2012-03-11 08:57:53

البابا يترأس صلاة الغروب في بازيليك القديس غريغوريوس بروما بحضور رئيس أساقفة كانتربوري روان ويليامز


توجه البابا بندكتس السادس عشر عصر أمس السبت إلى بازيليك القديس غريغوريوس الكبير في تشيليو بروما حيث احتفل بصلاة الغروب بمشاركة رئيس أساقفة كانتربوري الدكتور روان ويليامز. ألقى البابا كلمة قال فيها: في القراءة التي سمعناها حث رسول الأمم المسيحيين على الإفادة من الوقت الملائم لقبول نعمة الله. وأضاف البابا أن هذا الوقت الملائم هو بالطبع الزمن الذي جاء فيه يسوع المسيح ليكشف لنا عن محبة الله ويمنحنا إياها من خلال تجسده وآلامه وموته وقيامته من بين الأموات. هذا ويتحدث القديس بولس عن نفسه وعن الجهد الذي يقوم به ليكون أمينا لله ورسالته. هذه الكلمات تحملنا على التفكير بالقديس غريغوريوس الكبير وبالشهادة التي قدمها لشعب روما وللكنيسة الجامعة من خلال خدمته وأمانته للإنجيل.

يحثنا رسول الأمم أيضا ـ تابع البابا يقول ـ على بلوغ المستوى الأعلى من الحياة المسيحية ألا وهو القداسة وذلك استنادا إلى نعمة الله ودعوته لنا واللقاء مع المسيح الحي. لكن هذه النعمة تتطلب تجاوبا من قبل الأشخاص المعمدين كي يخلعوا عنهم الإنسان العتيق ويلبسوا المسيح وهذا الأمر يقتضي أن تسكن كلمة الله في قلوبنا لتحمل ثمارها الوافرة كما حصل مع العديد من القديسين والقديسات في تاريخ الكنيسة.

بعدها أشار بندكتس السادس عشر إلى أهمية الحدث الذي جمعه مع رئيس أساقفة كانتربوري وقال إن الاحتفال اليوم يكتسي طابعا مسكونيا لافتا إلى أن دير القديس غريغوريوس الكبير في روما تمكن ـ خصوصا في أعقاب المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ـ من إقامة علاقات باتت اليوم تقليدية مع كانتربوري والجماعة الأنغليكانية ككل. ولفت البابا إلى أنه اللقاء الثالث الذي يجمع خليفة بطرس برئيس أساقفة كانتربوري في هذه البازيليك مشيرا إلى أن البابا غريغوريوس الكبير وفي هذا الدير بالذات اختار أن يُرسل القديس أغسطينوس ورهبانه الأربعين ليحملوا بشارة الإنجيل إلى سكان إنجلترا منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.

وتمنى البابا في الختام أن يشكل هذا الاحتفال المسكوني فرصة ملائمة لجميع الحجاج الكاثوليك والأنغليكان الذين يزورون أضرحة الرسل والشهداء المسيحيين في روما كي يجددوا التزامهم في مواصلة الصلاة والعمل معا من أجل الوحدة التي صلى من أجلها المسيح.

 

عظة رئيس أساقفة كانتربوري الدكتور روان وليامز

تخللت صلاة الغروب عظة لرأس الكنيسة الأنغليكانية قال فيها: إن الأشخاص المدعوين لخدمة الله يواجهون المعاناة لأنهم يدركون جيدا مدى ضعفهم الداخلي. لكن هذا الإدراك ليس سلبيا لأنه يساعدنا على خدمة من يعانون بطريقة أكثر فعالية ويذكّرنا بأننا نجد الاستقرار الداخلي في جسد المسيح وحسب لا بفضل انجازاتنا الشخصية. وقد ارتكزت إلى هذا المفهوم تعاليم القديس غريغوريوس الكبير التي شكلت ركيزة التنشئة الرهبانية.

ولفت روان ويليامز إلى أهمية التواضع في حياة رعاة الكنيسة المدعوين إلى الغوص في "حياة جسد المسيح" بعيدا عن البحث عن الأعمال البطولية الفردية. وأكد أن راعي الكنيسة الحقيقي هو من يرى احتياجات الآخرين بوضوح لكونه يعيش هبة المسيح المتواصلة للبشر بفضل أسرار الكنيسة. أن يكون المؤمن منغمسا في حياة جسد المسيح يتطلب الغوص يوميا في التأمل، لأنه الطريق الوحيدة المؤدية إلى عيش المحبة حيال الآخرين والنمو معا في جسد المسيح.

وتابع رأس الكنيسة الأنغليكانية يقول: بعيدا عن التأمل بجسد المسيح يعيش المؤمنون في حالة من الضياع والوهم ولا يدركون جيدا واقع العالم الذي نعيش فيه. والكنيسة مدعوة اليوم إلى إظهار الروح النبوية التي ميزت القديس غريغوريوس الكبير، إنها مدعوة إلى رؤية الاحتياجات الفعلية للأشخاص والاستجابة لنداءات الله من خلال مساعدة الأشخاص المعوزين. وأكد روان ويليامز أن هذا الأمر يتطلب من المؤمنين ومن رعاة الكنيسة أن يتعلموا الصمت والصبر وأن ينتظروا تجلي الحقيقة واضعين جانبا الأنانية والجشع اللذين يشوهان نظرتنا للعالم. إن جميع المسيحيين يحتاجون إلى هذا "الانضباط" الذي يعيد لهم القدرة على رؤية حقائق العالم.

بعدها تطرق رئيس أساقفة كانتربوري إلى اللقاء الذي جمع سلفه رئيس الأساقفة روبرت رانسي بالبابا يوحنا بولس الثاني في روما عام 1989 اللذين شددا على النظرة المشتركة التي تجمع الكنيستين وسعيهما الدؤوب إلى بلوغ الوحدة التامة والمنظورة كي يسطع على العالم نور المسيح الذي يبدل القلوب. وتابع يقول: إن التأمل يقرّبنا من الحقيقة ومن صليب الرب. فمن خلاله ندرك ضعفنا وندرك أيضا كيفية تعامل الله مع ضعفنا إذ إن الله لا يتجاهله أو ينبذه بل على العكس، لقد عانق نتائج الضعف البشري من خلال تجسد المسيح وآلامه.

وختم الدكتور روان ويليامز عظته داعيا الجميع للصلاة على نية الأشخاص المدعوين إلى خدمة كنيسة المسيح كي يكونوا شهودا على التأمل بكلمة الله وعلى الروح النبوية ليشع مجد صليب المسيح على عالمنا حتى وسط ضعفنا وفشلنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.