2010-05-03 17:05:30

شجاعة البابا... شهادة للحقيقة

بقلم الأب بيوس قاشا


في ظل الهجمات الإعلامية على البابا بندكتس الـ16، كتب المونسنيور بيوس قاشا، خادم رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك في بغداد مقالة دفاعية عن الكنيسة وعن الحبر الأعظم، نقتطف منها ما يلي:

تحدثت صحيفة أوسرفاتوريه رومانو الفاتيكانية في عددها الصادر يوم الجمعة 26 آذار مارس 2010، عن محاولة للنيل من شخص البابا على أثر المعلومات التي نشرتها جريدة نيويورك تايمز الأمريكية التي ادعت أن الكاردينال راتزينغر (البابا بندكتس المالك سعيدا) قام بتغطية جرائم التحرش الجنسي لبعض الكهنة بحق أطفال قاصرين عندما كان رئيسا لمجمع عقيدة الإيمان.

صحيح أن ما قام به بعض الكهنة لأمر مخجل ومؤسف، كما أن هذه الأفعال أفعال مقيتة ومقرفة، ومن المؤكد أن مرتكبيها يشوهون وجه الكنيسة الإيماني، ويجرحون الجماعات المسيحية، ويلقون ضلال الشكوك والشبهات حول جميع أعضاء الإكليروس، ولكن هذا لا يعني أن الكنيسة برجالها المكرسين، لا سمح الله، هم فاسدون أو أشرار. فإن كانت هذه التجاوزات قد ظهرت لثلاثين سنة خلت، وطُرحت أمام مجمع عقيدة الإيمان في عام 1996 ضد البابا عندما كان رئيسا لمجمع عقيدة الإيمان. فهذا لا يعني إثارة شكوك تجاه الكنيسة براعيها، فالجدل أثاره الإعلام الدولي تجاه شخص قداسة البابا أمر غير مقبول ويثير الاستنكار والتنديد. وإن هذه الإثارة لا سابقة لها، ومع هذا فقد تبنى البابا مؤخرا إجراءات صارمة ضد التحرش الجنسي بالأطفال من قبل بعض الكهنة. إن شجاعة البابا ومواقفه الشفافة في إعلان الحق والعدل والمحبة، تصرف يزعج الكثيرين من الذين يريدون أن يشوهوا وجه الكنيسة ورعاتها. فالبابا ينطلق من شهادته للحقيقة انطلاقا من المسيح الذي هو الحق (يو4:6)، وهو يعلم جيدا أن كل هذه النعرات ما هي إلا ثمن دفاعه المستميت لشهادة المسيح. فتعاليمه كلها تتميز بعمق معانيها، فهو يعالج جميع المسائل بجرأة مما يزعج البعض في مجتمعنا العولمي الحالي الذي يريد أن يُسكت كل صوت يعلن حقيقة الحياة وكرامة العائلة وسمو الرسالة المسيحية في الشهادة الإنسانية.

إن البابا يحثنا اليوم على مواجهة تحديات المستقبل بشجاعة وحزم، ويدعونا إلى وضع ثقتنا بالكنيسة التي ستبصر النور من جديد بعد مسيرة من التجدد الروحي. إن الكنيسة الكاثوليكية هي الوحيدة التي تجرأت على النظر في أخطائها وتقويمها، وما هذا إلا عظمة الإيمان من أجل نقاء الرسالة وحقيقة البشارة. ولن تعدل  الكنيسة أبداً عن أداء رسالتها الخلاصية مهما كلف الثمن، وستسعى لإزالة كل عائق في داخلها يمنع من أداء هذه الرسالة في خدمة الآخرين وإعلان البشرى السارة على الجميع. نعم، إنها مؤامرة حاكتها شريحة من بعض الدول غاضبة على الكاثوليك... إنها حملة شعواء ضد الكنيسة لتشويه صورتها على مشهد من العالم. وما يُحاك اليوم ليس إلا دعاية بهلوانية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من القراء، وربما لأمور مُفلسة مبنية على الكذب والغش والخداع، وحملة إعلامية عنيفة ضد الحبر الأعظم والكنيسة الكاثوليكية، كما حاكتها بالأمس القريب ضد البابا بيوس الثاني عشر الذي عمل ما بوسعه حينها من أجل حماية البشر أجمعين دون النظر إلى عقيدتهم ضد هجمة النازية، والتاريخ الصادق شاهد على هذه الحقيقة. الإعلام اليوم يشوه الأحداث والوقائع ويعيد صنعها من جديد لهدف واحد ألا وهو مهاجمة شخص البابا والكنيسة. نعم، هذا إعتداء مباشر ضد شخص البابا وكرامته، ومحاولة تجريد الكنيسة الكاثوليكية من مصداقيتها، وتشويه سمعة الذين يعملون باسم المسيح. وليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الكنيسة للهجوم والانتقاد اللاذع لا بل الإضطهاد. نعم، إننا نحب كنيستنا الكاثوليكية، ونحب قداسة البابا، وسنبقى قريبين منه في الصلاة وخاصة في هذه الظروف، كما سنواصل مسيرتنا المسيحية وفاء لإيماننا وأمانة لكهنوتنا، وهذا دَيْنٌ في رقابنا نحن العراقيين. 

المونسنيور بيوس قاشا، خادم رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك، المنصور، بغداد، العراق.                                                                           

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.