2012-05-19 16:43:02

البابا بندكتس السادس عشر يذكر بمنطق العطاء والمحبة المجانية


استقبل البابا بندكتس السادس عشر ظهر السبت في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء في الحركة الكنسية للالتزام الثقافي احتفالا بعيدها الثمانين وفي اتحاد الهيئات المسيحية للخدمة الدولية التطوعية والحركة المسيحية للعمال في إطار إحياء الذكرى السنوية الأربعين لتأسيسهما، ووجه كلمة عبّر فيها عن سروره الكبير بلقائهم وقال إن الأعياد مناسبات ملائمة للتعمق بالموهبة الخاصة بامتنان ونظرة نقدية أيضا، متنبهة لعلامات الأزمنة الجديدة وأضاف أن الثقافة تشكل مع التطوع والعمل ثلاثية مترابطة للالتزام اليومي للعلماني الكاثوليكي الذي يريد أن يجعل انتماءه للمسيح والكنيسة قويا وعميقا إن في البيئة الخاصة أم في الحياة العامة للمجتمع. ويعمل المؤمن العلماني هكذا من أجل تعزيز الكرامة الإنسانية.

أشار الأب الأقدس إلى أن هذه المجالات الثلاثة يجمعها قاسم مشترك ألا وهو إعطاء الذات. فالالتزام الثقافي، لاسيما المدرسي والجامعي، الهادف إلى تنشئة أجيال المستقبل، لا ينحصر بنقل المعرفة التطبيقية والنظرية، إنما يشمل إعطاء الذات بالقول والمثل. كما أن التطوع مورد أساسي لا غنى عنه للمجتمع من أجل تقديم مساعدة ملموسة للأشد عوزا، في ما لا يشكل العمل وسيلة للكسب فقط، إنما هو فرصة للتعبير أيضا عن القدرات الخاصة بروح الخدمة في النشاط المهني.

وشدد بندكتس السادس عشر على أهمية إنعاش عملهم على الدوام بالمحبة، وتوقف عند كلمات القديس بولس الرسول في كتاب أعمال الرسل، مودّعا شيوخ أفسس "السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ" وتوجه البابا لزائريه بالقول إنكم تشهدون لمنطق العطاء وتهتمون بالآخر بدون انتظار أي مقابل في هذا العالم، وأكد أنه من خلال القيام بذلك، لا يصنعون الخير للآخر فقط، إنما يكتشفون أيضا السعادة العميقة، بحسب منطق المسيح الذي أعطى ذاته بكليته.

وأضاف الأب الأقدس أن العائلة هي أول مكان نختبره فيه المحبة المجانية، وعندما لا يحصل ذلك تفقد طبيعتها وتدخل في أزمة. أما حين تعاش المحبة المجانية في العائلة، يصبح العطاء بدون تحفّظ لخير الآخر فرصة تربوية أساسية لنتعلّم أن نعيش كمسيحيين العلاقة أيضا مع الثقافة والتطوع والعمل. توقف البابا بعدها عند رسالته العامة "المحبة في الحقيقة" مذكّرا بأن التضامن هو قبل كل شيء أن يشعر الجميع بالمسؤولية تجاه الجميع، ومؤكدا أنه من دون المجانية ليس بالإمكان تحقيق العدالة.

أشار الأب الأقدس في كلمته لأهمية مواصلة السير على درب الإنجيل في الأمانة للعقيدة الاجتماعية للكنيسة وشجّع الكل على المضي قدما في التزامهم لصالح الأخوة، وتوقف أيضا عند أهمية الشهادة للقيم التي ترتكز إليها كرامة الإنسان من خلال تعزيز أشكال التضامن التي تعزز الخير المشترك.

مضى بندكتس السادس عشر إلى القول: إن الحركة الكنسية للالتزام الثقافي، وفي ضوء تاريخها، مدعوة لخدمة متجددة في عالم الثقافة المطبوع بتحديات طارئة من أجل نشر الأنسنة المسيحية.

وحث البابا اتحاد الهيئات المسيحية للخدمة الدولية التطوعية على الاتكال دوما على قوة المحبة الآتية من الله لمتابعة التزامه في مواجهة كل شكل من أشكال الفقر والتهميش لصالح الشعوب الفقيرة. ودعا الأب الأقدس الحركة المسيحية للعمال لحمل النور والرجاء المسيحي لعالم العمل من أجل تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، وللنظر دائما لعالم الشباب الذي يبحث اليوم وأكثر من أي وقت مضى، عن دروب التزام يجمع بين المثالية والواقعية.

وفي ختام كلمته حث بندكتس السادس عشر الجميع على أن يواصلوا بفرح التزامهم الشخصي والجماعي، من خلال الشهادة لإنجيل العطاء والمجانية.








All the contents on this site are copyrighted ©.