2010-10-20 17:46:41

سيادة المطران كورت كوخ، رئيس أساقفة - أسقف متقاعد، بازيلايا، رئيس المجلس الحبريّ من أجل تعزيز وحدة المسيحيّين السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)


الجمعة 15 تشرين الأول أكتوبر

شركة وشهادة: يوجد أيضًا في عنوان سينودس الأساقفة مفهومان أساسيّان للحركة المسكونيّة المسيحيّة واللذان رجع إليهما تذكاران سنويّان احتُفِل بهما هذه السنة.

في اسكتلندا، في أدنبره، حيث ذهب الأب الأقدس البابا بندكتوس السادس عشر في أيلول/سبتمبر الماضي، كان قد جرى فيها لمائة سنة خلت، أوّل مؤتمرٍ عالميٍّ حول الرسالة. وكان هدفه الأوّليّ وعي فضيحة من أجل إيجاد حلٍّ لها: وكانت الفضيحة أن الكنائس المختلفة والجماعات المسيحيّة تتسابق في الرسالة بطريقة مسيئة إلى مصداقيّة البشارة بإنجيل يسوع المسيح، خصوصًا في القارّات الأكثر بعدًا. ومنذ ذلك الوقت، الحركةُ المسكونيّةُ والرسالةُ أصبحتا شقيقتين توأمين تتناديان وتتساندان الواحدة الأخرى. تتوافق هذه الثنائيّة أيضًا مع إرادة يسوع الذي صلّى من أجل الوحدة "ليؤمن العالم بأنّك أنت أرسلتني" (يو 17: 21). في نظر يسوع، ليست الوحدة المسكونيّة الحقيقيّة غايةً بحدّ ذاتها، ولكنّها تضع نفسها في خدمة الإعلان ذات المصداقيّة للإنجيل الوحيد ليسوع المسيح في عالم اليوم. يجب أن يكون لشهادتنا نغمٌ مسكونيٌّ واحدٌ من أجل ألاّ يكون لحنها ذات أصوات متنافرة بل سمفونيّة متناغمة. وعلى هذا النغم أن يكون قابلاً للادراك في الإنضاج المتجدّد يوميًّا لما هو جوهريّ، نعني بذلك الإيمان الوحيد الذي يعمل في المحبّة وعبرها.

لخمسين سنة خلت، أُنشِئت الأمانة العامّة التي تسمّى اليوم المجلس الحبريّ لتعزيز وحدة المسيحيّين. ولا يزال يضطلع هذا الأخير بخدمة الهدف المسكونيّ لوحدة مرئيّة في الإيمان، في الأسرار وفي الخدمة الكنسيّة. وها إنّ المفهوم الأساسيّ الثاني يعود إلى الصفّ الأوّل، وأعني بذلك الشركة المتجذّرة في السرّ الثالوثيّ لله كما أبرزه يوحنّا في رسالته الأولى بهذه الكلمات المعبّرة: "ذاك الذي رأيناه وسمعناه، نبشّركم به أنتم أيضًا لتكون لكم أيضًا مشاركة معنا ومشاركتنا هي مشاركة للآب ولابنه يسوع المسيح" (1 يو 1: 3). إنّ اللقاء بيسوع المسيح كابنٍ للّه متجسّد هو نقطة الانطلاق الحاسمة في كلّ شركة. من هذا اللقاء تنبع الشركة بين البشر المؤسَّسة على الشركة مع الله الثالوث. الشركة الكنسيّة مرتكزت إذًا على الشركة الثالوثيّة: الكنيسة أيقونة الثالوث.

يظهر مّما سبق الرابطُ بين الحقيقتَين، بين الشركة والشهادة: إنّ محتوى شهادتنا هو سرّ الله الذي كشف لنا عن ذاته في كلمته (الـ"لوغوس")، تمامًا كما هو كائن وكما يحيا في ذاته. تستطيع هذه الشهادة أن تكون ذات مصداقيّة في العالم الحاليّ فقط إذا أصبح كِلا شركة الحياة والبحث الشغوف عن شركةٍ أرحب، أيقونات مرئيّة للسرّ الإلهيّ، أو كما يقوله بولس، "رسائل توصية": "أنتم رسالتنا كتبت في قلوبنا، يعرفها ويقرأها جميع الناس" (2 كو 3: 2). يمكن أن يُقصَد إذًا بالحركة المسكونيّة كمسارٍ تنمو فيه الحياة الكنسيّة نحو الشركة: ويعني ذلك أنّ شركة الحياة في الكنيسة الخاصّة بالمرء تصبح شهادةً ظاهرة وتشعّ في الشركة المسكونيّة الأكثر اتّساعًا.

تتطلّب الشركة والشهادة في هذا السينودس أيضًا طوعيّةً مسكونيّةً ننتظرها خصوصًا من الكنائس الشرقيّة في الشرق الأوسط. في الواقع، إنّها مدعوّة بطريقةٍ خاصّة إلى أن تتنفّس برئتين. لذلك أرغب أن أختم في هذه الدعوة المليئة بالرجاء: ساعدونا، نحن جميعًا والكنيسة الجامعة، على التنفّس هكذا، بروحٍ مسكونيّة!








All the contents on this site are copyrighted ©.