2007-09-23 16:31:51

البابا يحتفل بالذبيحة الإلهية في بلدة فيليتري ويقول: المحبة تجعل من المؤمنين خميرة للرجاء والسلام في كل بيئة


توجه البابا بندكتس السادس عشر صباح الأحد إلى بلدة فيليتري القريبة من روما حيثُ كان في استقباله أسقف الأبرشية المطران فينشنسو أبيشيلا والكاردينال فرانسيس أرينزيه، رئيس مجمع العبادة الإلهية وتنظيم الأسرار إضافة إلى ممثلين عن السلطات المدنية وحشد كبير من المؤمنين. وبارك الأب الأقدس حجراً تذكارياً وضعته البلدية إحياء لذكرى هذه الزيارة، قبل أن يزور كاتدرائية فيليتري ويحتفل بالذبيحة الإلهية في ساحة القديس إكلمنضوس المقابلة للكاتدرائية.

ألقى الحبر الأعظم عظة خلال القداس الإلهي استهلها محيياً جميع الحاضرين خاصاً بالذكر القادة الدينيين والمدنيين. بعدها تحدث البابا عن محبة الله للبشر التي تعطي حياة كل إنسان توجهاً وقيمة جديدين. فالمحبة ـ تابع يقول ـ هي جوهر الدين المسيحي، تجعل من المؤمن ومن الجماعة المسيحية خميرة للرجاء والسلام في كل بيئة. والكنيسة تحيى بالمحبة.

وقال البابا: إن المسيح أظهر محبة كبيرة حيال الفقراء والمحتاجين، وحذر من مغبة التعلق المفرط بالمال وبالخيرات المادية وبكل ما يمنعنا من عيش دعوتنا المسيحية على أكمل وجه ألا وهي محبة الله ومحبة القريب.

في مثل الوكيل الخائن الوارد في إنجيل هذا الأحد، مضى الحبر الأعظم إلى القول، أراد يسوع أن يحذر تلاميذه من خطورة التعلق بالمال وبخيرات الأرض. فعلى الإنسان أن يختار بين "العمل لله أو العمل للمال" ويقول لنا المسيح "فأنتم لا تستطيعون أن تعملوا لله وللمال" (لوقا 16/ 13). ينبغي علينا إذا أن نختار بين منطق الربح المادي الذي يضعه كثيرون كغاية لكل عمل يقومون به وبين منطق تقاسم الخيرات وتعزيز التضامن. فمنطق الربح يزيد من الهوة بين الأغنياء والفقراء، فيما يمهد منطق تقاسم الخيرات الطريق أمام قيام عالم أكثر عدلاً. فالاختيار بين هذين المنطقين هو في الواقع الاختيار بين الجشع والمحبة، بين العدالة والأنانية وبين الله والشيطان. فالحياة المسيحية تتطلب منا السير عكس التيار، وأن نحب الآخرين تماماً كما أحبنا يسوع المسيح الذي حمله حبه لنا لغاية التضحية بذاته على خشبة الصليب.

بعدها قال البابا إنه يرفع الصلاة إلى الله القدير كيما تنمو الجماعات المسيحية روحياً، وكيما يستمر النشاط الرعوي في أبرشية فيليتري، التي تواجه اليوم تحديات كبيرة. وسأل العذراء مريم أن ترافق ـ بحمايتها الوالدية ـ المؤمنين في حياتهم اليومية، وأن تعضد بشفاعتها المرضى، المسنين، والأطفال وجميع الأشخاص المتروكين والمحتاجين.

 

كلمة البابا قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

في ختام القداس الإلهي غادر البابا بلدة فيليتري عائداً إلى القصر الرسولي الصيفي بكاستيل غاندولفو، حيثُ تلا كعادته ظهر كل أحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في باحة القصر الداخلية. استهل البابا كلمته معرباً عن سروره الكبير لزيارة أبرشية فيليتري، وتطرق مجدداً إلى المثل الذي يعطيه يسوع لتلاميذه ليفتح عقولهم على الطريقة الفضلى لاستخدام المال والخيرات المادية. فالمال ـ قال البابا ـ ليس أداة غير نزيهة بحد ذاتها، لكنه قادر ـ أكثر من أي شيء آخر ـ على جعل الإنسان أسير أنانيته العمياء. ينبغي إذاً ألا نستخدم الخيرات الاقتصادية لمصالحنا الشخصية وحسب، إنما يجب أن نفكر أيضاً باحتياجات الفقراء، ونحذو حذو المسيح الذي ـ وكما يقول القديس بولس الرسول ـ "افتقر لأجلنا، هو الغني، لنغتني بفقره". فالمسيح لم يغنيا بغناه بل بفقره، أي بمحبته التي حملته على تقديم ذاته بالكامل لأجلنا.

وذكّر البابا المؤمنين بأن العقيدة الاجتماعية للكنيسة أكدت أن التوزيع العادل للثروات هو أولوية. فالربح المادي مشروع شرط أن يساهم في تحقيق النمو الاقتصادي للجميع. وإذا طغى هاجس الربح على مبدأي العدالة والتضامن اتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء، وازدادت نسبة الفقر والجوع في العالم. ثم سأل البابا العذراء مريم أن تساعد المسيحيين على استخدام خيرات الأرض بسخاء في ضوء تعاليم الإنجيل، وأن تنير عقول قادة الدول وصانعي القرارات السياسية والاقتصادية كيما يضعوا استراتيجيات تساهم في تحقيق نمو اقتصادي يعود بالفائدة على جميع الشعوب.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.