة وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. لأَنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ حَقّ مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثَبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه. وكما أَنَّ الآبَ الحَيَّ أَرسَلَني وأَنِّي أَحْيا بِالآب فكَذلِكَ الَّذي يأكُلُني سيَحْيا بي. هُوَذا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِن السَّماء غَيرُ الَّذي أَكلَهُ آباؤُكُم ثُمَّ ماتوا. مَن يأكُلْ هذا الخُبْز يَحيَ لِلأَبَد". (يوحنا 6، 51- 58)

 

للتـأمل: قراءة من القدّيس كيرِلُّس بطريرك الإسكندريّة وملفان الكنيسة
"والخبز الذي سأعطيه أنا هو جسدي أبذله ليحيا العالم"

 

كيف يستطيع الإنسان المرتبط بالأرض والخاضع للموت أن ينال الحياة الأبديّة؟ كان على جسده أن يشارك قوّة الله المُحيية. إنّما قوّة الله الآب المُحيية هي كلمته، أي ابنه الوحيد؛ فأرسله لنا كمخلِّص وفادي. إن غُمست قطعة خبز صغيرة بالزيت أو بالماء أو بالخمر، فهي تتأثّر فورًا بخصائص تلك العناصر. إن رُمي الحديد في النار، سيمتلئ من طاقتها؛ وحتّى لو لم تكن طبيعته أساسًا إلاّ حديدًا، فإنّه سيصبح شبيهًا بالنار. هكذا، عندما اتّحد كلمة الله المُحيي بالجسد وتملكّه، جعله محييًا أيضًا.

فقد قال: "مَن آمن فلَه الحياة الأبديّة. أنا خبز الحياة". وأضاف: "أنا الخبز الحيّ الذي نزل من السماء؛ مَن يأكل من هذا الخبز يحيا للأبد. والخبز الذي سأعطيه أنا هو جسدي. الحقّ الحقّ أقول لكم: إذا لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فلن تكون فيكم الحياة". تكون الحياة فينا إذًا عندما نتناول جسد المسيح، مخلِّصنا جميعًا، وعندما نشرب دمه، فنصبح واحدًا معه ونمكث فيه كما هو يمكث فينا.

كان لا بدّ من أن يُقبل إلينا بالطريقة التي تلائم الله، عبر الروح القدس، وأن يمتزج بطريقة ما بأجسادنا عبر جسده المقدّس ودمه الثمين، فننال عند تناولهما نعمة البركة المُحيية كما في الخبز والخمر. ففي الواقع، تنازل الله وانحنى نحو ضعفنا، ووضع كلّ قدرة حياته في عناصر الخبز والخمر المزوّدين بطاقة حياته الخاصّة. فلا تتردّد بالإيمان به، لأنّ ربّنا نفسه قال بوضوح: "هذا هو جسدي" و"هذا هو دمي".

 

صلاة

أنتَ حقًّا يا يسوع، حبيبَ نفوسِنا، خبزُ الحياةِ الذي يسدُّ جوعَنا ويروي عطشنا فلا نهلِك، بل نحيا بكَ إلى الأبد. علِّمنا أن نبذُلَ أجسادَنا بالإماتةِ والتّجرُّدِ عن كلِّ ما هو دُنيويّ، ونبذُلَ عقولَنا وذاكراتِنا وقلوبَنا بعدمِ التّعلُّقِ بأيِّ شيءٍ من خيراتِ الأرضِ والسّماء. علِّمنا أن نختبِرَ ذلكَ لنحظى بنارِ حُبِّكَ الإلهيّ، بواسطةِ القربانِ المقدَّس، فنَصعَدَ سُلَّمَ حُبِّكَ الخلاصيّ بطهارةِ النّفسِ والحواسِ والجسَد، مُتعلِّقينَ فقط بعذوبةِ حُبِّكَ ونارِهِ المُطهِّرة. آمين








All the contents on this site are copyrighted ©.