2009-10-04 13:59:17

عظة البابا خلال القداس الإلهي لمناسبة افتتاح أعمال الجمعية الثانية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل أفريقيا وكلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي


غصت بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بآلاف المؤمنين قدموا من مختلف أنحاء إيطاليا والعالم للمشاركة في القداس الذي أقامه الحبر الأعظم لمناسبة افتتاح أعمال الجمعية الثانية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل أفريقيا. في عظته خلال القداس توجه بندكتس السادس عشر إلى المؤمنين فحيّاهم قائلا السلام معكم! ومضى إلى القول لخمس عشرة سنة خلت وتحديدا في 10 من أبريل نيسان 1994 افتتح خادم الله يوحنا بولس الثاني أول جمعية خاصة لسينودس الأساقفة من أجل أفريقيا. أن نتواجد اليوم هنا لتدشين الجمعية الثانية يعني أن ذاك الحدث كان تاريخيا ولا حدثا منعزلا. كان نقطة نهاية مسيرة تواصلت في ما بعد ووصلت الآن إلى مرحلة تدقيق وانطلاق جديدة وهامة. تحيتي لأعضاء الجمعية السينودسية الذين يحتفلون معي اليوم بالإفخارستيا وللخبراء والمقررين وخصوصا القادمين من الأرض الأفريقية. تحيتي أيضا إلى أمين سر السينودس ومعاونيه. إني سعيد لحضور بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في أثيوبيا أبونا باولوس وموفدي الكنائس الأخرى والجماعات الكنسية. أفرح باستضافة السلطات المدنية والسفراء الذين شاؤوا المشاركة في هذا الاحتفال الديني. وبعطف كبير أوجه تحية للكهنة والرهبان والراهبات وممثلي المنظمات والهيئات والكورث الكونغولي. تتحدث القراءات الليتورجية لهذا الأحد عن الزواج وتحديدا عن تصميم الخلق، من الأصل، وبالتالي عن الله. من هذه القراءات تبدو بوضوح أولوية الله الخالق ووصمته الأبدية وكونه السيد. وهي سمات تميز الثقافة الأفريقية وتوحّدها. ما من شك أن أفريقيا تتمتع بثقافات عديدة تصب في خانة واحدة: الله هو الخالق وينبوع الحياة. أيها الأخوة والأخوات، إن ليتورجية اليوم تتلاءم وافتتاح الجمعية السينودسية من أجل أفريقيا. أريد أن أسطر بعض النواحي الرئيسة: أولا أولوية الله. ثانيا الزواج. ثالثا البنين. عن الناحية الأولى أقول إن أفريقيا وريثة كنز ثمين أي معنى الله. ولقد لمست هذا خلال زيارتي الأخيرة لأفريقيا ولقاءاتي مع الأساقفة الأفارقة. عندما نتحدث عن كنوز أفريقيا يتجه فكرنا نحو مواردها العديدة الخاضعة للاستغلال والنزاعات والفساد. لكن كلمة الله تحملنا على النظر إلى  إرث آخر: الإرث الروحي والثقافي الذي تحتاج إليه الإنسانية أكثر من الموارد الطبيعية. من هذه النظرة تشكل أفريقيا رئة روحية لإنسانية تبدو في أزمة إيمان ورجاء لكنّ هذه الرئة قد تُصاب بأمراض المادية العملية المنتشرة في الغرب إلى جانب الفكر النسبي ما يُفسد النسيج الاجتماعي الأفريقي. زد إلى ذلك أن الاستعمار لم ينته بعد على الصعيد السياسي. وفي هذا التطلع هناك فيروس ثان قد يُصيب أفريفيا أي الأصولية الدينية الممزوجة بالمصالح السياسية والاقتصادية. فرق من انتماءات دينية مختلفة تتكاثر في القارة الأفريقية وتفعل هذا باسم الله ولكنْ وفقا لمنطق يختلف تماما عن المنطق الإلهي أي أنها تُعلّم وتمارس عدم التسامح والعنف بدل المحبة واحترام الحرية. في ما يتعلق بالزواج، مضى البابا إلى القول، كيف لنا أن ننسى تعاليم البابا يوحنا بولس الثاني في هذا الصدد؟ إن الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة وبالتالي العائلة تدخل في شركة مع الله وتصبح في ضوء العهد الجديد أيقونة محبة الثالوث الأقدس وسر اتحاد المسيح بالكنيسة. بإمكان أفريقيا بدافع إيمانها أن تجد الموارد الكثيرة لتدعم العائلة المرتكزة إلى الزواج. إن ليتورجية اليوم تدعونا أيضا إلى اعتبار واقع الطفولة الذي يُشكل جزءا كبيرا من سكان القارة الأفريقية. والكنيسة في أفريقيا تعبّر عن أمومتها تجاه الأطفال حتى الذين لم يولدوا بعد. إن هذه الوقائع المتأتية من كلمة الله تنخرط في أفق السينودس من أجل أفريقيا الذي بدأ اليوم ويرتبط بأول جمعية خاصة للسينودس من أجل أفريقيا والذي قدّم ثمارَه الإرشاد الرسولي للبابا يوحنا بولس الثاني "الكنيسة في أفريقيا". يبقى في الطليعة التزام إعلان الإنجيل مع اعتبار التبدلات السريعة في المجتمعات البشرية وظاهرة العولمة. ولا بد من بناء الكنيسة كعائلة الله. وفي هذا التطلع يندرج السينودس من أجل أفريقيا وموضوعه "الكنيسة في أفريقيا في خدمة المصالحة والعدالة والسلام". الكنيسة الكاثوليكية في أفريقيا عرفت في السنوات الأخيرة ديناميكية كبيرة وسنيودس اليوم مناسبة لرفع الشكر لله وفرصة لإعادة النظر في النشاط الرعوي وتجديد الاندفاع الإنجيلي. كي نكون نور العالم وملح الأرض علينا أن نتطلع إلى نموذج حياة مسيحية مثالية. وختم البابا عظته مؤكدا قدرة الكنيسة في أفريقيا على الإسهام في بناء المجتمع وتطعيمه بالتعاليم المسيحية. وقال إن دعوة الكنيسة، التي هي جماعة أشخاص متصالحين مع الله وفي ما بينهم، أن تكون نبوية وخميرة مصالحة بين جميع الفرق العرقية واللغوية والدينية داخل الأمم الأفراد وفي القارة الأفريقية كلها. أشكر آباء السينودس على إسهامهم في أعمال هذه الجمعية وأطلب من الجميع رفع الصلوات كي يأتي السينودس من أجل أفريقيا بثمار وافرة.

