2011-04-06 14:52:13

مدير مركز الواحة في البندقية: النقاط الغامضة للأزمة الليبية


نشرت مجلة الواحة في آذار مارس الفائت، مقالة بعنوان "النقاط الغامضة للأزمة الليبية" كتبها مرتينو دييز مدير مركز "الواحة" الذي أسسه الكردينال أنجلو سكولا بطريرك البندقية، حلل فيها ما يجري على الساحة الليبية، قال:

"هناك أمر يبدو جليا حيال الأزمة الليبية: لا نعرف الشيء الكثير حول ما يحدث فعلا. فكلنا (تقريبا) نتابع الجزيرة، التي ليست في الحقيقة مثالا على عدم الانحياز. ففي غياب معلومات موثوق بها، قد يكون من المفيد ذكر نقطتين مبهمتين في الحرب الجديدة التي وجدنا أنفسنا منخرطين فيها بقوة.

قبل كل شيء الثوار. من هم؟ كانت تحاليل الأيام الأولى تميل لتشبيههم بالمتظاهرين التونسيين والمصريين. ومع مرور الأيام أصبح أكثر وضوحا أننا انخرطنا في حرب أهلية: برقة ضد طرابلس (ولايتا ليبيا التاريخيتان)، وتنقسمان وفق ولاءات قبلية. هذا لا يلغي واقع أن الثوار يريدون كسر دكتاتورية خانقة ويطالبون بمزيد من الحريّة، لكنه يشير إلى وجود إطار أكثر تعقيدا من مقولة إن "الشبان يطالبون بالديمقراطية". أي أن ليبيا، على عكس مصر أو تونس، ليست دولة أمة وليس لها ماض مشترك قديم الزمان. ليست فيها أحزاب سياسية هامة، وجيشها، عكس البلدان المجاورة، فيه حضور قوي للمرتزقة، وإسلامها نفسه كان يصل حتى الآن عبر تفسير القذافي (ما عدا وجود سري لناشطين إسلاميين، ليسوا بغرباء عن الثورة). وأخيرا، ليست واضحة حتى القوة العددية الفعلية للمتمردين.

نعرف القليل القليل عن الثوار، بقدر ما نعرف الكثير الكثير عن العقيد القذافي. ففي السنوات الماضية، كان يُغفر له كل شيء (إذ قام من دون أي عائق بإلقاء محاضرة في جامعة لا سابيينتسا بروما، وهي الجامعة نفسها التي تمكنت فيها حفنة من الأساتذة الشجعان من صد بندكتس الـ16).

والآن تقرر تقديم الحساب له أو بالتحديد، قررت ذلك فرنسا ووافقت عليه بريطانيا وتركتهما الولايات المتحدة تقومان به، فيما امتنعت ألمانيا، واعتقدت إيطاليا أن أهون الشرين هو أن تكون في اللعبة بدلا من البقاء خارجها، وحاولت جامعة الدول العربية التوفيق ما بين المواقف المتضاربة في داخلها، ما عدا الإعراب في ما بعد عن دهشتها (ودهشة تركيا أيضا) أمام حقيقة أن منطقة الحظر الجوي تفرض من خلال استخدام القوة وليس بِطقطقة لطيفة للأصابع.

استغرق التوفيق بين المواقف المختلفة كما من الوقت فترك المتمردون يغرقون ثم أطلقت على عجل حملة عسكرية (مهمة سلام) ذات أطر غير محددة جيدا. رسميا، الهدف هو منع عنف القذافي من أن يطال "المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان المدنيين المهددين بالهجوم في الجماهيرية العربية الليبية، بما فيها بنغازي".

النقطة الوحيدة الواضحة في صياغة الأمم المتحدة هي حماية بنغازي، والتي تم تأمينها الآن. ومن هناك يمكن توسيعها لتضم منطقة برقة التي هي في أيدي المتمردين، وهو هدف تحقق حاليا. لكن النص قابل لتفسير أوسع تتطابق فيه المناطق المهددة بالهجوم مع ليبيا بكاملها. بعبارة أخرى، يصبح الهدف طرد القذافي. وهذه مسألة خطيرة جدا، لأن "المدنيين المعرضين لخطر وقوع هجوم" من قبل حكامهم المستبدين كثيرون في العالم. فهل يتعين علينا أن نشن حربا عليهم جميعا؟

تقول تجربة صربيا إنه من الصعب الإطاحة بنظام من خلال سلسلة غارات جوية مركزة. وكما ذكر على نطاق واسع، فقد بيّن العراق ما معنى التدخل البري. لذلك سيكون تفسير قرار الأمم المتحدة من مهمة الثقل العسكري الحقيقي للثوار، المسلحين والمزودين بالذخيرة على نحو متزايد. فإذا تقدموا، فسيجري الحديث عن حرب من أجل الديمقراطية. وإذا لم يتقدموا، فسوف تكون حربا إنسانية. فالحرب بدون صفة، حرب المصالح، تبدو سيئة اليوم.

أن يكون العديد من البلدان الأوروبية، وأولها فرنسا، يبحث عن مجالات اقتصادية أكبر في ليبيا لهو شيء معروف جيدا. فقد كان هناك أيضا بالنسبة لِباريس مسألة التعويض عن سوء إدارة الثورة التونسية، ففكرت على الأرجح بالاستفادة من الحركات التي تجتاز العالم العربي لتسوية هذه المسألة. لكن القذافي بدا أكثر تجذرا على الأرض مما كان يعتقد، وأصبحت اللعبة خطرة، لكن فرنسا وبريطانيا اختارتا القيام بها رغم كل شيء وتبعهما الآخرون.

النتائج حتى الآن هي حالة من الفوضى في تحديد الأهداف، وغياب الضوابط في الوسائل، وتقييمات استراتيجية خاطئة وإقحام لا مفر منه للمدنيين، في حين يتظاهر الجميع بعدم التفكير في التدخل البري. ليست بداية جيدة وسوف تجعل مشبوهة أكثر التصريحات القادمة الداعمة للحركات الديمقراطية في البلدان العربية.








All the contents on this site are copyrighted ©.