2010-10-15 13:19:42

نيافة الكاردينال روجر مايكل ماهوني، رئيس أساقفة لوس أنجلوس السامي الاحترام (الولايات المتحدة الأمريكيّة)


 نيابةً عن الأساقفة والكاثوليك في شمال أميركا، يسعدني تقديم تحياّتي إلى أخوتي الأساقفة والكاثوليك من كافة الكنائس في الشرق الأوسط الملتئمين في هذه الجمعيّة الخاصّة التاريخيّة. نحن مباركون في بلادنا بأن يكون لدينا عدد كبير من أعضائكم الذين يعيشون في هذا الشرق متّحدين مع الكنيسة الكاثوليكيّة في الولايات المتّحدة.

إنّي أركّز هنا في السؤال على كيفّية عيش مسيحيّي الشرق الأوسط في الإنتشار سرّ الشركة فيما بينهم ومع غير المسيحيّين. ثمّ سوف أوجّه اهتمامي إلى النظر إلى الشهادة المميّزة لمسيحييّ الشرق الأوسط والتحدّيات التي يقدّمونَها.

شاهدون للشركة: بينما نعترف بالوحدة مع روما، ينبغي تشجيع العلاقات بين الكنائس، ليس فقط بين الكنائس الكاثوليكية الشرقيّة  المستقلّة في الشرق الأوسط ولكن بشكلٍ أخصّ في بلدان الإنتشار. (مقطع رقم 55). وفيما نقرّ باستنزاف المسيحيّين من الشرق الأوسط إلى أوروبّا واستراليا والأميريكيّتين، وجدنا عدّة طرق لتحويل الهجرة إلى فرصة جديدة لدعم هؤلاء المسيحيّين وايجاد استقرار لهم في الإنتشار، ونحن نحاول ان ندعم هذه الكنائس الكاثوليكيّة المستقلّة من خلال الترحيب بهم ودعمهم لإنشاء الرعايا والمدارس والمؤسسات الثقافيّة والجمعيّات لإغاثة شعوبِهم المحتاجة عندما يستقرّون في الغرب.

لقد استقبلنا الأشوريّين-الكلدان، والاقباط، والروم الملكيين، والموارنة والسريان الكاثوليك ، وساعدت أبرشيّتنا العديد منهم على مدار السنوات بمنحهم قروض ماليّة ووسائل أخرى تساعدهم على إيجاد بيوتٍ لهم في لوس أنجلوس. وعلى مدى خمسٍ وعشرين عامًا من خدمتي الأسقفيّة، قمت بزيارة هذه الكنائس، وكنت أشجّعهم على "أن يكونوا أنفسهم" خلال وجودهم في أبرشيّة لوس أنجلوس التابعة للكنيسة اللاتينية. بالإضافة إلى هذه الموارد، لدينا المؤسّسة الرعويّة الكاثوليكيّة الشرقيّة، التي تضمن مكرّسين من هذه الكنائس الشرقيّة وغيره ويجتمعون مرّتين في الشهر للصلاة والدعم المتبادل لتنسيق الأنشطة الرعويّة في لروح البنيان المتبادل بدلاً من روح المنافسة.

الشركة هي في قلب الحياة الإلهيّة. التعدّد في الوحدة، والوحدة في التعدّد. الوحدة في التعدّد، والتعدّد في الوحدة، في قلب الشركة، أي الكنيسة. في الولايات المتّحدة، إنّ الإحترام العميق للتعدّد ينتج تحدّيات فريدة. إن ّ المؤمن في الكنائس المستقلّة الكاثوليكيّة غالبًا ما ينتمي إلى كنيسة كاثوليكيّة تختلف عن كنيسته الأصليّة. مثلاً كنيسة اللاتين. ومثل هؤلاء الأشخاص مطالبون بالحفاظ على انتمائهم لجماعتهم الأصليّة أي الكنيسة التي نالوا العماد فيها. بيد انّ العديد من الكاثوليك الشرقيّين القادمين من الشرق الأوسط لا ينصتون إلى هذا النداء ويصبحون لاتين. هناك مثلان للتوتر بين التعدّد والوحدة. عندما تضع العائلة أطفالها في مدرسة ابتدائيّة تابعة للكنيسة اللاتينيّة، هناك خصم للأقساط المدرسيّة لأبناء الرعيّة المواظبين. فكيف نطلب من مسيحيّي الكنائس الشرقيّة أن يحافظوا على انتمائهم في الكنيسة التي نالوا العماد فيها. وكيف ننبّه رعاة الكنيسة اللاتينيّة ومدراء المدارس ونشجّعهم على تقديم العون للمهاجرين ليحافظوا على صلتهم مع جماعتهم الأصليّة لئلاّ يثقلوهم بأحمالٍ إضافيّة كأن يخيّروهم ما بين الإلتحاق بالكنيسة اللاتينيّة أو بالبقاء أعضاء في كنيستهم الشرقيّة الأصليّة

مثل ثانٍ قد يسلّط الضوء عاليًا: الكثير من الكنائس الشرقية تمنح سرّ الإفخارستيّا للأولاد مع المعموديّة. عندما يدخل أبناء هذه الكنائس الذين اعتادوا على تناول القربان إلى الكنائس اللاتينيّة ، غالباً ما يمنعون عنه.

