2008-11-03 16:55:02

خواطر في إيصال كلمة الله للإعلامية ماري خوري


تتساءل الإعلامية اللبنانية ماري خوري في مقالتها عن دور والتزام الإعلاميين والإعلاميات الكاثوليك في إيصال كلمة الله للعالم المعاصر والمسرع الخطى على درب الحداثة والتقنية والتطور:

"لا يبدو إيصال كلمة الله أمرا سهلا في عصر ابتعد فيه الإنسان شيئا فشيئا عن شريعة الله وأقام شريعة لنفسه حسب شهوات قلبه. نحن بعيدون جدا عن زمن البشرى السارة، يوم كانت كلمة أو عظة من مرسل قادرة على تغيير القلوب وإحداث ارتدادات بالجملة.

هل خفت الروح أم أن الإنسان المعاصر لم يعد قادرا على سماع صوت الله في قلبه وسط كل الضجيج الذي يحيط به؟ أين هو الرب؟ هل ما زالت له مكانة في العائلات، في المستشفيات، في المعامل، في القاعات التي يجتمع فيها قادة الدول لاتخاذ القرارات، هل ما زلنا قادرين أن نعلن مثلما أعلن الرسل لبعضهم البعض على البحيرة: "هوذا الرب".

أسئلة وأسئلة ترددت في ذهني عندما طرح علي موضوع رسالة الإعلاميين في إيصال كلمة الله. وتذكرت أن واضعي الإنجيل كانوا ربما الصحافيين الأوائل الذين شهدوا للكلمة، وحملوا البشرى السارة إلى أقاصي الأرض مثلما أوصاهم السيد المسيح حين قال لهم:" وتكونون شهودي حتى أقاصي الأرض".
المهمة ليست بسهلة، قد تبدو جذابة لمن تمرس في التعاطي مع الكلمات، ولكنها حكما ليست بسهلة. كلمة الله صادقة وعلى من ينقلها أن يكون صادقاً، مؤمناً، شفافاً، فالإناء ينضح بما فيه، ولا يمكن للإناء أن يحمل صفات تشكك الآخرين في ما ينقل.نحن في زمن يستحيل فيه إقناع الآخرين بشيء لا نعيشه ولا نختبره، نحن في زمن أصبحت فيه كلمة الله  في متناول الجميع، في المكتبات،  في المجلات، في الإذاعات، على شاشات التلفزة، على الإنترنت، في المدونات الإلكترونية.

ونحن في زمن يلهث فيه الإنسان عبثا في التفتيش عن الله  ولا يجده مثلما جاء في سفر الأناشيد: "أطوف في المدينة، أفتش عن حبيبي، هل رأيتم حبيبي؟" نحن في زمن تكثر فيه المشاهد السوريالية كأن يوضع إعلان في إذاعة أو محطة تلفزيونية يرد فيه ما يأتي: "سهرة غنائية، عشاء وشراب مفتوح لمناسبة عيد السيدة العذراء أو عيد جميع القديسين". أو يعرض وثائقي عن حياة قديس ثم تقطعه إعلانات مثيرة عن عطور وكحول وسجائر وملابس وسائر الكماليات.

المطلوب الصدقية والمصداقية، الأمانة والاستقامة والنزاهة. المطلوب مخافة الرب، إذ إن "رأس الحكمة مخافة الرب. المطلوب التواضع والبساطة في نشر الكلمة والابتعاد عن الجدل العقيم والاختلاف على جنس الملائكة. ولنقل مع تلميذَي عماوس: "ألم يكن قلبنا يلتهب في داخلنا حين حدثنا في الطريق وشرح لنا الكتب المقدسة؟" كلمة الله هي نهج حياة.

ألم يكن هناك وسائل إعلام عندما أشير إلى الجماعة المسيحية الأولى: "أنظروا كيف يحبون بعضهم؟" بعد أكثر من ألفي سنة على مجيء المسيح هل يمكن وصف الجماعة المسيحية الحاضرة بهذه الصفة أم يرِد في بالنا ما قاله بولس الرسول في نشيد المحبة: "لو كنت أنطق بألسنة الناس والملائكة ولم تكن فيَّ المحبة، فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرنّ".

وأخيرا، ليلهم الله جميع العاملين في وسائل الإعلام فيكونوا من بناة "حضارة المحبة" والسلام، وأن يغلّبوا الكلمة البناءة على الكلمة الهدامة وفقا لما جاء في نشيد القديس فرنسيس الأسيزي: "يا رب استعملني لسلامك، فأضع الحب حيث البغض والمغفرة حيث الإساءة، والاتفاق حيث الخلاف، والحقيقة حيث الضلال، والرجاء حيث اليأس والنور حيث الظلمة والفرح حيث الكآبة".

وأسأل: أليس هذا بعض من رسالتنا كإعلاميات وإعلاميين؟"

(ماري خوري، أوسيب لبنان)








All the contents on this site are copyrighted ©.