2009-06-07 13:28:54

أحد الثالوث الأقدس: وقفة تأملية حول كلمة الحياة


وأما التلاميذ الأحد عشر، فذهبوا إلى الجليل إلى الجبل الذي أمرهم يسوع أن يذهبوا إليه. فلما رأوه سجدوا له، ولكن بعضهم ارتابوا. فدنا يسوع وكلمهم قال: "إني أوليت كل سلطان في السماء والأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم".

(متى 28/16-20)

 

قراءة من القديس غريغوريوس النزينزي (+390)

الثالوث

 

إن العهد القديم قد تكلم بوضوح عن الآب، وبنوع مبهم عن الابن. وأوحى العهد الجديد بالابن وأدخل ألوهية الروح، والآن يحيا فينا الروح ويعلن نفسه بصورة أوضح. لأنه كان من الخطر أن يبشر بالابن علنا، في حين لم يكن معترفا بألوهية الآب. وإذ لم يكن بعد مسلَّما بألوهية الابن، أن يُفرَض روحُ القدس كإضافة فوق الطاقة. وكان يخشى أن يفقد المؤمنون حتى ما يستطيعون تحمله، كمن يأكل فوق الحاجة أو يحدق في الشمس بعين ضعيفة. فكان من الأجدر أن يشع بهاء الثالوث تدريجيا بإضافات جزئية كما يقول النبي داود، بالارتقاء من مجد إلى مجد..

ترون كيف يأتينا النور شيئا فشيئا وبأي نظام أعلن الله لنا نفسه: وهو نظام يجب أن نتقيد به بدورنا، فلا نعلن كل شيء من دون مهلة وتمييز ودون أن نترك شيئا مخفيا حتى الآخر، لأن في هذا عدم فطنة وفي ذاك إلحاد. وأضيف اعتبارا آخر، لعله خطر على بال كثيرين، كأن المخلص يعرف بعض الأمور ويرى أن تلاميذه لا يستطيعون تحملها بعد وإن كانوا تلقوا ثقافة وافرة.

وبالنتيجة ترك الرب يسوع هذه الأمور مستحيلة وكان يردد عليهم أن روح القدس يعلمهم كل شيء عند مجيئه. وأرى أن بين هذه الأمور كانت ألوهية الروح عينه، وكان لا بد أن تُعلَن بشكل أوضح فيما بعد عندما تصبح ألوهية المخلص نفسه أكيدة وثابتة بعد انتصاره على الموت.

(الخطاب 31، رقم 26 و27)








All the contents on this site are copyrighted ©.