2012-03-28 17:18:20

زيارة البابا الرسولية إلى كوبا. بندكتس السادس عشر يترأس الذبيحة الإلهية في وسط العاصمة هافانا


ترأس البابا بندكتس السادس عشر صباح الأربعاء بتوقيت كوبا القداس الإلهي في "بلازا دي لا ريفولوسيون" (ساحة الثورة) الضخمة التي تتسع لأكثر من 600 ألف شخص في وسط العاصمة هافانا بحضور حشد غفير من المؤمنين وعاونه فيه الكرادلة والأساقفة المرافقون له بالإضافة إلى الأساقفة الكوبيين.

تخللت القداس عظة للحبر الأعظم استهلها معربا عن غبطته للاحتفال بالذبيحة الإلهية في هذا المكان المميز بحضور حشد غفير من المؤمنين، كما وجه تحياته الحارة والقلبية إلى ممثلي السلطات المدنية والدينية الحاضرين. أكد البابا أن الرب لا يتخلى أبدا عن أتباعه مستشهدا بآية من إنجيل القديس يوحنا "إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي؛ تعرفون الحق والحق يحرركم" (يوحنا 8، 31) وأشار إلى أن يسوع يُظهر ذاته كابن لله الآب، المخلص والوحيد الذي يدل على الحقيقة ويهب الحرية الحقيقية.

قال البابا إن البحث عن الحقيقة يتطلب ممارسة الحرية الأصيلة، لافتا إلى وجود أشخاص كثر يفضلون الحيلولة دون القيام بهذا الواجب. فهناك أشخاص شأن بيلاطس البنطي يسخرون من إمكانية معرفة الحقيقة وينكرون أيضا وجود حقيقة واحدة للجميع. إن هذا الموقف يبدل قلب الإنسان، فيجعله باردا وبعيدا عن الآخرين ومنغلقا على ذاته.

من جهة ثانية ـ تابع البابا يقول ـ ثمة أشخاص يسيئون تفسير البحث عن الحقيقة ويصل بهم المطاف إلى اللاعقلانية والتعصب فينغلقون في "حريتهم" ويحاولون فرضها على الآخرين. وأكد الحبر الأعظم أن الإنسان الذي يتصرف بطريقة لاعقلانية لا يسعه أن يكون تلميذا للمسيح لافتا إلى أن الإيمان والعقل يتكاملان في البحث عن الحقيقة، وقال إن الله خلق لدى الإنسان دعوة فطرية للبحث عن الحقيقة ولهذا السبب وهبه العقل. فعلى كل إنسان أن يبحث عن الحقيقة وأن يتبعها عندما يجدها حتى عندما يكلفه الأمر القيام بالتضحيات. في الحقيقة يجد الإنسان أساسا لخلقية تشكل أرضية للحوار والنظر إلى الحياة والموت والواجبات والحقوق ومسائل أخرى شأن الزواج والعائلة والمجتمع وكرامة الإنسان غير القابلة للتصرف. هذا الإرث الخلقي ـ قال البابا ـ قادر على تحقيق التقارب بين جميع الثقافات والشعوب والأديان وبين السلطات والمواطنين، وبين المواطنين أنفسهم والمؤمنين بالله وغير المؤمنين به.

حث بندكتس السادس عشر الأشخاص على عدم التردد في اتباع المسيح لأنه فيه نجد الحقيقة حول الله والإنسان. إنه يساعدنا في التغلب على أنانيتنا والتخلي عن طموحاتنا والانتصار على كل ما يقمع الإنسان. فمن يقوم بأعمال الشر ومن يرتكب الخطايا يصبح عبدا للخطيئة ولا يبلغ الحقيقة أبدا. من خلال التخلي عن الحقد وعن القلوب القاسية والعمياء نصبح أحرارا وتتفتح بداخلنا براعم حياة جديدة.

مضى البابا إلى القول: ينبغي أن تعتمد الكنيسة على الحرية الدينية كي تقوم بواجبها، وهذه الحرية تكمن في المجاهرة بالإيمان وممارسته في الحياة العامة أيضا، ونقل رسالة المحبة والمصالحة والسلام التي حملها المسيح إلى العالم. أشار الحبر الأعظم إلى الخطوات التي شهدتها كوبا في هذا المجال لكنه شدد على ضرورة أن نواصل السير إلى الأمام. ولهذا السبب حث البابا السلطات الحكومية على إرساء أسس الانجازات المحققة والسير قدما على هذه الدرب خدمة للخير العام.

تابع البابا عظته مؤكدا أن الحق في الحرية الدينية، في بعديه الفردي والجماعي، يعكس "وحدة" الشخص البشري الذي هو في الوقت نفسه مواطن ومؤمن. والدفاع عن هذا الحق يعزز التعايش السلمي، ويغذي الرجاء في مستقبل أفضل، ويخلق الظروف الملائمة للسلام والنمو المتناغم ويضع الأسس الصلبة لضمان حقوق أجيال الغد. ولفت بندكتس السادس عشر إلى أن الكنيسة، عندما تسلط الضوء على هذا الحق، لا تطالب بامتيازات لنفسها، بل تسعى لأن تكون أمينة للرسالة التي أوكلها إليها مؤسسها، تحركها قناعة بأنه حيث يوجد المسيح ينمو الشخص البشري إنسانيا. وأعرب عن أمله بأن تتمكن الكنيسة في كوبا من ممارسة نشاطها ورسالتها في مختلف حقول المعرفة.

ختم البابا عظته قائلا إن كوبا والعالم يحتاجان إلى التغيير، وهذا الأمر يحصل فقط عندما يتمكن كل شخص من طرح تساؤلات بشأن الحرية الحقيقية، والسير في طريق المحبة زارعا بذور المصالحة والأخوة.








All the contents on this site are copyrighted ©.