إنّ هناك حساسيّة كبرى لبعض المواضيع العمليّة التي يمكن أن تخفّف من وطأة المهاجرين الشرقيّين الكاثوليك من الشرق الأوسط. لعلّ الدارسات التي تمنح في الإكليريكيّات تعطي الأهميّة الكافية للتحديات العمليّة التي يواجهها الكهنة والرعاة في حال ساعدوا الجالية في الإنتشار لعيش سرّ الشركة بطريقة احترام شرعة تعدّد الشعوب في هذه الكنائس؟

في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، يوجد العديد من المعاهد للدراسات العليا. إنّ تحضير معلّمي التعليم المسيحي، مع توفير التنشئة الروحيّة والليتورجيّة واللاهوتيّة في هذه المدارس الكاثوليكيّة هي حصريًّا لاتينيّة بتوجيهها. أين يتوافق مهاجرو الشرق الكاثوليك مع هذه المعاهد الكاثوليكيّة التربويّة التي هي حريصة على تقديم دورات وحلقات دراسيّة عن الديانات الأخرى، سواء كانت اليهوديّة أو الإسلام أوالبوذيّة أوالهندوسيّة، ولكن القليل من الإهتمام قد أُعطى للاهوت، لليتورجيا أو الروحانيّة في الكنائس الشرقيّة؟  خاصةً في المناطق حيث يوجد العديد من المهاجرين، كيف يمكن مساعدة هذه المعاهد العليا، إضافةً إلى المعاهد الدينيّة، أن تذكّر بالحاجة إلى هذه الدراسات التي يمكن أن تقدّمها إلى المغتربين لكي "يكتسبوا معرفة كافية باللاهوت وبالروحانية الخاصّة بالكنيسة التي ينتمون اليها" ؟ (فقرة 64).

شاهدون للمسامحة: هناك تحدٍّ من نوع خاص يساعد هذه الشعوب من الكنائس الشرقيّة لعيش كمال الإنجيل الذي قدّمته الخطوط العريضة 90 "الأمنيات والصعوبات في الحوار مع اليهوديّة" و 95 " العلاقات مع المسلمين". إنّ الكثير من هذه المبادرات قد عولجت في بلدنا وفي أبرشيّتنا ، فلدينا ارث كبير من العمل المسكوني ومن العلاقات بين الكنائس وبين الاديان. ومع الأسف، تقوم هذه المبادرات من دون مشاركة من قبل المسيحيّين المهاجرين من الشرق الأوسط. في الواقع، هناك دائمًا إنتقادات من طرفهم ازاء الجهود المبذولة، وبخاصةٍ فيما يختصّ بالمسامحة.

غالبًا ما يأتي مسيحيّو الشرق إلى أمريكا الشماليّة مع أفكارٍ ومواقف تجاه الاسلام واليهود لا تتماشى مع الإنجيل أو مع الخطوات التي وضعناها في العلاقات الكنسيّة أو مع باقي الأديان. لأنّنا نحن في لوس أنجلوس نعيش "قريبين" من مختلف الشعوب ومن مختلف المعتقدات، فكيف لنا أن نساعد الوافدين في بلاد الإنتشار لتصحيح المعتقدات الخاطئة التي قد تؤثّر على أوطانِهم من خلال المسيحيين الذين يعيشون في الغرب؟

على الرغم من انهم لا يريدون سماع ذلك، فإنّ المسيحيين الذين يعيشون في الشرق الأوسط وقد هاجروا إلى الغرب هم

بحاجة إلى التحدّي ليكونوا علامةً للتسامح والسلام. والضرورة القصوى هنا هي المسامحة.

أنّ التحدّي الأكبر الذي تواجهه الشعوب المهاجرة - سواء من الكاثوليك الآتين من الشرق الأوسط أو الكاثوليك الفيتناميين الذين فروا من بلدهم إلى جنوب كاليفورنيا، أو الكوبيين الذين فروا الى شواطئ ميامي - لا يكمن فقط في مساعدتِهم على عيش الشركة بين المسيحيّين والكنائس المسيحيّة. بل إنّ التحدي الأكبر هو أن نساعدهم لأن يكونوا شهوداً للإنجيل من خلال مسامحتهم لأعدائهم الذين قد يكونوا لسبب أو لآخر سببا أساسيا في هجرتهم للبحث عن السلام والعدالة على سواحلنا. ولنتذكّر دائمًا رسالة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الراحل التي وجّهها للدبلوماسيين في العالم في اليوم العالمي للسلام سنة 2002، وقد لخّصها في هذه العبارة المليئة بالتحدّي: "لا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون مسامحة".








All the contents on this site are copyrighted ©.