2010-09-20 09:48:51

لقاء البابا مع ممثلين عن المجتمع المدني البريطاني بينهم سياسيون، دبلوماسيون، أكاديميون ورجال أعمال


التقى البابا في وستمنستر هول بلندن مساء أمس الجمعة ممثلين عن المجتمع المدني البريطاني بينهم دبلوماسيون، سياسيون، أكاديميون ورجال أعمال. سلط بندكتس السادس عشر الضوء في خطابه على شخصية القديس توماس مور الذي ينظر إليه بأعين التقدير المؤمنون وغير المؤمنين على حد سواء، لأنه تصرف وفقا لما يمليه عليه ضميره حتى عندما اقتضى ذلك مخالفة مشيئة الملك الذي كان هذا القديس خادما أمينا له. قرر توماس مور العمل وفقا للمشيئة الإلهية واضعا الله قبل أي شيء آخر.

لفت البابا إلى الجهود التي يبذلها البرلمان البريطاني ساعيا إلى بلوغ توازن عادل بين المتطلبات الشرعية لسلطة الدولة والحقوق الأساسية للمواطنين، مشيرا إلى أن بريطانيا العظمى حافظت على مبادئ الديمقراطية ودافعت عن حرية التعبير ورسخت دولة القانون ومبدأ المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون. وتحدث بندكتس السادس عشر عن وجود قواسم مشتركة بين هذه النظرة والعقيدة الاجتماعية للكنيسة خصوصا فيما يتعلق بمبدأ الدفاع عن كرامة كل كائن بشري لكونه مخلوقا على صورة الله ومثاله.

بعدها تناول الأب الأقدس في خطابه المشاكل الاجتماعية والخلقية المعقدة التي يشهدها عالمنا المعاصر وقد برزت بوضوح نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي أثرت على ملايين الأشخاص حول العالم وتفاقمت نتيجة غياب الأسس الأدبية المتينة للنشاط الاقتصادي. وأكد البابا أن دور الدين في النقاش السياسي لا يرمي إلى فرض إجراءات قد يرفضها غير المؤمنين أو إلى اقتراح حلول للمشاكل السياسية، إنما الهدف منه إلقاء الضوء على أهمية اعتماد العقل والمنطق في عملية البحث عن مبادئ خلقية موضوعية. وقال بندكتس السادس عشر إن العقل والإيمان يتكاملان وهما بحاجة إلى حوار مستمر من أجل خير حضارتنا.

ومن هذا المنطلق عبر البابا عن قلقه الكبير إزاء المساعي الآيلة إلى تهميش دور الدين، خصوصا المسيحية، في دول تعطي قيمة كبيرة للتسامح. وقال: ثمة من يدعو لخنق صوت الدين أو إبعاده عن الحياة العامة، وهناك من يطالبون بإلغاء بعض الاحتفالات الدينية، شأن عيد الميلاد، بحجة أنه عيد مسيحي قد يسيء بشكل أو بآخر إلى الملحدين أو أتباع الديانات الأخرى. وهناك أيضا من يدعون المسيحيين الذين يتبوأون مناصب سياسية للتصرف بشكل مخالف لضميرهم. واعتبر بندكتس السادس عشر أن هذه المؤشرات المثيرة للقلق لا تمس بالحريات الدينية وحسب إنما تقضي أيضا على الدور المشروع للدين في الحياة العامة.

أشار البابا إلى المبادرات المشتركة العديدة التي قام بها الكرسي الرسولي والحكومة البريطانية خصوصا في وضع أسس معاهدة دولية للاتجار بالأسلحة، والدفاع عن حقوق الإنسان، وإرساء ركيزة الديمقراطية في العالم خلال السنوات الخمس والستين الماضية. ولفت أيضا إلى التعاون بين الجانبين في مجال إلغاء الديون التي ترزح تحت وطأتها الدول الفقيرة. وأعرب عن رغبة الكرسي الرسولي في تعزيز التعاون مع الحكومة البريطانية في مجال حماية البيئة بشكل يعود بالفائدة على الجميع.

وختم بندكتس السادس عشر قائلا: كيما تتكلل هذه الجهود بالنجاح ينبغي أن تتمكن المؤسسات الدينية التابعة للكنيسة الكاثوليكية من الاضطلاع بدورها بحرية تامة وفقا للمبادئ والقناعات المتركزة إلى الإيمان المسيحي وتعاليم الكنيسة. بهذه الطريقة فقط تُصان الحريات الأساسية في المجتمع وفي طليعتها الحرية الدينية وحرية الضمير.








All the contents on this site are copyrighted ©.