2012-01-22 12:42:38

الإنجيل وقفة تأمّلية عند كلمة الحياة


بَعدَ اعتِقالِ يوحَنَّا، جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل يُعلِنُ بِشارَةَ الله، فيَقول: "حانَ الوقت وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة". وكانَ يسوعُ سائرًا على شاطِئِ بَحرِ الجَليل، فرأَى سِمعانَ وأَخاهُ أَندَراوس يُلقِيانِ الشَّبَكَةَ في البَحر، لأَنَّهما كانا صَيَّادَيْن. فقالَ لَهما: "اِتبَعاني أَجعَلْكما صَيادَي بَشَر". فتَركا الشِّباكَ لوَقتِهِما وتَبِعاه. وتَقَدَّمَ قَليلاً فَرأَى يَعقوبَ بْنَ زَبَدى وأَخاهُ يوحَنَّا، وهُما أَيضًا في السَّفينَةِ يُصلِحانِ الشِّباك. فدَعاهُما لِوَقتِه فتَركا أَباهُما زَبَدى في السَّفينَةِ معَ الأُجَراءِ وتَبِعاه. (مرقس 1، 14-20)

للتأمل

يدعونا إنجيل اليوم للتأمل في دعوة يسوع للرسل، وفي جوابهم الحاسم والغير مشروط إذ "تَركا الشِّباكَ لوَقتِهِما وتَبِعاه"، هو يسوع الذي يدعو، يدعونا من قلب حياتنا اليومية لإتباعه في خدمة جديدة وحياة جديدة: من صيادَينِ على شاطِئِ بَحرِ الجَليل، إلى رسولَينِ يبشران بكلمة الله واقتراب الملكوت ويردان الناس إلى الله. عظيم هو الله يختار الجاهل من العالم ليخزي الحكماء، والضعيف من العالم ليخزي القوي، والخسيس من العالم، والحقير، وغير الموجود ليُعدَم الموجود.   

يقول القديس إيريناوس:"لم يأمرنا الآب بأن نتبع الكلمة لأنّه كان محتاجًا إلى خدمتنا، بل ليقدّم لنا خلاصنا. فاتّباعُ المخلّص هو المشاركة في خلاصه، كما أنّ اتّباع النور هو المشاركة في النور. والنور لا يَشعّ بسبب الإنسان، بل إنّ الإنسان هو الذي يستنير ويَشعّ من خلال النور. وهو لا يعطي النورَ أيَّ شيء، بل يستفيد من النور ويتنعّم بضوئه. هكذا هو الأمر بالنسبة إلى خدمة الله: فهي لا تُعطي اللهَ أيَّ شيء، لأنّه لا يحتاج إلى خدمة الإنسان. بل إنّ الله هو الّذي يمنحُ الحياةَ وعدمَ الفساد والمجدَ الأبديّ للّذينَ يخدمونه ويتبعونه. وإن كان الله يطلب خدمة الإنسان، فلِكَي يتمكّن، هو الطيّب والرحيم، من منح خيراته للّذينَ يثابرون في خدمته.

لهذا يقول يسوع لرُسلِه: "لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتُكم" (يو15: 16). ويشير بذلك إلى أنّهم ليسوا هم الّذين مجّدوه عندما تبعوه، بل لأنّهم تبعوا ابنَ الله، فقد تمجّدوا به... فالله يوزّع نِعمه على الّذينَ يخدمونه، لأنّهم يخدمونه. لكنّه لا يتلقّى منهم أيَّ نعمة، لأنّه كامل ولا يحتاج شيئًا. هو يدعوهم لأنّه يحبّهم.

الله يدعونا لأنه يحبنا! فلنترك شباكنا، جميع الشباك التي تكبلنا، أفكارنا، انشغالاتنا، وكلّ ما يقف حاجزا لمحبّة المسيح لنا، فرسالته وخلاصه يتتحققان من خلال حياتنا الصغيرة ومن خلال مسيرتنا اليوميّة. نحن مدعوون لنكون صيادي بشر، فننتشل البشرية من الظلمة والألم التي تتخبّط بهما. نحن مدعوون لإعلان البشرى السارة: بشرى حلول ملكوت الله وسكناه بيننا، بشرى محبة الله لنا...








All the contents on this site are copyrighted ©.