2012-02-22 14:44:06

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: قال يسوع لتلاميذه: إِيَّاُكم أَن تَعمَلوا بِرَّكم بِمَرأًى مِنَ النَّاس لِكَي يَنظُروا إِليكم، فلا يكونَ لكُم أَجرٌ عندَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَوات. فإِذا تَصدَّقْتَ فلا يُنْفَخْ أَمامَكَ في البوق، كما يَفعَلُ المُراؤونَ في المجَامِعِ والشَّوارِع لِيُعَظِّمَ النَّاسُ شَأنَهم. الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخذوا أَجرَهم. أَمَّا أَنتَ، فإِذا تصَدَّقْتَ، فلا تَعلَمْ شِمالُكَ ما تَفعَلُ يَمينُكَ، لِتكونَ صَدَقَتُكَ في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك. وإِذا صَلَّيْتُم، فلا تَكونوا كالمُرائين، فإِنَّهُم يُحِبُّونَ الصَّلاةَ قائمينَ في المَجامِعِ ومُلْتَقى الشَّوارِع، لِيَراهُمُ النَّاس. الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخَذوا أَجْرَهم. أَمَّا أَنْتَ، فإِذا صَلَّيْتَ فادخُلْ حُجْرَتَكَ وأَغْلِقْ علَيكَ بابَها وصَلِّ إِلى أَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك. وإِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين، فإِنَّهم يُكلِّحونَ وُجوهَهُم، لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهم صائمون. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّهم أَخذوا أَجَرهم. أَمَّا أَنتَ، فإِذا صُمتَ، فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك.(متى6،1- 6،16-18)

تأمّل

منذ البدء، كان زمن الصوم يعتبر كالتحضير المباشر للمعموديّة، التي كان يجري الاحتفال بها عشية الفصح. وزمن الصوم بأسره كان بمثابة مسيرة نحو هذا اللقاء الكبير مع المسيح، ونحو الانغماس في المسيح وفي تجديد الحياة. نحن معمّدون ولكن المعموديّة غالبًا ما لا يكون لها تأثير في حياتنا اليوميّة. ولهذا فزمن الصوم هو، بالنسبة إلينا أيضًا، زمن تجدّد "كموعوظين" يستعدّون للمسير باتّجاه لقاء متجدّد مع معموديّتنا لنعيد اكتشافها وعيشها بشوق، ولكي نصير من جديد مسيحيّين بالفعل. الصوم هو فرصة "لنصير مسيحيّين من جديد"، من خلال عمليّة تحوّل داخلي مستمرّة، ومن خلال النمو في معرفة ومحبّة المسيح.

تضع الكنيسة بين يدينا اليوم نصا من عظة يسوع في الجبل، يركز فيه يسوع على ثلاثة التزامات أساسية لمحاربة الشر: التصدّق أي المحبة نحو المحتاجين، الصلاة للدخول في علاقة بنويّة مع الآب، والصوم لتطهير القلب. عيش المحبة، الصوم والصلاة، هذا برنامج الصيام الذي يدعونا يسوع اليوم لإتباعه، إنها التزامات يجب على كل مسيحي أن يعيشها، إنّها مسيرة يوميّة ينبغي أن تغطّي وجودنا بكليّته، وكلّ يوم من حياتنا... وبشكل أعمق في زمن الصوم، وما يجمع هذه التوصيات هو الشعور الداخلي الذي يجب أن يرافقها أي التواضع والسخاء بعيدا عن كل أشكال حبّ الظهور والمجد العالمي كما ينبهنا يسوع "وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك"، لأن الله ينظر إلى القلب.

لذا علينا في زمن الصوم أن نطهر قلوبنا من الأفكار الشريرة، والأحكام المسبقة، والنوايا السيئة، لأنه بسبب هشاشة طبيعتنا البشرية تجتمع في قلوبنا جميع أشكال الضعف هذه. يدعونا يسوع اليوم لندخل إلى ذواتنا ونفحص ضمائرنا ونطهرها ليسكن هو فينا ويحررنا لنحقق أساس دعوتنا المسيحية القداسة التي دُعينا إليها. زمن الصوم هو أيضا دعوة إلى التوبة أي أن نبحث عن الله، أن نسير معه، وأن نستمع إلى تعاليم ابنه يسوع المسيح؛ فالتوبة هي القبول الحرّ والمحبّ بأنّنا تابعون لله، خالقنا الحقّ، في كلّ شيء، وأنّنا تابعون للحبّ. وهذه ليست تبعيّة، بل حريّة، حرية أبناء الله.








All the contents on this site are copyrighted ©.