2008-11-06 16:50:44

البابا يستقبل المشاركين في الاجتماع الأول للندوة الكاثوليكية ـ الإسلامية


استقبل البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الخميس في القصر الرسولي المشاركين في الاجتماع الأول للندوة الكاثوليكية ـ الإسلامية الذي عُقد في الفاتيكان على مدى اليومين الماضيين. استهل البابا كلمته للحاضرين مرحباً بهم، وقال إن الاجتماع يشكل علامة واضحة على الاحترام المتبادل بين المسلمين والكاثوليك ورغبةِ كل طرف في الإصغاء إلى الطرف الآخر.

وأكد الحبر الأعظم لضيوفه أنه تابع عن كثب أعمال الندوة التي تشكل خطوة إلى الأمام في الطريق المؤدية نحو تفاهم أفضل بين المسلمين والمسيحيين، في إطار اللقاءات التي يعقدها الكرسي الرسولي مع ممثلين عن مختلف الجماعات المسلمة. وتابع البابا أن الرسالة المفتوحة التي وجهها مائة وثمانية وثلاثون مسؤولاً مسلماً إلى المسيحيين في الثالث عشر من تشرين الأول أكتوبر 2007، لاقت أصداءً إيجابية وأتاحت المجال أمام مبادرات حوارية ولقاءات عدة، ما سمح لكل طرف بالتعرف على الطرف الآخر وبتسليط الضوء على القيم المشتركة بين المسيحيين والمسلمين.

بعدها تطرق الحبر الأعظم إلى موضوع اللقاء "محبة الله، محبة القريب: كرامة الشخص البشري والاحترام المتبادل"، مشيراً إلى أن هذه العبارات أُخذت من الرسالة المذكورة آنفاً، التي أكد فيها القادة الدينيون المسلمون أن محبة الله ومحبة القريب تشكلان جوهر الديانتين.

التقليد المسيحي ـ تابع البابا يقول ـ يعلن أن الله محبة. فالله خلق العالم بدافع حبه للإنسان، وهذا الحب حمله على أن يكون حاضراً في التاريخ البشري. محبة الله أصبحت منظورة وتجلت بالكامل في شخص يسوع المسيح. فالمسيح جاء إلى هذا العالم ليلتقي الإنسان. أخذ طبيعتنا البشرية لكنه بقي إلهاً. ضحى بنفسه ليعيد لكل كائن بشري كرامته الضائعة وليحمل لنا الخلاص. كيف يسعنا أن نفسر سر التجسد والخلاص بمعزل عن الحب؟ محبة الله الأبدية واللامتناهية تجعلنا نبادل الله هذه المحبة من خلال حبنا له وللقريب. وشئت أن أسلط الضوء على هذه الحقيقة الجوهرية في رسالتي العامة الأولى "الله محبة"، لأن هذه الحقيقة هي محور تعليم الإيمان المسيحي. فدعوتنا ورسالتنا هما أن نتقاسم مع الآخرين وبحرية تامة هذه المحبة التي أنعم بها الله علينا.

أعي جيداً، مضى الحبر الأعظم إلى القول، أن للمسيحيين والمسلمين نظرتين مختلفتين إلى الله. لكننا كلنا نعبد الإله الواحد، خالق الكل، والذي يكترث لأمر أي شخص، أينما وُجد. وعلينا أن نُظهر ـ من خلال التضامن والاحترام المتبادل ـ أننا نعتبر أنفسنا أفراداً في عائلة واحدة، العائلة التي أحبها الله وشاء لها أن تبصر النور منذ بداية الخلق وحتى انقضاء التاريخ البشري.

بعدها أعرب بندكتس السادس عشر عن ارتياحه لتبني المشاركين في اللقاء موقفاً موحداً يتعلق بالحاجة إلى عبادة الله، ومحبة الآخرين لاسيما الرجال والنساء الضعفاء والمعوزين. فالله يدعونا إلى مد يد العون لضحايا الأمراض والجوع والفقر والظلم والعنف. فبالنسبة للمسيحيين لا يمكن فصل محبة الله عن محبة القريب، محبة كل الأخوة والأخوات بغض النظر عن الانتماءات الثقافية والعرقية. والتقليد الإسلامي أيضاً ـ تابع البابا ـ يحث المؤمنين على خدمة المحتاجين، وعلى معاملة الآخرين كما يودون أن يعاملهم الآخرون. ولهذا السبب ينبغي أن نجتهد معاً من أجل ضمان احترام كرامة الكائن البشري وحقوق الإنسان الأساسية، وتعزيز القيم الخلقية التي هي إرثنا المشترك. ومن هنا تبرز ضرورة الدفاع عن مركزية الشخص البشري وكرامة الإنسان وحماية الحياة التي هي هبة من عند الله، ومقدسة لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وهكذا فقط نجد الأرضية المشتركة لبناء عالم أكثر أخوة، عالم تُحل فيه الخلافات بالوسائل السلمية فقط، ولا وجود فيه للأيديولوجيات المدمّرة.

وأضاف الحبر الأعظم: آمل أن تُحترم حقوق الإنسان الأساسية وتُصان في كل مكان. ومن واجب القادة السياسيين والدينيين أن يضمنوا لكل إنسان الحق في ممارسة حرية الضمير والحرية الدينية. وقال بندكتس السادس عشر: إن أعمال العنف والتمييز والاضطهاد الذي تتعرض لها جماعات دينية في أماكن عدة إنما هي مرفوضة وغير مبررة، وتستأهل الشجب والتنديد خصوصاً عندما تُمارس باسم الله. لأن اسم الله مرادف للسلام والأخوة والعدالة والمحبة.

وتمنى البابا في ختام كلمته أن تشكل الندوة الكاثوليكية ـ الإسلامية التي عَقدت اجتماعها الأول فسحة للحوار وفرصة للسير على الدرب المؤدية صوب الحقيقة وتجديد الالتزام في عيش محبة الله وترجمتها حيال القريب لنكون ـ أمام رجال ونساء زمننا ـ أداة للمصالحة والسلام في عالمنا المعاصر. ثم دعا الحبر الأعظم ضيوفه إلى بذل كل جهد ممكن لتخطي الأحكام المسبقة ولتوفير تربية للأجيال الناشئة تسمح لها ببناء مستقبلنا المشترك، سائلاً الله أن يعين أصحاب النوايا الحسنة. وختم قائلاً: فليساعدنا الله الرحمن الرحيم في مواجهة هذه التحديات، وليحمنا ويباركنا ولينر عقولنا بقوة محبته.

وقبيل انعقاد الاجتماع الأول للندوة الكاثوليكية ـ الإسلامية أجرى القسم العربي في إذاعة الفاتيكان مقابلة خاصة مع المونسينيور خالد عكشة، أمين سر اللجنة الحبرية للعلاقات مع الإسلام، تحدث فيها عن الجهود التي يبذلها الكرسي الرسولي للدفاع عن المسيحيين ضحايا الاضطهاد والتمييز. لنستمع إلى ما قاله: RealAudioMP3








All the contents on this site are copyrighted ©.