في نهاية القداس أطل قداسة البابا من على شرفة مكتبه الخاص ليتلو صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين الذين غصت بهم ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. قال البابا: ترأست صباح اليوم الاحتفال بالقداس الإلهي لمناسبة افتتاح سينودس الأساقفة من أجل أفريقيا جرت خلاله تلاوة صلوات بلغات أفريقية عديدة. إن سلفي السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني دعا إلى عقد أول سينودس من أجل أفريقيا عام 1994 في ضوء الألفية الثالثة كما زار القارة الأفريقية أكثر من مرة ليُطلق فيها من جديد الكرازة بالإنجيل. إن السينودس يشكل خبرة كنسية عميقة وخبرة مسؤولية رعوية. أفريقيا، قال البابا، أرض مثمرة بالحياة البشرية وفي الوقت عينه تعاني من الفقر وأشكال الظلم. لنرفع الصلوات من أجل ترسيخ المشاعر الدينية المسيحية في هذه القارة لكي يسودها السلام والعدالة والنمو. هذا ثم تلا البابا والمؤمنون صلاة التبشير الملائكي وأضاف يقول: يتجه فكري إلى سكان الباسفيك وجنوب شرق آسيا الذين ضربتهم كوارث طبيعية عنيفة: تسونامي في جزيرتي ساموا وتونغا؛ إعصار الفيليبين الذي طال أيضا فيتنام، لاوس وكمبوديا؛ الزلزال العنيف في إندونيسيا. أفكر أيضا بالذين يتألمون من جراء الفيضانات في صقلية وخصوصا في مدينة ميسينا جنوب إيطاليا. أدعو الجميع إلى الاتحاد معي بالصلاة لراحة أنفس الضحايا وعزاء أقاربهم. لا يمكنني أن أنسى أيضا النزاعات الدموية التي تعرض للخطر سكان القارة الأفريقية. ولقد تتبّعت في هذه الأيام أحداث العنف الخطيرة التي طالت سكان غينيا. أرفع الصلاة لراحة أنفس الضحايا وأدعو جميع الأطراف إلى الحوار والمصالحة.   








All the contents on this site are copyrighted ©.