2012-03-01 15:51:37

اتحاد أفريقي في تحول من أجل توافق أفضل


ما من شك في كون الواقع الأفريقي مركبا ومتعدد الأشكال، إلا أن هذا أمر طبيعي إذا أخذنا بعين الاعتبار آمال وتطلعات مليار شخص في مسيرة نحو التنمية والتمتع بالقدرة على تقرير المصير. برزت هذه الاختلافات بوضوح في القمة الأخيرة للاتحاد الأفريقي أيضا، وتتلقى إذاعة الفاتيكان معلومات من الدول الأفريقية كافة تعكس وجهات نظر وقيما مختلفة وتحاول الأقسام الأفريقية في الإذاعة جمع النقاط المشتركة والحديث عنها بين حين وآخر في افتتاحياتها مع إدراكها أن هذا لا يمحو خطر اتخاذ مواقف قابلة للنقاش.

نحاول بالتالي في حديثنا عن قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة الإشارة إلى الأمور "الجيدة" التي يمكن أن تحل محل تلك "السيئة"، و"الأفضل" بدلا من "الأسوأ".

لم ينجح ممثلو الدول الأعضاء في قمة أديس أبابا في نهاية كانون الثاني يناير في الاتفاق حول شخصية الرئيس الجديد للمفوضية الأفريقية، فقرروا تكليف حكومة مؤقتة لتسيير الشؤون الإدارية والإعداد لانتخابات أفضل خلال انعقاد قمة رؤساء الدول القادمة في ليلونغوي عاصمة ملاوي في شهر حزيران يونيو القادم. يُفترض بالتالي لهذه الفترة الانتقالية أن تساهم في إخراج الاتحاد من الأزمة وتمكين استمرار الحوار لإنهاء حالة الشلل الدبلوماسي الحالية.

يعني هذا بقاء الملفات المطروحة أمام الاتحاد بعيدة عن الأضواء بانتظار الخروج من الأزمة. ما من شك في أن ستة أشهر من الانتظار أفضل من اتخاذ قرارات متسرعة لا يمكنها تقديم حلول للتحديات التي تواجهها القارة، وسيتمكن من أثار مخاوفهم قرار تسليم المفوضية لحكومة مؤقتة، باعتبارها خطوة لا تنص عليها اللوائح، من إدراك أن الديمقراطية تشيَّد من خلال تعديل وتكييف الوسائل المتوفرة مع الواقع المختلف لأفريقيا المتبدلة بدورها. يُعتبر هذا الانتهاك للقواعد التقليدية حادثا عرضيا وإن كشف عن ضعف النظام بشكل قد تستفيد منه أطراف خارجية أو غير مهتمة بمخاوف القارة الحقيقية. وتتمثل نقطة ضعف النظام في تسهيله تدخل تركيبات لا تتماشى نواياها وأسلوب عملها مع خبرة أفريقيا وثقافتها. هناك خطر التأخر في بلوغ حلول يكون الأفارقة أنفسهم  في صفوفها الأولى عاملين من أجل مصلحتهم المشتركة.

فشلت أفريقيا في التوصل إلى اتفاق بين المرشحَين لرئاسة المفوضية، الوزيرة نكوسازانا دلاميني زوما من جنوب أفريقيا و الرئيس الذي تنتهي مدة رئاسته جان بينغ من الغابون، ويعني هذا استسلام القارة مرة أخرى إلى قضايا تحدد أجندتها التاريخية مع تجاهل رغبات الأفارقة الحقيقية. لا تجسد المرشحة الأفريقية الجنوبية والمنافس الغابوني وجهتي نظر متضادتين بل يمكن للطرفين الاستفادة من العمل معا بفضل تمتع أحدهما بكفاء أكبر والآخر بقدرات دبلوماسية أفضل.

كشفت قمة أديس أبابا عن استمرار الانقسامات، لغوية كانت أم تاريخية، في التمتع بثقل واضح في أوساط اتخاذ القرارات الهامة. طالبت جنوب أفريقيا بالتناوب، أي بانتخاب رئيس من أفريقيا الأنغلوفونية بعد رئيسين من دول فرانكوفونية، ودون الحديث عن انقسام كان هناك دور لكل من الطرفين، وفي النهاية كانت النتيجة التي لا تُعتبر في صالح أي منهما. وكان افتقاد أفريقيا للوحدة ما جعلها تفشل في الحصول على احترام الأمم المتحدة خلال التفاوض حول مصير الزعيم الليبي معمر القذافي أحد مؤسسي الاتحاد الأفريقي.

أثبتت قمة أديس أبابا ضرورة احترام القواعد من قبل منظمة هدفها مساعدة الدول الأعضاء في بلوغ الديمقراطية والسيادة الأفريقية. ونتمنى للاتحاد، الذي انتقل إلى مقره الجديد والأنيق الذي وفرته الصين (وقيمته 200 مليون دولار)، النجاح في أن يختار في شهر حزيران يونيو باستقلالية شخصيات  قادرة على حماية سيادة القارة.

على القادة الذين ستجمعهم قمة ملاوي أن يتذكروا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته التاريخية إلى بنين في تشرين الثاني نوفمبر الماضي حين وجه إلى رجال السياسة والاقتصاد في القارة دعوة واضحة: "لا تحرموا شعوبكم من الرجاء، لا تبتروا مستقبلها مشوهين حاضرها".








All the contents on this site are copyrighted ©.