2012-04-28 16:11:16

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلكَ الزَّمان: قال يسوع: "أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف؛ وأَمَّا الأَجير، وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِرافُ له فإِذا رأَى الذِّئبَ مُقبِلاً تَركَ الخِرافَ وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. أَنا الرَّاعي الصَّالح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لأنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنِّي ولكِنِّي أَبْذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي" (يوحنا 10، 11- 18)

 

 

للتأمل

"أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف" ما يقوله المسيح، ليس فقط لسامعيه ذاك النهار، إنّما لنا نحن أيضاً. فقد أحبنا وبذل نفسه من أجلنا ليعتقنا من خطيئتنا ويعيدنا إلى حظيرة الآب.

أن نكون من خراف المسيح يعني أن نطيع إرادة المسيح في حياتنا، فالخروف يعلم أن خلاصه هو في البقاء إلى جانب الراعي، وفي الانقياد له، ليس بسبب الخوف، لأننا لا يمكن أن نخاف إلهاً أحبّنا حتّى الموت. إنما هو انقياد الثقة، لأنّنا نعلم أنّنا بأمان معه. نسمع صوته فنجيب بالطاعة لإرادته الخلاصيّة. نسمع صوته فنطمئن، لأن صوته يبدّد الخوف من حولنا، ويجعلنا نعلم أنّنا لسنا وحيدين في هذا الوجود.

نحن خراف في قطيع المسيح، فلا معنى لوجودنا كمسيحيّين إن رفضنا حقيقتنا كأفراد في عائلة تسمّى الكنيسة، جسد المسيح العامل في العالم من أجل خلاص العالم، ونحن أعضاء هذا الجسد، كلّ منّا يقوم بدوره من أجل خلاص الإخوة من كلّ لون ولسان. أن نكون خرافاً في قطيع المسيح يعني أن نجدّد كلّ يوم إيماننا بالراعي وبقدرته على إيصالنا إلى حيث يقودنا، إلى خلاصنا وخلاص الكون بأسره. أن نكون خرافاً في قطيع الكنيسة يعني أن نكون رجالاً ونساءً أحراراً، بحرّيتنا نتبع المسيح، لا خوفا من العقاب، بل لأنّنا لمسنا شخصيّاً حبّ المسيح في حياتنا، وعلمنا أنّه صديق وفيّ، حاضر في حياتنا دوماً.

لقد جاء المسيح ليعطينا الحياة الأبديْة، ليعطي وجودنا معنى أسمى من وجود أرضيّ عابر، جاء الراعي ليقول لنا أن حياتنا لا يمكنها أن تبدآ دون هدف وتنتهي دون معنى. لقد جاء ليقودنا إلى معنى حياتنا الحقيقيّ، لقد جاء "يعطي قطيعه الحياة الأبديّة فلا يخطفها منه أحد ولا يهلك أي من الخراف". تدعونا الكنيسة اليوم إلى تجديد حياتنا أي إلى أن نعي من هو الراعي الحقيقيّ، وأن نعلم ما الفرق بين الراعي الصالح الّذي يعطي الحياة والسارق الّذي جاء يخطف ويهلك. كثير من الرعاة الكذبة يوهموننا الخلاص كلّ يوم.

جاء المسيح يقول لنا أن الأهمّ هو السعي إلى ما هو أساسيّ، ما لا يعبر ولا ينتهي. المسيح يعلن ذاته مخلّصاِ لا بصراخ الرعاة الكاذبين، ولا بخداع مسحاء الوهم والسراب، المسيح يأتي راعياً وديعاً، يعمل بصمت ووداعة، ويترك لنا حرّية الاختيار.

تدعونا الكنيسة اليوم لنجدد أنفسنا كهياكل للرّوح القدس ونعي دعوة الله لنا لنصبح آلهة من خلال إتّحادنا بخالقنا لنشاركه في خلاص كلّ إنسان أينما كنّا وبالمقدّرات الّتي أعطانا إيّاها مهما كانت متواضعة.








All the contents on this site are copyrighted ©.