2010-10-15 10:45:17

سيادة المطران جورج بقعوني، رئيس أساقفة صور للروم الملكيّين السامي الاحترام (لبنان)


صحيح أنّ الآباء هم المربّون الأولّون للإيمان، بمساعدة المدارس والرعايا. ولكن في أعقاب المجمع الفاتيكانيّ الثاني، نشأت مبادرة جديدة في التعليم المسيحيّ من الحركات الكنسيّة الجديدة بِمباركة وتشجيع الباباوات بولس السادس، يوحنّا بولس الثاني وبندكتوس السادس عشر. فإنّه من المهمّ أن تتعلّم الكنائس الشرقيّة من تجربتها وأن تستفيد من مبادرتها.

إنّ غالبيّة الحركات الكنسيّة تتبع مقاربةً معيّنةً في التعليم المسيحيّ، وأنا سوف أشير إلى واحدة منها -الجماعة مثل "سيف الروح" داخل حركة التجدّد بالروح القدس- وسوف أشرح نَهجها التربويّ. فهي تتّبع نموذج التربية المسيحيّة التي إتّبعها الربّ مع تلميذَي عمّاوس في طريقهما كما نقرأ في الفصل الرابع والعشرين من إنجيل لوقا، ولا يهدف هذا النموذج فقط إلى تربية العقل بل إلى خلق علاقة شخصيّة للمؤمنين مع يسوع، كإكتشافٍ لدعوتهم ورسالتهم، وإلى شركةٍ أعمق مع الكنيسة. إنّها تربية موجّهة للمسيحيّين الذين-مثل تلميذي عمّاوس- كانوا قد اعتنقوا الإيمان المسيحيّ لكنهّم فقدوا الأمل "على أنّ أعينهما حُجِبت عن معرفته" (لو 24: 16). ولمّا كان عددٌ من هؤلاء المسيحييّن لا يتردّدون إلى الكنيسة، يستعدّ أعضاء من الحركة للسير معهم في الطريق كما فعل الربّ (آ 15)، يصغون إليهم (آ 17)، يُعيدون تبشيرهم (آ 25-27)، ويعيدونهم إلى الشركة مع الربّ (آ 30)، وإلى الرغبة في الجماعة (آ 29). وعندما تنفتح عيونهم (آ 31) يقرّرون البقاء أو العودة إلى بلدهم وكنيستهم (آ 33) فيصبحون بدورهم مرسلين جددًا (آ 35). ولكن من أجل أن يدوم هذا الإرتداد، هم مدعوّون إلى حياة الجماعة (33: 36-43) حيث يستمرّون في تلقّي تعليمٍ (آ 44-47) ليصبحوا شهودًا أو حتّى شهداء (آ 48) بقوّة الروح القدس (آ 49)  وبحياة ملؤها التقوى والصلاح (آ 52-53).

ما نستطيع أن نشهدَ له ونراه في وسط هذه الحركات ليس فقط حيويّة جديدة للصلاة والحياة الإنجيليّة بل أيضًا وأهمّ من ذلك المقدرة على إلهام عددٍ من الرجال والنساء، الشبّان والكبار، لكي يبقوا كمرسلين في بلدهم ويخدموا كنائسهم المحليّة بغيرةٍ وطاعة. لذلك من الضروريّ وحتّى الحيويّ للأساقفة والإكليروس أن يتحقّقوا بأنّ هذه الحركات الكنسيّة إنّما هي تعمل في الكنيسة ومن أجل الكنيسة وأنّ إسهاماتها لا تمثّل تهديدًا، بل هي إغناء لجهود الكنيسة في تعليم أبنائها وفي الحفاظ على حضورٍ مسيحيّ في الشرق الأوسط. لذلك أيضًا يجب على الأساقفة بوجهٍ خاصّ تشجيع وتنمية مثل هذه المبادرات بحسب الحاجة وأن يزوّدوا هذه الحركات الكنسيّة بالعون الروحيّ واللاهوتيّ التي تفتقده.

عاد تلميذا عمّاوس مفعَمَين بالرجاء، هذا الرجاء الذي عليه بُنيَت الكنيسة. فلنعد كلّنا إلى بيوتنا وإلى مواقعنا المحليّة مليئين أيضًا بالرجاء في هذا الوقت الذي يعمل فيه الروح القدس ويخلق طريقًا جديدة لتجديد الكنيسة تمامًا كما وصفها البابا بندكتوس في مقالته حول الحركات الكنسيّة في الكنيسة قبل 12 سنة وفي دعوته النبويّة لعقد هذا السينودس الخاصّ. فالمسيح هو هو، بالأمس، اليوم وللأبد.








All the contents on this site are copyrighted ©.