2012-05-13 13:22:59

البابا يحتفل بالقداس الإلهي في أريتزو ويدعو المؤمنين ليكونوا خميرة في المجتمع ويشير في كلمته قبل صلاة افرحي يا ملكة السماء لأهمية السير على طريق التجدد الروحي والأخلاقي


قام البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأحد بزيارة رعوية إلى إقليم توسكانا الإيطالي محطتها الأولى مدينة أريتزو حيث ترأس قداسا احتفاليا في الحديقة العامة بالقرب من كاتدرائية القديس دوناتو، بمشاركة عدد غفير من المؤمنين، واستهل الأب الأقدس عظته بتوجيه تحية حارة لأسقف الأبرشية، المطران ريكاردو فونتانا والأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات، وممثلي الرابطات والحركات الكنسية، كما حيّا عمدة أريتزو جوزيبي فانفاني ورئيس مجلس الوزراء ماريو مونتي وباقي السلطات المدنية والعسكرية، وقال البابا: تستقبلني اليوم كنيسة عريقة جديرة بالثناء لالتزامها على مر العصور في بناء مدينة الإنسان على صورة مدينة الله، وذكّر بأن الكنيسة في أريتزو اغتنت في القرون الماضية بحياة قديسين كثيرين بينهم القديس دوناتو شفيعها. فشهادة حياته لا تزال آنية. لقد كان مبشّرا شجاعا كي يتحرر الجميع من العادات الوثنية، ويجدوا في كلمة الله القوة للتأكيد على كرامة كل شخص ومعنى الحرية الحقيقي.

أشار بندكتس السادس عشر إلى وجود ضريح البابا الطوباوي غريغوريوس العاشر في كاتدرائية المدينة، ما يظهر في تعدد الأزمنة والثقافات، تواصل الخدمة التي تريد الكنيسة تقديمها للعالم. ودعا البابا المؤمنين ليكونوا شهودا حقيقيين لمحبة الله إزاء الجميع، وذكّر بأن الله أحبنا أولا ويريد أن ندخل في شركة محبته.

وإذ توقف عند إنجيل هذا الأحد ودعوة يسوع "لم تختاروني أنتم بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتنطلقوا فتثمروا ويبقى ثمركم" (يوحنا 16،15) قال الأب الأقدس إنها كلمات موجهة بشكل خاص إلى الرسل، ولكنها تعني أيضا جميع تلاميذ المسيح. فالكنيسة جمعاء مرسلة في العالم لتحمل الإنجيل والخلاص غير أن المبادرة هي دائما لله الذي يدعو لخدمات متعددة كي يقوم كل واحد بدوره الخاص من أجل الخير المشترك. الدعوة للخدمة الكهنوتية، والحياة المكرسة، الحياة الزوجية، والالتزام في العالم. الكل مدعو للإجابة بسخاء على الرب، تؤازرنا كلماته "لم تختاروني أنتم بل أنا اخترتكم".

تابع بندكتس السادس عشر عظته في أريتزو داعيا المؤمنين ليكونوا خميرة في المجتمع ومسيحيين شجعانا صادقين، وأشار إلى أن كلمة الله التي سمعناها هي دعوة قوية لعيش محبة الله إزاء الجميع، وأضاف يقول: من بين القيم التي تميز ثقافة هذه الأرض هناك التضامن والاهتمام بالأشد ضعفا، واحترام كرامة كل واحد. إن التضامن مع الفقراء يعني الاعتراف بمشروع الله الخالق الذي جعل من الجميع عائلة واحدة.

ولم تخل كلمة البابا من الإشارة للأزمة الاقتصادية الراهنة وقال إن المشاكل تزيد من صعوبة تحديد حلول سريعة وفاعلة للخروج من الوضع الحالي الذي تعاني منه الفئات الأكثر ضعفا على وجه الخصوص ويقلق الشباب. إن الاهتمام بالآخرين ومنذ العصور القديمة قد حرّك الكنيسة لتكون متضامنة مع المحتاج من خلال تقاسم الموارد ومواجهة الثقافة السريعة الزوال التي خدعت كثيرين، مسببة أزمة روحية عميقة.

ودعا الأب الأقدس هذه الكنيسة التي اغتنت بشهادة فقير أسيزي لمواصلة اهتمامها وتضامنها مع كل محتاج والتربية أيضا على تخطي المنطق المادي الذي يطبع غالبا زماننا ويحجب معنى التضامن والمحبة. إن الشهادة لمحبة الله من خلال الاهتمام بالضعفاء تتحد أيضا مع الدفاع عن الحياة منذ بدايتها وحتى موتها الطبيعي.

وقال البابا: إن ضمان الكرامة للجميع، والصحة والحقوق الأساسية هو خير لا غنى عنه. فالدفاع عن العائلة من خلال قوانين عادلة وقادرة على حماية الأشد ضعفا أيضا، يشكل على الدوام نقطة هامة للحفاظ على نسيج اجتماعي متين وتقديم رؤى رجاء للمستقبل، ودعا الأب الأقدس لمواصلة الالتزام في تعزيز مدينة ذي وجه أكثر إنسانية على الدوام، والكنيسة تقدم إسهامها كي تترافق محبة الله دوما مع محبة القريب. وختم بندكتس السادس عشر عظته في أريتزو بالقول: تابعوا خدمة الله والإنسان بحسب تعليم يسوع ومثل القديسين، ولترافقكم مريم العذراء، سيدة التعزية.

وفي ختام القداس الإلهي، وفي كلمته قبل صلاة "افرحي يا ملكة السماء" قال البابا إن مريم العذراء الكلية القداسة، أم الكنيسة، تريد أن تعزي أبناءها على الدوام في الأوقات الأشد صعوبة وألما وقد اختبرت هذه المدينة مرات عديدة معونتها الوالدية. واليوم أيضا، نكل لشفاعتها جميع الأشخاص والعائلات الذين يعانون أوضاعا صعبة. وفي الوقت نفسه، نرفع الصلاة إلى الله كي يسير الجميع على طريق التجدد الروحي والأخلاقي الذي يقود وحده لتحسين حقيقي للحياة الاجتماعية والمدنية.








All the contents on this site are copyrighted ©.