2012-08-06 12:35:16

عيد تجلّي الرب: وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: مضى يسوعُ بِبُطرُسَ ويعقوبَ ويوحَنَّا فانفَرَدَ بِهِم وَحدَهم على جَبَلٍ عالٍ، وتَجَلَّى بِمَرأَى منهم. فَتَلألأَت ثِيابُه ناصِعَةَ البَياض، حتَّى لَيَعجِزُ أَيُّ قَصَّارٍ في الأَرضِ أَن يأَتِيَ بمِثلِ بَياضِها. فخاطَبَ بُطرُسُ يسوعَ قال: "رابِّي، حَسَنٌ أَن نَكونَ ههُنا. فلَو نَصَبْنا ثَلاثَ خِيَمٍ، واحِدَةً لَكَ، وواحِدةً لِموسى، وواحِدَةً لإِيلِيَّا". فلم يَكُن يَدْري ماذا يَقول، لِما استَولى علَيهِم مِنَ الخَوف. وإِذا غَمامٌ قد ظَلَّلَهم، وانطَلَقَ صَوتٌ مِنَ الغَمامِ يَقول: "هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيب، فلَهُ اسمَعوا". فأَجالوا الطَّرْفَ فَوْرًا في ما حَولَهم، فلَم يَرَوا معَهم إِلاَّ يسوعَ وَحدَه. وبَينَما هم نازِلونَ مِنَ الجَبَل أَوصاهم أَلاَّ يُخبِروا أَحدًا بِما رَأَوا، إِلاَّ متى قامَ ابنُ الإِنسانِ مِن بَينِ الأَموات. فَحَفِظوا هذا الأَمْر وأَخذوا يَتَساءَلونَ ما مَعنى "القِيامةِ مِن بَينِ الأَموات". (مرقس 9، 2- 10)

 

للتـأمل

تحتفل الكنيسة اليوم بعيد تجلّي الرب، وفي نشيد للتجلي من العصور الوسطى ترنم الكنيسة "هوذا اليوم العظيم الذي فيه أشرق النور في الظلمة". يسوع هو هذا النور، هو ابن الله الذي تجسد من مريم العذراء، وبه ظهر لنا شعاع الإلوهية. فالنور الذي كان لدى الله، تجسّد وأصبح بمتناول البشر، أتى إِلى العالَم ليُنيرُ كُلَّ إِنْسان.

في هذا اليوم، نحن أيضا على مثال الرسل نقول للرب:"حَسَنٌ أَن نَكونَ ههُنا"، لأن كل لحظة من حياتنا هي فرصة لعمل الله الذي يأتي إلينا، ويسكن بيننا ليجتذبنا إليه ويخلصنا.

اليوم تعلن الكنيسة مرّة أخرى أن الرب هو "نور من نور" وتدعوه قائلة: "أيها الضياء المشع الذي أشرق من قلب النور، فأنارنا نحن المقيمين في الظلام، وبإشراقه من البتول القديسة قشع ظلام الخطيئة عن العالم، أبهجنا بعيدك وأشرق علينا برحمتك وحنانك، لأنك أنت النور الحق، منير البرايا لك المجد إلى الأبد".

في هذا العيد نتأمل في سرّ مجد ابن الله المتجسد وفي سرّ حياتنا، فبتجلّيه يستبق يسوع مصير الكنيسة جسده السرّي الذي سيشاركه في مجده. يظهر لنا التجلي إذا المعنى الجوهري لحياتنا المسيحية، التي تتجذر في الولادة الجديدة في القيامة وفي مجد الحياة الجديدة كما يعلمنا القديس بولس: "أما نحن فموطننا السموات، ومنها ننتظر مجيء المخلص يسوع المسيح الذي يبدل جسدنا الحقير فيجعله على صورة جسده المجيد بما له من قدرة يُخضع بها كل شيء". (فيل 3، 20- 21)

"هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيب، فلَهُ اسمَعوا" هذا الصوت ينطلق اليوم من الغمام لأجلنا أيضا، فيسوع هو الذي يفتح الطريق إلى الجنّة، وبصليبه يهيئ لنا المراقي لبلوغ ملكوته. تدعونا الكنيسة اليوم لنلقي عنا كلّ خوف من هذا العالم ونتسلّح بالثبات والإيمان في مسيرتنا الأرضية التي لن تخلوَ من الصعاب والتجارب. هذا هو سرّ الحياة، فعلى مثال المعلّم يسير كلّ منا في درب الصليب ليبلغ القيامة والحياة الأبدية وهذا ما يعلمنا إياه الكتاب المقدس، فيسوع المسيح الذي مات من أجلنا هو حيّ معنا اليوم وهو مصدر حياتنا ورجانا.

فتعال أيها الرب يسوع واسكن في "خيم" قلوبنا الفقيرة فنغتني بك ونشهد لحبك إلى الأبد.








All the contents on this site are copyrighted ©.