2010-04-02 15:34:16

رسالة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير لعيد الفصح


وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير رسالة الفصح إلى المسيحيين بعامة والمسيحيين بخاصة مقيمين ومنتشرين، بعنوان "انه قام كما قال"، قال فيها: "قيامة السيد المسيح من بين الأموات هي البرهان الصادق على الوهته، وعلى قيامتنا معه، وهو من قال: "انقضوا هذا الهيكل، وأنا أقيمه في ثلاثة أيام" (يو 19:2) وقد عنى هيكل جسده.

يطوي الموت الناس، ولا قيامة لهم بعده، هذا إذا كانوا غير مؤمنين بالسيد المسيح وقيامته. والقيامة بعد الموت اختراق للقاعدة العامة، التي تقول مع بولس الرسول: "حتم على الناس أن يموتوا مرة واحدة، وبعد ذلك الدينونة" (عبر 9:27) ولم تكن قيامة السيد له وحده، لكنها عربون لقيامتنا من بين الأموات، على ما يقول بولس الرسول "فاذا متنا معه، فسنقوم معه" (2 تيم 11). وإذا كان السيد المسيح قد مات، وقام، فلكي يقيمنا معه من رقدة الموت.
وما من شك في أن فكرة الموت تقض مضجع جميع الناس. فهم يخشون الموت، لأنه يضع حدا للحياة الدنيوية. ولكن الموت في نظر المؤمنين، هو طريق الحياة الباقية. لذلك على المؤمنين أن يعيشوا عيشة يستأهلون معها مرضاة الله، حتى اذا مثلوا بين يديه، نالوا حظ المتقين، وهو رؤية وجهه تعالى مدى الأبدية. أما إذا كان رجاؤنا في المسيح في هذه الحياة فقط، فنحن أشقى الناس،(كورنتس الأولى 19:15).
وننال رضى الله أذا سرنا على الطريق الذي دلنا عليه، وهو طريق الصدق والاستقامة، وفعل الخير. والمثل السائر يقول: "ما من أحد تعقل وندم". أما الذين يعيشون على هواهم، وكأن لا قاعدة رسمها لنا الله، ولا وصايا، ولا ضوابط، ولا قوانين، فهم، وان توهموا إنهم سعداء، فهم في الواقع أشقى الناس.

أيها الإخوة والأبناء الأعزاء، من شأن الأعياد، وبخاصة عيد الفصح، أن يدخل الفرحة إلى القلوب التي يخشى أصحابها الله، ويتقيدون بأوامره، ونواهيه، ويبحثون عن مرضاته ليعملوا بما يستوجبها لهم. لان عيد الفصح هو العيد الذي افتدانا به السيد المسيح بموته من اجلنا على الصليب. إن باسكال يقول: "إذا كان الله تجرع من اجلنا مرارة الموت على الصليب، فلا يليق بنا نحن، في ذلك الوقت، أن نضحك". غير أن ما يدور حولنا من شؤون لا يدعو إلى الرضى والطمأنينة. إن المواطنين، في معظمهم، يشكون من الوضع الأمني. وهناك عصابات لا تتورع عن السرقة بالخلع واقتحام البيوت، وشهر السلاح، والقتل، وتهريب المواد الممنوعة، طمعا بمال أو بمقتنى. وهناك بعض اعتداءات على الأناس القابعين في بيوتهم، وخروج على الأنظمة والقوانين، وإخلال بالأمن على وجه الإجمال، وان تحسن الوضع في المدة الأخيرة.

وهذا يعود إلى انقسام في الرأي على صعيد الدولة. فأصبحت أعلى المقامات عرضة للانتقاد والتهميش، ولم يعد لأي مقام عصمة وحرمة، وهذا ما لم يتعوده لبنان في ما سلف من الأيام.

لذلك إنا ندعو إخواننا وأبناءنا اللبنانيين أن يلتفوا حول وطنهم ورئيسه والمسؤولين عن مقدراته، ويعملوا على إعلاء شأنه والمحافظة على كيانه وحرماته، ويتناسوا ما بينهم من حزازات وأحقاد، ويعاملوا بعضهم بعضا بالحسنى والاحترام المتبادل.
وإنا نسأل السيد المسيح، في مناسبة ذكرى قيامته المجيدة من بين الأموات، أن يحفظ لبنان وأبناءه، وان يعيد عليكم جميعا أعيادا عديدة ملؤها الخير والبركة، ويحفظكم معافين سالمين، بمنه وكرمه".








All the contents on this site are copyrighted ©.