2009-06-20 13:28:13

البابا يستقبل أعضاء مجلس مؤسسة ألشيديه دي غاسبيري


استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح السبت أعضاء مجلس مؤسسة ألشيديه دي غاسبيري. ووجه لهم كلمة تضمنت تحياته الحارة للجميع وخصوصا للسيدة ماريا رومانا، ابنة ألشيديه دي غاسبيري، والسيناتور مدى الحياة جوليو أندريوتي الذي كان لفترة طويلة معاونا لرجل السياسة العظيم دي غاسبيري. انتهز البابا هذه الفرصة لاستذكار شخصية هذا الرجل الذي عرف، في فترات تاريخية شهدت فيها إيطاليا وأوروبا تبدلا جذريا تخللتها صعاب كثيرة، أن يعمل من أجل الخير العام.

ألشيديه دي غاسبيري، قال البابا، استطاع ترجمة الإيمان المسيحي على الصعيد العملي إذ ميز التزامَه الاجتماعي والديني البعدان الروحي والسياسي فاستطاع، يُغذيه بُعد النظر، توجيه عملية تعمير إيطاليا بعد فترة الفاشية والحرب العالمية الثانية ورسم بجرأة مسيرة البلاد نحو المستقبل ودافع عن الحرية والديمقراطية ورفع من سمعة إيطاليا على صعيد دولي ووعد بانتعاش اقتصادي منفتحا على التعاون مع جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة.

لقد انصهر في شخصية هذا الرجل العظيم البعدان الروحي والسياسي إلى حد أنه إذا شئنا التعرف عليه بعمق فلا بد من عدم الاقتصار على النتائج السياسية التي حققها والذهاب أبعد للتأكيد على حساسيته الدينية وإيمانه المتين الذي غذى نشاطه السياسي. في عام 1981 وفي الذكرى المئوية لولادته كرّمه سلفي السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني مؤكدا أن إيمان هذا الرجل كان منبع وحي لعمله السياسي.

إن جذور هذه الشهادة الإنجيلية الصلبة تكمن في التهيئة الإنسانية والروحية التي تلقاها في المنطقة التي أبصر النور فيها أي "ترينتينو" وسط عائلة شكّلت فيها محبة المسيح القوتَ اليومي والمرجع الأساسي لكل الخيارات. كان في العشرين من عمره حين شارك عام 1902 في أول مؤتمر كاثوليكي في منطقة ترينتينو ورسم خطوط العمل الإرسالي التي ميزت نشاطه السياسي والديني إذ دعا إلى التسلح بالإيمان ونشر كلمة الله. وبقي طوال حياته أمينا لهذا التوجيه حتى عبر تضحيات شخصية كبيرة تسحره شخصية المسيح. وعندما أشرف نشاطه السياسي على نهايته سأله أحد البرلمانيين عن سر عمله السياسي فرد قائلا: "ماذا تريد، إنه الرب!".

أصدقائي الأعزاء، قال البابا، أود التوقف طويلا حول هذا الرجل الذي كرّم الكنيسة وإيطاليا لكني أقتصر على التأكيد على صفاته الأدبية المستندة إلى الأمانة التامة للقيم الإنسانية والمسيحية وكذلك أيضا الضمير الأدبي الذي وجّه خياراته السياسية. كتب دي غاسبيري في إحدى مداخلاته السياسية حول النظام الديمقراطي أن هذا الأخير يقتضي التزاما سياسيا وإداريا مع مسؤولية خاصة ولكن هناك أيضا مسؤولية أدبية تجاه اتخاذ القرارات تنيرها عقيدة الكنيسة وتعاليمها.

لم تخل حياته من الصعاب وربما من سوء الفهم من قبل العالم الكنسي لكن دي غاسبيري لم يتردد في التأكيد على انتمائه للكنيسة التي، حسب ما قال في خطاب له في نابولي في يونيو 1954، كانت صادقة في مواقفها الأدبية والاجتماعية التي تتضمنها الوثائق البابوية والتي تغذي دعوتنا لخدمة الخير العام. دي غاسبيري كان مطيعا للكنيسة وحرا في خياراته السياسية بدون استغلال الكنيسة لأغراض سياسية وبدون الانجراف وراء الحلول الوسط مع ضميره المستقيم.

وفي غروب أيام حياته، ختم قداسة البابا كلمته إلى أعضاء مجلس مؤسسة ألشيدي دي غاسبيري، تلفظ بكلمات قليلة قائلا: "لقد عملت كل ما في وسعي القيام به وضميري مرتاح". توفي في 19 من أغسطس 1954 بعد أن لفظ ثلاث مرات اسم يسوع. أصدقائي الأعزاء، قال البابا، إننا إذ نصلي لراحة نفس هذا الرجل السياسي العظيم الذي أدى من خلال عمله السياسي خدمة كبيرة للكنيسة وإيطاليا وأوروبا نسأل الرب القدير أن تكون ذكرى خبرته السياسية وشهادته المسيحية حافزا لمن في أيديهم اليوم مصائر إيطاليا وشعوب أخرى.








All the contents on this site are copyrighted ©.