2012-01-14 17:10:16

2011 عام خاص بالنسبة لأفريقيا


لم تتوقف خلال عام 2011 في أفريقيا الحروب أو المجاعات أو مأساة الفقر، لكن هذا لا يجبرنا على تقييم العام الماضي انطلاقا من تلك الأحداث الأليمة فقط والتي ترتبط باسم القارة، فهناك أفريقيا أخرى شهدها عام 2011 نجحت في أن تكشف عن نفسها للعالم وإن من خلال أنباء سريعة.

لا يمكن إنكار بداية 2011 الأفريقي بسفك الدماء مع مجزرة الأقباط في الاسكندرية ليختتم بدماء مسيحية أخرى، في نيجيريا هذه المرة، مع الهجوم في الخامس والعشرين من كانون الأول ديسمبر على عدد من الكنائس ما أسفر عن موت كثيرين خلال بضع ساعات. وبدأ العام بشكل سلبي على الصعيد السياسي أيضا مع الصراع الدامي والطويل في ساحل العاج، ثم انتهى بصراع آخر في جمهورية الكونغو الديمقراطية.  

فلنُشر في المقابل إلى أفريقيا الأخرى، تلك القارة الباحثة عن الذات وعن أفضل السبل نحو التنمية. فعلى الصعيد الديني كانت الكنيسة دائما مؤازرة لأفريقيا لكنها استجابت هذا العام لمهمتها ورسالتها النبيلة بشكل مختلف ومميز من خلال تدخلات هامة عديدة، كما أن البابا بندكتس السادس عشر دافع بمحبة أكثر من مرة عن أفريقيا "قارة الرجاء". ومَن يمكنه أن ينسى الزيارة الرسولية إلى بنين؟ حين حمل البابا من الثامن عشر حتى العشرين من تشرين الثاني نوفمبر إلى القارة وسكانها الإرشاد الرسولي ما بعد سينودس عام 2009، ووجه تحية خاصة خلال زيارته إلى صديقه وزميله الراحل وابن أفريقيا البار الكاردينال برناردان غانتين.

تحدث البابا إلى الصحفيين حينها عن سبب زيارته الثانية هذه لبنين فقال إن السبب الأول كونه بلدا يعيش "سلاما خارجيا وداخليا"، وهناك سبب آخر هو التعايش السلمي بين ديانات مختلفة شأن أغلبية الدول الأفريقية. لم يكن إلا لشخصية مثل البابا أن تدفع الصحفيين إلى التأكيد على أن الواقع الأفريقي لا يقتصر على الحروب الدامية والصراعات، وبشكل خاص خلال عام 2011.

أما على الصعيد السياسي فلا يمكن للأزمات والصراعات أن تخفي بظلالها التتابع الديمقراطي للحكومات أو الانتخابات جيدة التنظيم أو فوز أغلبيات سياسية في انتخابات نزيهة قبلت بها الشعوب بشكل سلمي. يمكن هنا تقديم مثالا ألفا كونديه الذي فاز في انتخابات شهر تشرين الثاني نوفمبر في غينيا كوناكري حاملا الأمل إلى بلد خضع طويلا لسيطرة العسكر، أو الرأس الأخضر الذي نظم في شهر شباط فبراير انتخابات اعترف المراقبون الدوليون بنزاهتها، ثم أتت انتخابات زامبيا في شهر أيلول سبتمبر.

شهدت القارة عام 2011 مستجدات هامة مثل ولادة دولة جديدة، الرابعة والخمسين، وهي جنوب السودان، وفي المقام الأول ما عُرف بالربيع العربي. جاء تحرك شعوب دول شمال أفريقيا للمطالبة بتغيير حقيقي ليغير من وجه الدول العربية، الأفريقية أولا، ويجدده. واضطرت هذه الدول، تحت ضغط رأي عام استمر تجاهله طويلا، إلى تكييف مؤسساتها ودساتيرها وتركيباتها السياسية مع حركة الشعوب.

شملت المستجدات الصعيد الاقتصادي أيضا، فاعترف البنك الدولي بديناميكية كبيرة لقارة أفريقيا حيث بلغ متوسط النمو 6%، وإن كان من الضروري التذكير بصعوبة ترجمة هذه الأرقام الإيجابية نظريا إلى رخاء ملموس بالنسبة لسكان أفريقيا.

كان 2011 أيضا عام امرأتين أفريقيتين، إيلين جونسون سيرليف وليما غبوي من ليبيريا الفائزتان بنوبل السلام تقديرا لنشاطهما من أجل السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدهما ودعمهما لدور المرأة الأفريقية.

ليس هناك ما يفوق كلمات البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته بنين للتعبير عن تطلعات القارة في العام الجديد 2012 حين حث حكام ومسؤولي الدول الأفريقية على العمل الملموس من أجل خير شعوبهم قائلا: "لا تحرموا شعوبكم من الرجاء، لا تبتروا مستقبلها مشوهين حاضرها".                      

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.