2012-01-31 16:39:40

من أويدا إلى كوبا مرورا بالمكسيك: بندكتس السادس عشر على مسار ذوي الأصول الأفريقية


لا تفصل سوى أمتار قليلة بين "بوابة اللاعودة" و"بوابة الخلاص" بين الساحل ومدينة أويدا التي كانت نقطة رحيل ملايين الأفارقة مقيدين بالسلاسل وأيضا وصول الإرساليين حاملين الإنجيل. وليس من الصدفة أن يختار البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته الرسولية إلى بنين هذه المدينة بمعناها الرمزي الكبير، كتعبير عن الألم والرجاء" لتكون المكان الذي يُسلم فيه أساقفة أفريقيا الإرشاد الرسولي ما بعد السيندوس "التزام أفريقيا" مؤكدا أن "على الكنيسة في أفريقيا نشر السلام والعدالة" بروح المصالحة التي تأتينا من الله.

ومن بنين أعلن البابا عن زيارته القادمة إلى المكسيك وكوبا اللتين كانتا إثنين من نقاط وصول ملايين الأفارقة المارين عبر بوابة اللاعودة، وهما بلدان يتواجد فيهما اليوم جزء من حوالي 300 مليون شخص من أصول أفريقية مشتتين في العالم، وبشكل خاص في قارتي أمريكي ومنطقة الكاريبي. ولهؤلاء كرست الأمم المتحدة عام 2011 حين أعلنته عام ذوي الأصول الأفريقية كي يتمكنوا من التمتع بالحقوق الإنسانية كافة والمشاركة في الحياة الاجتماعية بأوجهها المختلفة، وأيضا من أجل "معرفة واحترام أفضل لإرثهم الثقافي".

لم تُمح بعد آثار الإتجار بالبشر عبر المحيط وتستمر العنصرية والتفرقة الناتجتان عن تلك الفترة في التأثير على حياة ذوي الأصول الأفريقية أينما كانوا. دفع هذا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى القول: "لا يمكن للمجتمع الدولي القبول بتهميش تجمعات كاملة بسبب لون البشرة". استجاب المجتمع الدولي لنداء المشاركة في هذا العام المخصص لذوي الأصول الأفريقية فشهدت دول عديدة لقاءات ثقافية وجلسات حوار ومناقشة إلى جانب محاولات لإصدار إجراءات وقوانين جديدة أو لتطبيق أفضل لتلك السارية حاليا. أرادت هذه المساعي لفت الأنظار إلى أهمية مساهمات ذوي الأصول الأفريقية ليس فقط في اقتصاد العالم بل وعلى الصعيدي الإنساني والثقافي أيضا، وتكفي الإشارة إلى تنوع التعبير الديني، أو إلى موسيقى الجاز والتي كانت أيضا وسائل استخدمها العبيد الأفارقة لمقاومة ما تعرضوا له من محو وإلغاء على الصعيد الإنساني والثقافي والروحي.

ليس الكشف عن العوائق العنصرية التي تقف أمام انتعاش اجتماعي لذوي الأصول الأفريقية و محاربة هذه العوائق مجرد واجب أخلاقي، بل هو أيضا مساهمة في السلام والعدالة والمصالحة على الصعيد العالمي. على أفريقيا في المقابل عمل كل ما يمكن من أجل تنمية متكاملة تنعكس إيجابيا على القادمين من هذه القارة في العالم والتي قرر الاتحاد الأفريقي وصفهم بالمنطقة الأفريقية السادسة وذلك للاستفادة من قدرات المهاجرين في بناء أفريقيا الكبرى.

لا يمكن التغافل عن مساهمة الكنيسة الفعالة في هذه المسيرة، والدليل على ذلك الإرشاد الرسولي "التزام أفريقيا" الذي يشكل دعوة وتحفيزا لأفريقيا كي تستفيد من الطاقات الإيجابية المتوفرة لديها وجعلها مفيدة للعالم.

يتوجه قداسة البابا إلى المكسيك مع الاحتفال بمرور 200 عام على استقلال دول أمريكا اللاتينية، إلا أن عبيد أنغولا كانوا أول من أراد التحرر من إسبانيا في محاولة فاشلة بين القرنين السابع عشر والثامن عشر لإعلان مملكة أفريقية على الأراضي المكسيكية. تضاءل التواجد الأفريقي في المكسيك مع مرور الزمن على عكس كوبا حيث يبرز هذا التواجد وعناصره الثقافية بوضوح. وتجدر الإشارة إلى أن أولى ثورات الزنوج في كوبا اندلعت في "إيل كوبريه" التي يُنسب إليها تمثال عذراء المحبة والتي سيتوجه البابا إلى مزارها خلال زيارته الرسولية.

يشهد التاريخ للكنيسة باهتمامها بقضية العبيد خلال فترة الاستيلاء على أفريقيا وازدهار تجارة الرقيق حيث طالبت بمعاملتهم كبشر لا "أشياء" شأن ما جاء في قانون لويس الرابع عشر الأسود سيء السمعة.

يهتم البابا بمسيرة الاندماج والتكامل في أمريكا اللاتينية ودور هذه القارة في العالم، ولا يمكن هنا استبعاد ذوي الأصول الأفريقية الذين تشملهم مباركة البابا بندكتس السادس عشر من خلال زيارته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.