2012-06-09 16:09:49

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: جاءَ يَسوعُ إِلى البَيت، فعادَ الجَمعُ إِلى الازدحام، حتَّى لم يَستَطيعوا أَن يَتنَاوَلوا طَعامًا. وبَلَغَ الخَبَرُ ذَويه فَخَرَجوا لِيُمسِكوه، لأَنَّهم كانوا يَقولون: "إِنَّه ضائِعُ الرُّشْد". وكانَ الكَتَبَةُ الَّذينَ نَزَلوا مِن أُورَشَليم يَقولون: "إِنَّ فيه بَعلَ زَبول، و إِنَّه بِسَيِّدِ الشَّياطينِ يَطرُدُ الشَّياطين". فدَعاهم وكَلَّمَهم بِالأَمثالِ قال: "كَيفَ يَستطيعُ الشَّيطانُ أَن يَطرُدَ الشَّيطان؟ فإِذا انقَسَمَت مَملَكَةٌ على نَفْسِها فإنُّ تِلكَ المَملَكَةُ لا تَثبُت. وإِذا انقَسَمَ بَيتٌ على نَفْسِه، فإنَّ ذلك البَيتُ لا يَثبُت. وإِذا ثارَ الشَّيطانُ على نَفسِهِ فَانقَسَم لا يَثبُت، بل يَنتَهي أَمرُه فَما مِن أَحدٍ يَستَطيعُ أَن يَدخلَ بَيتَ الرَّجُلِ القَوِيِّ وينهَبَ أَمتِعَتَه، إِذا لم يُوثِقْ ذلكَ الرَّجُلَ القَوِيَّ أَوَّلاً، فعِندئذٍ يَنهَبُ بَيتَه. الحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ كُلَّ شَيءٍ يُغفَرُ لِبَني البَشَرِ مِن خَطيئةٍ وتَجْديفٍ مَهما بَلَغَ تَجْديفُهم. وأَمَّا مَن جَدَّفَ على الرُّوحِ القُدُس، فلا غُفرانَ له أبدًا، بل هو مُذنِبٌ بِخَطيئةٍ لِلأَبَد". ذلك بأَنَّهم قالوا إِنَّ فيه رُوحًا نَجِسًا. وجاءَت أُمُّه وإِخوتُه فوقَفوا في خارِجِ الدَّار، وأرسَلوا إِليهِ مَن يَدْعوه. فأَجابَهم: "مَن أُمِّي ومَن إِخَوتي؟" ثُمَّ أجالَ طَرفَه في الجالِسينَ حَولَه وقال: "هؤُلاءِ هُم أُمِّي وإِخوَتي، لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله هو أخي وأُخْتي وأُمِّي". (مرقس 3، 20- 35)

 

للتـأمل

"لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله هو أخي وأُخْتي وأُمِّي"

كل منا مدعو لاكتشاف دعوته الشخصية، والاستعداد لِعَيْش هذه الدعوة، عن طريق الاضطلاع برسالته الخاصة.

إن الله يدعوني ويرسلني كفاعل إلى كَرْمه. إنه يدعوني ويرسلني لأعمل في سبيل مجيء ملكوته في التاريخ. إن هذه الدعوة وهذه الرسالة الشخصيتين تحددان كرامة كل مؤمن ورسالته، وتساعدانه على وَعْي هذه الكرامة بفرح وشكر، وعلى مواجهة هذه المسؤولية بأمانة وسخاء.

إن الله افتكر فينا منذ الأزل، وأحبّنا كأشخاص فريدين، غير قابلين للاستبدال، داعياً كل واحد منا باسمه الخاص، كالراعي الصالح الذي "يسمي خرافه بأسمائها" (يو3/ 10). لكن قصد الله الأزلي لا ينكشف لكلٍ منا إلاّ من خلال تطور حياته.

فإذا شئنا أن نكتشف حقيقة ما يريده الرب منّا، في واقع حياتنا يجب أن نصغي إلى كلمة الله ونطيعها، وأن نتسلح بالصلاة الصادقة والمستمرة، متنبهين إلى المواهب والوزنات التي ائتمننا الله عليها.

فالله يدعو الإنسان ويُطْلِعه على إرادته المقدسة بطريقة ملموسة ودقيقة، في كل ساعة من ساعات العمر. إنما المراد ليس مجرد معرفة ما يريده الله منا، بل تلبية مشيئته أيضاً. وهذا ما تذكّرنا به كلمات مريم أم الله، الموجّهة إلى الخدام في عرس قانا الجليل: "افعلوا كل ما يأمركم به!" (يو5/ 2).

وإذا شئنا أن نصنع مشيئة الله، يجب أن نكون قادرين على ذلك، وأن نُنمّي فينا على الدوام هذه القدرة، بنعمته طبعاً، وهذه النعمة لن تتخلّى عنا أبداً، على حد قول القديس لاون الكبير: "إن الذي أعطاكم الكرامة، سيعطيكم القوة". إلاّ أن هذا يتطلب من كل منّا تعاوناً حراً ومسؤولاً. وهذا ما يحثّنا عليه بطرس الرسول، حين يتحدّث عن الميلاد والنموّ، معتبراً إياهما مرحلتَي الحياة المسيحية: "وكأطفال وُلدوا حديثاً، تُوقُوا إلى اللبن العقلي، الذي لا غش فيه، لتنموا به للخلاص" (1بط 2/2).








All the contents on this site are copyrighted ©.