2010-10-18 13:47:40

سيادة المطران كلاوديو ماريا تشيلّي، رئيس أساقفة تشفيتانوفا شرفًا، رئيس المجلس الحبريّ لوسائل الاتصالات الاجتماعيّة السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)


تشير وثيقة العمل ( رقم 67) بجدارة وكذلك التقرير (صفحة 12) بأنّ وسائل الإعلام التقليديّة والحديثة تقدّم فرصة للتبشير ولنشر قيم الإنجيل، وبخاصّة بين الشباب الذين لا يذهبون دائما إلى الكنيسة، ويستخدمون هذه الوسائل بشكل متزايد ويتواصلون فيما بينهم عبر الشبكات.

- وأودّ هنا الإشارة إلى أنّنا لا نتكلّم عن أدوات فقط، وإنّما عن "ثقافة" حقيقيّة وخاصّة، وهي موجودة في التشابك التواصلي  الذي لم نسمع عنه في التاريخ.

- وأعرض لكم مثلا: للكنائس في الشرق تقاليد عريقة بالأيقونات، وهي قدرة جديرة بالثناء على خلق لغة عبر الصور، وليست فقط ثمرة للروحانيّة، وإنّما تقوّيها، وتقدّم ثقافة ومدرسة حياةٍ وفكرٍ يشكّل جزءا من الهويّة الجماعيّة للعديد من الكنائس المحليّة وللمجتمع.

- فثقافة اليوم تخلق لغات جديدة وطرق تفكير جديدة وتغذيها. وهي تكتسح العقليّات وطرق الفهم وطرق التعلّم ومواضيع الحوار. فلا نستطيع إذا أن نجيب على تحديّات اليوم والغد، بإجابات الأمس. ولا نستطيع الإستمرار بالتحدّث عن مقولاتنا لأشخاص باتوا بعيدين عنها أكثر فأكثر. ولذلك، علينا، وبمحبّة لشعوبنا، أن نقوم بفعل ارتداد رعويّ، وعلينا أن نتعلّم من جديد كيف نصغي وكيف نتواصل، وهذا لا يعني أنّ علينا أن نجري خلف أحدث التقنيّات، وإنّما أن نفهم مقولات الآخر وأن نستخدمها.

- هذه الثقافة الرقميّة مدموغة بالمباشر وتتابع الصور بشكل سريع، وبالموسيقى والنصوص المختصَرة والموجزة. وحتى الطريقة الشفويّة قد تغيّرت، ولم تعد الكلمة كافية لوحدها. فالكتاب والطباعة لن يختفيا، ولا حتى نشرة رعويّة صغيرة، لكنّ ذلك لم يعد كافيا.

- وهذه الثقافة الرقميّة موجودة كذلك في دول عدّة في الشرق الأوسط، وفي الكنائس المحليّة، عبر التلفزيون والراديو والسينما والمواقع الالكترونيّة والشبكات الإجتماعيّة. ولهذا الفضاء الإعلامي تأثير على الحياة اليوميّة، فهو يشكّل القيم والخيارات والآراء والتساؤلات وأفكار الأشخاص... والمسيحيّون منهم... وأحيانا بقدرة تفوق بكثير قدرة معلمي التربية المسيحيّة، أو الكاهن في عظته أو حتى الأسقف. وليس صدفة أن يدعونا الأب الأقدس  إلى أن نكون حاضرين وأن نقدّم الدياكونيا ( الخدمة) لهذه الثقافة بتقديم رسالة المسيح بلغات اليوم ، اللغات الرقميّة والورقيّة، الحقيقيّة والوهميّة، وذلك بأن نعلن رحمة الله ، والإصغاء للآخر، ومحبّة الأعداء واستقبال واحترام كلِّ شخص بشري، وبخاصّة الضعفاء . الدياكونيّا هي خدمة الأشخاص في ثقافتهم.

- ويسري ما سبق في الحوار مع غير المؤمنين، والباحثين عن الله ، وذلك- وكما دعانا البابا بندكتس- بأن نفتح "باحات الوثنيين"، أي مساحات حوار وإصغاء لكلّ من لديه تساؤلات وفي حالة بحث. إنّ الأعلام يبهر العالم بأعداد الكتب والأفلام والمواقع الإلكترونيّة وغيرها، والمتعلقة بالمسألة الدينيّة، وبالبحث عن المتعالي والروحانيّات والبحث عن العدالة والسلام. وعلى الكنيسة أن تصغي وأن تسير بتواضع وأن تقدّم كنز الإنجيل الثمين، ولكن عليها أن تقوم بذلك بمقولات اليوم.

- وهكذا ، وكما ينصّ التقرير، من الضروري تنشئة العاملين في الحقل الرعوي، وبالطبع العلمانيين وبالأخص الصحافيين، وليس ذلك فحسب، بل أيضا من الملحّ تنشئة طلاب الكهنوت، ليس على استخدام التقنيّات، فهم يعرفونها أفضل منّا، بل على التواصل وعلى الشركة في هذه الثقافة سريعة التطوّر. وبدون كهنة، وبالطبع بدون أساقفة، يفهمون ثقافة اليوم، سيكون هنالك انقسام تواصلي يحول دون إيصال الإيمان إلى الشباب في الكنيسة. ولا يكفي أن نؤسّس مواقع إلكترونيّة، بل ما نحتاج إليه هو حضور قادر على خلق أدوات سليمة للتواصل، وعلى فتح "أماكن" يجتمع فيها الناس للشهادة لإيمانهم ولإحترام الآخرين. وهذا لا يعني، بالطبع، أن نبتعد عن اللقاء الشخصي والحياة الجماعيّة العاديّة... والأمر لا يتعلّق بإجراءات بديلة. وكلّّ منهما بات لا يُستغنى عنه من أجل انتشار ملكوت الله.








All the contents on this site are copyrighted ©.