2010-10-15 16:06:05

سيادة المطران رمزي كرمو، رئيس أساقفة طهران للكلدان، المدبّر البطريركيّ للكلدان في الأهواز، رئيس مجلس الأساقفة الإيرانيّ السامي الاحترام (إيران)


تطرح "أداة العمل"، في خاتمتها، هذا السؤال الهامّ جدًّا والمقلق إلى حدٍّ كبير في آن معًا: أيّ مستقبل لمسيحيّي الشرق الأوسط؟

في رأيي، تطلق هذه المسألة نداء مُلِحًّا إلى ارتداد حقيقيّ وعميق للقلب إلى حياة مطابقة لرسالة الإنجيل. صحيح أنّ مستقبل الكنيسة في بلداننا وفي العالم بأسره هو في يدَي الله الذي يسهر على جميع أبنائه كأبٍ مملوء حنانًا ورحمة. لكنّه عُهِدَ به أيضًا إلى مسؤوليّتنا كرعاة، خلفاء الرسل، تلقّينا هذه المهمّة بأن نرعى قطيع الله، ليس عن جشع، بل بتفانٍ، عندما نضحي أمثلة للقطيع (ا بط 5: 2-3).

حتّى يكون هذا المجمع مصدر نِعَمٍ وتجدّدٍ لكنائسنا، لا بدّ من الإصغاء إلى ما يقوله لنا الروح القدس. هو الذي يمكنه أن يطهّر قلوبنا وأن يحرّرها من كلّ ما يمنعنا من أن نكون شهودًا أصيلين ومخلصين للقائم من الموت. في هذا السينودس المقدّس، مطلوب منّا أن نكون مطواعين ومتنبّهين لصوت الروح القدس الذي يذكّرنا بأنّ رسالة الكنيسة المحلّية هي أن تكون في خدمة الشعب المرسَلَة إليه، رسالتها الرئيسيّة هي أن تعلن بشرى الإنجيل السارّة وفقًا لثقافة هذا الشعب. لحسن الحظ، تحذّرنا وثيقة العمل من خطر النـزعة الطائفيّة ومن تعلّق مفرط بالأصل العرقيّ اللذَين يحوّلان كنائسنا إلى معازل ويغلقانها على ذاتها. في حين أنّ مهمّة نشر البشرى تدعونا إلى أن نعيش التنوع الذي يميّز التقاليد الموقّرة لكنائسنا في شراكة عميقة تظهر ثراءها وجمالها.

إنّ كنيسة عرقيّة وقوميّة هي على تعارض مع عمل الروح القدس ومع إرادة المسيح الذي يقول لنا: "ولكن ستنالون قدرة، هي قدرة الروح القدس الذي ينـزل عليكم، فتكونون لي شهودًا في أورشليم، واليهوديّة كلّها والسامرة، وحتّى أقاصي الأرض" (أع 1: 8). لقد أعطى القدّيس بولس لذاته لقب "رسول الأمم"، وذلك بسبب شغفه بإعلان الإنجيل لجميع الشعوب، هو الذي كان بإمكانه أن يتباهى بأنّه يهوديّ وإسرائيليّ. لنستمع إلى ما يقول: "ولكن لديّ سبب أيضًا لكي تكون لي ثقة في نفسي... إنّي مختون في اليوم الثامن، من بني إسرائيل، من سبط بنيامين، عبرانيّ من العبرانيّين؛ أمّا في الشريعة فأنا فرّيسيّ، وأمّا في الحميّة فأنا مضطهِد الكنيسة، وأمّا في البِرّ الذي يُنال بالشريعة، فأنا رجلٌ لا لوم عليه. إلاّ أنّ ما كان في كلّ ذلك من ربح لي عددتُه خسرانًا من أجل المسيح" (فيل 3: 4-7). ومن أجل أن يتمكّن بولس من أن يشهد للمسيح المائت والقائم أمام الأمم الوثنيّة، ضحّى بالأمّة والعِرق. هل نحن مستعدّون لأن نقتدي به في هذه النقطة بحيث تتمكّن كنائسنا من أن تجد نفَسًا رسوليًّا جديدًا يُسقِط الحواجز العرقيّة والقوميّة التي قد تعرّضها لخطر الاختناق ولجعلها عقيمة؟

"لقد تجاهلت أداة العمل تقريبًا الأهمّيّة الحيويّة للحياة الرهبانيّة والتأمّليّة لتجديد كنائسنا وإحيائها. كان شكل الحياة هذا، الذي ظهر في الشرق، في أصل انتشار رسوليّ غير عاديّ، وشهادة رائعة لكنائسنا في القرون الأولى. ويعلّمنا التاريخ أنّ الأساقفة كانوا يُختارون من بين الرهبان ، وهذا يعني رجال صلاة وحياة روحيّة عميقة، ويتمتّعون بخبرة واسعة في "أمور الله". اليوم، وللأسف ، لا يخضع اختيار الأساقفة للمعايير ذاتها، ونحن نتبيّن النتائج التي ليست دائمًا سعيدة، للأسف.

يؤكّد لنا اختبار الكنيسة في الألفَي سنة التي خلت أنّ الصلاة هي روح الرسالة، وبفضلها جميعُ أنشطة الكنيسة هي مُخصَبة وتؤتي ثمارًا وافرة. إلى جانب ذلك، كلّ الذين شاركوا في إصلاح الكنيسة وردّ جمالها البريء وشبابها الدائم إليها كانوا بمعظمهم رجال ونساء صلاة. وليس من قبيل المصادفة أنّ ربّنا يدعونا إلى أن نصلّي دون توقف... ونلاحظ بأسف ومرارة أنّ أديرة الحياة التأمّليّة، ينبوع النعم الوفيرة لشعب الله، قد اختفت تقريبًا من كنائسنا الشرقيّة. يا لها من خسارة كبرى! يا للأسف!








All the contents on this site are copyrighted ©.