2012-03-11 08:54:25

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


اقتَرَبَ فِصحُ اليَهود، فصَعِدَ يسوعُ إِلى أُورَشَليم، فَرَأَى في الهَيكَلِ باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمام، والصَّيارِفَةَ جالِسين إلى طاولاتِهم. فَصَنَعَ مِجلَدًا مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعًا مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، وقالَ لِباعَةِ الحَمام: "اِرفَعوا هذا مِن ههُنا، ولا تَجعَلوا مِن بَيتِ أَبي بَيتَ تِجارَة". فتَذَكَّرَ تلاميذُه أَنَّه مَكْتوب: "الغَيْرَةُ على بَيتِكَ ستَأكُلُني". فأجابَه اليَهود:"أَيَّ آيةٍ تُرينا حتَّى تَفْعَلَ هذا؟" أَجابَهم يسوع: "اُنقُضوا هذا الهَيكَل وأنا أُقِيمهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!" فقالَ اليَهود:"بُنِيَ هذا الهَيكَلُ في سِتٍّ وأَربَعينَ سَنَة، أوَأَنتَ تُقيمُه في ثَلاَثةِ أيَّام؟" أَمَّا هو فكانَ يَعْني هَيكَلَ جَسَدِه. فلمَّا قامَ مِن بَينِ الأَموات، تذكَّرَ تَلاميذُه أَنَّه قالَ ذلك، فآمنوا بِالكِتابِ والكَلِمَةِ الَّتي قالَها يسوع. ولمَّا كانَ في أُورَشَليمَ مُدَّةَ عيدِ الفِصْح، آمَنَ بِاسمِه كثيرٌ مِنَ النَّاس، لمَّا رَأَوا الآياتِ  الَّتي أَتى بِها. غَيرَ أَنَّ يسوعَ لم يَطمَئِنَّ إِلَيهم، لأِنَّه كانَ يَعرِفُهم كُلَّهم ولا يَحتاجُ إِلى مَن يَشهَدُ لَه على الإِنسان، فقَد كانَ يَعلَمُ ما في الإِنسان. (يوحنا2،13-25)

 

تأمل

تحتفل الكنيسة اليوم بالأحد الثالث من زمن الصوم، ها نحن نقترب أكثر فأكثر من عيد الفصح وقلوبنا تتحضر لملاقاة المسيح القائم من الموت في حياتنا وفي تاريخنا أماكن اللقاء بامتياز بسرّ الله. تستوقفنا قوة رسالة الإنجيل:"مسيح مصلوب، عثار لليهود وحماقة للوثنيين" (1كور1،23) وحب إله يحب مبغضيه، يصمت أمام مستفزيه ويهب ذاته بلا مقابل لمحتقريه، ضعف إله أكبر من حكمة البشر وهذا يدعونا للتوبة وتغيير مسيرة حياتنا، وهذه هي الرسالة التي يحملنا إنجيل اليوم على إعلانها.

يخبرنا يوحنا الإنجيلي:"صَعِدَ يسوعُ إِلى أُورَشَليم، فَرَأَى في الهَيكَلِ باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمام، والصَّيارِفَةَ جالِسين إلى طاولاتِهم. فَصَنَعَ مِجلَدًا مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعًا مِنَ الهَيكَلِ". إن الله يحب الإنسان كما يحب مكان اللقاء به، لذلك نَثَرَ يسوع دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، لقد أراد أن يزيل كل يلهي ويشوه حقيقة الهيكل، مسكن الآب، أي كل منا، فنحن هيكل الله الحقيقي. لذا من أجل الاحتفال بعيد القيامة، علينا أن نتحضّر له من خلال الصوم، فننقي أنفسنا من كلّ خطيئة كي يبقى هيكل الله جميلاً بحجارته كلّها ومشعًّا في كلّ أجزائه...

لقد أظهر لنا يسوع إلها لا يطلب الذبائح، بل يقدم نفسه ذبيحة عنا، يحمل عليه خطيئتنا ويقلع الشر من قلوبنا، لذا عندما سأله اليهود:"أَيَّ آيةٍ تُرينا حتَّى تَفْعَلَ هذا؟" أَجابَهم يسوع: "اُنقُضوا هذا الهَيكَل وأنا أُقيِمهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!" فهو لم يكن يتحداهم من أجل اجتراح معجزة إنما أراد أن يعطيهم مفهوم هيكل الله الجديد: قلب الإنسان. لقد علمنا يسوع أن الله يأتي إلينا يوميا ويسكن فينا في هذا الهيكل الضعيف، فلنتعلم إذا مسيرة الحياة الداخلية، حج القلب نحو الله والآخرين.

يختتم الإنجيلي يوحنا إنجيله اليوم بهذا القول:" غَيرَ أَنَّ يسوعَ لم يَطمَئِنَّ إِلَيهم، لأِنَّه كانَ يَعرِفُهم كُلَّهم ولا يَحتاجُ إِلى مَن يَشهَدُ لَه على الإِنسان، فقَد كانَ يَعلَمُ ما في الإِنسان"، فيا رب أنت الذي تعرف قلقنا وخوفنا، قوتنا وظلمة قلوبنا، أنت الذي خلقتنا تذكّر ضعفنا وهشاشتنا، وذكرنا أننا هيكلك الحي في هذا العالم فنحمل حبّك ونشهد لك إلى الأبد.








All the contents on this site are copyrighted ©.