2010-01-11 14:59:55

خطاب البابا إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي


استقبل البابا بندكتس الـ16 وعلى عادة كل سنة أعضاء السلك الدبلوماسي لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بالسنة الجديدة ويتقدمهم عميد السلك السفير فالاداريس لانزا الذي ألقى كلمة باسم زملائه سطر فيها النداءات العديدة التي أطلقها الحبر الأعظم لوقف العنف والصراع والاقتتال في مناطق مختلفة من العالم، ومثنيا على نمو الحوار المسكوني بين المسيحيين وبين الديانات والثقافات.

رحب البابا في خطابه بحداثة العلاقات الدبلوماسية التي أقيمت بين الكرسي الرسولي والفدرالية الروسية لأسابيع خلت وبالزيارة الهامة التي قام بها رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية للفاتيكان ومنوها بمقابلاته العديدة مع شخصيات سياسية ودبلوماسية خلال العام 2009.

شدد البابا على أن الكنيسة منفتحة على الجميع بطبيعة كينونتها وتشارك بكثافة في مصير البشرية التي ترزح تحت أزمة مأساوية ضربت الاقتصاد العالمي نتج عنه عدم استقرار اجتماعي خطير ومنتشر. وعزا أسباب هذه الحالة العميقة إلى العقلية الأنانية والمادية السائدة، لافتا إلى ذكرى سقوط جدار برلين حين انهارت الأنظمة المادية والملحدة التي حكمت قسما من أوروبا طيلة عقود. وقال إن نكران الله يشوه حرية الشخص البشري ويجتاح أيضا الخليقة التي تجب حمايتها للضرورة الأخلاقية.

أعرب الأب الأقدس عن مشاطرته الهم في مكافحة التدهور البيئي آملا أن يصار إلى توقيع اتفاق لمواجهة المسألة بشكل فعال، كما حض على تنظيم الاهتمام والالتزام لصالح البيئة مضيفا أن حماية الخليقة يتطلب إدارة رشيدة لموارد الدول الطبيعية وخصوصا في البلدان المتخلفة اقتصاديا، حيث النزاع على امتلاك هذه الموارد يسبب صراعات عديدة، كما لفت إلى أن استمرار زراعة المخدرات في أفغانستان وبعض دول أمريكا اللاتينية يشكل خطرا على البيئة والإنسان.

وجه البابا نداء قويا لنزع السلاح وخصوصا النووي آملا أن يؤول مؤتمر نيويورك القادم إلى اتخاذ قرارات حاسمة لتجريد كوكب الأرض التدريجي من السلاح النووي. كما دعا إلى وقف تصدير السلاح إلى مناطق النزاعات والعنف مثل دارفور بالسودان والصومال وجمهورية كونغو الديمقراطية.

وحض الحبر الأعظم السلطات المدنية للعمل بعدالة وتضامن وتبصر لمعالجة الهجرة وتبعاتها، مشيرا إلى معاناة مسيحيي الشرق الأوسط بسب التضييق على حرياتهم الدينية، ولهذا دعا لعقد سينودس أساقفة خاص بالشرق الأوسط في أكتوبر القادم.

لفت البابا على ضرورة بذل جهد تربوي من أجل تغيير فاعل في العقليات ونشوء أنماط حياة جديدة، وأعرب عن أمله أن تستقي أوروبا على الدوام من ينابيع هويتها المسيحية في عملية بناء مستقبلها. كما شدد على أن الخلائق مختلفة الواحدة عن الأخرى فندد بانتهاك الشرائع والمشاريع، باسم محاربة التمييز، لأساس اختلاف الجنسين البيولوجي.

وأبدى الأب الأقدس حرصه بتدهور البيئة جراء الكوارث الطبيعية فشاطر هموم المنكوبين في الفيليبين وفيتنام ولاوس وكمبودجيا وجزيرة تايوان، وبنوع خاص في إقليم أبروتسو في إيطاليا.

هذا ودعا البابا لحوار بناء بين الأمم والدول من أجل الاستقرار العالمي، فذكّر بالمصالحة بين الأرجنتين وتشيلي والتفاهم بين كولومبيا والإكوادور، بين كرواتيا وسلوفينيا، ونوه بالمصالحة الأرمينية التركية وقيام علاقات دبلوماسية بينهما. كما أمل إتمام مصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقيام دولة فلسطينية مستقلة.

إلى ذلك حض البابا الحكام والمدنيين في العراق لتخطي خلافاتهم وانقساماتهم والعنف وعدم التسامح كي يبنوا معا مستقبل وطنهم. وأمل أن يحترم القانون والناس حقوق المسيحيين في باكستان حيث ضربهم العنف بقوة وأسف لما تعرض له الأقباط من اعتداء في مصر لأيام خلت.

وبشأن إيران، رأى البابا أن الحوار والتعاون هما السبيل الأفضل لإيجاد حلول مشتركة على الصعيد الوطني والدولي. أما لبنان الذي تخطى أزمة سياسية طويلة، فتمنى أن يتابع مسيرته على درب المصالحة الوطنية. كما أمل أن تعود الحياة السياسية والاجتماعية في هندوراس إلى مجراها الطبيعي، وكذلك في مدغشقر وغينيا بمساعدة المنظومة الدولية.

وختم بندكتس الـ16 أن في البشرية آلاما جمة وأن أنانية الإنسان تجرح الخليقة بطرق شتى، فقال إن الكنيسة تقدم جوابا عن تطلع الإنسان إلى خالقه واهتمامه بالخليقة والبيئة والجواب هو "يسوع المسيح بكر كل خليقة وبه كل شيء كون مما في السموات وما على الأرض" (كول 1/15-16). 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.