2012-03-17 16:35:48

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان: قال يسوعُ لنيقوديمُس: "كما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن. إِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد؛ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة. فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم، بل لِيُخَلِّصَ بِه العالَم. مَن آمَنَ بِه لا يُدان؛ ومَن لم يُؤمِنْ بِه، فقَد دِينَ مُنذُ الآن، لأِنَّهُ لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد. وإِنَّما الدَّينونَةُ هي: أَنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم، ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور، لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة. فكُلُّ مَن يَفعَلُ الشَّرَّ يُبغِضُ النُّور، فلا يُقبِلُ إِلى النُّور، لِئَلاَّ تُفضَحَ أَعمالُه. وأَمَّا الَّذي يَعمَلُ بِالحَقّ، فيُقبِلُ إِلى النُّور، لِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله". (يوحنا3، 14- 21)

 

للتأمل

في إنجيل هذا الأحد يكلم يسوع نيقوديموس عن ارتفاع ابن الانسان، عن تضحيته ورسالته، عن الإيمان والدينونة، دينونة النور الذي بحضوره سيدين أعمال الظلام.

يصف لنا يسوع اليوم عمله الخلاصي الذي يدعو الإنسان ليشترك فيه من خلال الإيمان. فيسوع لم يأت ليدين البشر بل ليخلصهم بواسطة الحب الذي حمله إلى الموت على الصليب من أجلهم. يذكرنا يوحنا الإنجيلي:"إِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد؛ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة".

أما كان بالإمكان أن يقدّم الله إلى العالم علاجًا آخر غير موت ابنه الوحيد؟ بالطبع، كان يستطيع ذلك، وبألف طريقة أخرى غير هذه؛ ألم يكن قادرًا على مسامحة الطبيعة البشريّة بسلطة مطلقة وبرحمة صرفة، بدون إشراك العدالة وبدون تدخّل أي مخلوق؟ لا شكّ في أنّه كان قادرًا على ذلك؛ ومَن كان سيتجرّأ على الإنتقاد أو على الإعتراض؟ لا أحد، لأنّه السيّد المطلق ويمكنه تحقيق كلّ ما يحلو له. وحتّى إن أرادَ أن يستعينَ بأيّ مخلوق لتحقيق هذا الفداء، أما كان بإمكانه أن يخلقَ أحدًا ذات تفوّق وكرامة، بحيث يكفّر عن خطايا البشر كلّهم نتيجة ما كان سيقوم به من أعمال صالحة وما كان سيُعانيه من عذابات؟ بالتأكيد، وكان يستطيع أن يفتدينا بألف طريقة أخرى غير موت ابنه. لكنّه لم يرغب في ذلك، لأنّ ما كان يكفي لخلاصنا لم يكن مُرضيًا ليعبّر عن حبّه؛ ولكي يعبّرَ لنا عن مدى حبّه، عانى هذا الإبن الإلهي ميتة قاسية ومخزية جدًّا، وهي الموت على الصليب.

لقد دفع الله بابنه الوحيد إلى الموت من أجلنا، وأعطانا الخلاص من خلال الثقة والإيمان بيسوع. الله لا يريد أن يديننا، إنما نحن ديانون أنفسنا إذ أننا أمام النُّور الذي جاءَ إِلى العالَم، فضَّلنا الظَّلامَ على النُّور، لأَنَّ أَعمالنا كانت سَيِّئَة، فلا نُقبِلُ إِلى النُّور، لِئَلاَّ تُفضَحَ أَعمالُنا. فلنذهب إلى يسوع واثقين به ومسلمين حياتنا بين يديه، فلا نخافن من أن نقبل إلى النور لأن من يَعمَلُ بِالحَقّ، يُقبِلُ إِلى النُّور، فتُظهَرَ أَعمالُه التي صُنِعَت في الله.

أيها الآب القدوس يا من بواسطة يسوع خلقتنا لحياة جديدة من الماء والروح، امنحنا مغفرة الخطايا ونعمة الروح القدس للحياة الأبدية. يا يسوع شمس الحق، اسكن فينا لنعيش دائما حسب مشيئة الآب، يا أيها النور الذي لا يغرب أشعل فينا نار حبك اللامتناهي. ساعدنا يا ربنا وإلهنا لنحافظ على نقاء ثوب عمادنا لنستحق أن نرى وجهك القدوس وننعم معك بالفرح الأبدي. آمين








All the contents on this site are copyrighted ©.