2010-10-16 13:25:34

سيادة المطران بشاره الراعي، مريميّ، أسقف جبيل للموارنة السامي الاحترام (لبنان)


نقرأ في الفقرة 34 من ورقة العمل: "في لبنان، المسيحيّون منقسمون على الصعيدَين السياسيّ والطائفيّ، ولا أحد عنده مشروعٌ مقبول من الجميع". لا يوجد انقسامٌ على الصعيد الطائفيّ، بل تنوّعُ كنائس كاثوليكيّة ذات حقٍّ خاصّ وأرثوذكسيّة وإنجيليّة لكلٍّ منها تراثها، الليتورجيّ، اللاهوتيّ، الروحانيّ والنظاميّ. بالعكس، يوجد انقسامٌ على الصعيد السياسيّ لا يمسّ الجوهر بل الخيارات الإستراتيجيّة. أمّا في ما يخصّ الجوهر، فيتّفق المسيحيّون حول الثوابت الوطنيّة المحدّدة في الوثيقة المعروفة بـ"الثوابت" المنشورة من قِبل البطريركيّة المارونيّة في 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2006، والتي وافق عليها ووقَّعها رؤساء الأحزاب السياسيّة المسيحيّة. طُوِّرَت هذه الثوابت في وثيقةٍ أخرى ظهرت سنة 2008 بعنوان: شرعة العمل السياسيّ في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصيّة لبنان.

أمّا في ما يختصّ بالخيارات السياسيّة، فإنقسامُ المسيحيّين مُركّزٌ على الإستراتيجيّة المتعلّقة بحماية الثوابت المذكورة والحضور الفعّال والفعليّ للمسيحيّين. سبَّبَ هذا الانقسام الشروط السياسيّة الحاليّة أكانت داخليّةً أمّ إقليميّةً أمّ عالميّة.

إذ إنّه يوجد انقسامٌ قويٌّ في العالم العربيّ بين السنّة والشيعة، ظاهرٌ على الصعيد الإقليميّ في التحالف، من الناحية السنّيّة، بين المملكة العربيّة السعوديّة ومصر والأردن، ومن الناحية الشيعيّة، بين إيران وسوريا. تحوّل هذا الانقسام إلى صراعٍ دمويٍّ بين السنّة والشيعة في العراق. أمّا على الصعيد العالميّ، فيقع الصراع بين الولايات المتّحدة وحلفائها لصالح السنّة من جهة وإيران من جهةٍ أخرى بسبب طموحاتها الإقليميّة وبرنامجها النوويّ. في لبنان يقع انقسام المسيحيّين، في إطار النـزاع السياسيّ بين الشيعة والسنّة. لإنقاذ النظام اللبنانيّ والحضور الفعليّ للمسيحيّين، يختار قسم منهم التحالفَ مع السنّة وقسمٌ آخر مع الشيعة وقسم ثالثٌ يدعو إلى علاقاتٍ جيّدة مع السنّة والشيعة على السواء وإلى عدم الانسياق في سياسة المحاور الإقليميّة والعالميّة.

يرتكز المشروع السياسيّ المقبول من الجميع على إكمال الدولة المدنيّة، وتوجدُ مقوّماتها في "الثوابت" و"شرعة العمل السياسيّ" والدستور. هذا ما يميّز لبنان عن سائر بلدان الشرق الأوسط التي تتبع جميعًا أنظمةً دينيّة.








All the contents on this site are copyrighted ©.