2007-09-10 10:16:07

البابا في النمسا: لا يمكن اعتبار الإجهاض حقا إنسانيا


مساء السبت  الثامن من أيلول سبتمبر التقى البابا السلطات السياسية في النمسا وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى فيينا، ووجه إليهم كلمة مسهبة قال فيها إن النمسا لم تشهد خلال السنوات العشر الماضية تقدما اقتصاديا ملحوظا وحسب، بل نمّت أيضا حياة اجتماعية مثالية، فأصبحت كلمة "التضامن الاجتماعي" مرادفًا لها، مثنيا على المبادرات الكثيرة التي يقوم بها النمساويون تضامنا مع الفقراء والمعوزين. كما أشار إلى أنه، وبعد أهوال الحرب والخبرات الأليمة وليدة التوتاليتارية والديكتاتورية، بدأت أوروبا السير على درب وحدة القارة، بهدف ضمان نظام سلام مستديم ونمو صحيح، وقال إن الانقسام الذي مزّق القارة بشكل مؤلم، قد تم تخطيه على الصعيد السياسي، غير أن الوحدة لم تتحقق كاملا في قلوب الأشخاص ونفوسهم.

وأكد البابا أن مسيرة التوحيد تبقى على الدوام عملا عظيما سمح لهذه القارة التي هددتها النزاعات والحروب من عيش فترة سلامٍ لم تشهدها منذ وقت طويل. كما وتمثل المشاركة في هذه المسيرة، لبلدان أوروبا الوسطى والشرقية دافعًا إضافيا لتعزيز الحرية ودولة القانون والديمقراطية. ولمن المناسب أيضا، وبهذا الصدد، التذكير بالإسهام الذي قدمه يوحنا بولس الثاني لهذه المسيرة التاريخية. وتابع البابا كلمته قائلاً إن "البيت الأوروبي" سيكون للجميع مكانا يحلو العيش فيه، إذا بُني على أساس ثقافي وأخلاقي متين من القيم المشتركة التي نستقيها من تاريخنا وتقاليدنا، وقال: لا تستطيع أوروبا، ولا يجوزُ حتى أن تنكر جذورها المسيحية التي تشكل مكونا فاعلا لحضارتنا من أجل التقدم في الألفية الثالثة. فالمسيحية صنعت بعمق هذه القارة.

وأكد الأب الأقدس أن معبد ماريا زل المريمي هو أيضا مكان لقاء لشعوب أوروبية عديدة، إذ هو أحد الأمكنة التي انتهل منها البشر وينتهلون حتى يومنا هذا القوة من العلى من أجل عيش حياة مستقيمة، وأشار إلى أن شهادة الإيمان المسيحي في وسط أوروبا تم التعبير عنها هذه الأيام من خلال انعقاد الجمعية المسكونية الأوروبية الثالثة في سيبيو برومانيا تحت عنوان:"نور المسيح ينير الجميع. رجاء في التجدد والوحدة في أوروبا." وتابع البابا يقول: نتكلم اليوم غالبا عن نموذج حياة أوروبية، ونعني بذلك نظاما اجتماعيا يجمع الفعالية الاقتصادية بالعدالة الاجتماعية، والتعددية السياسية بالتسامح والليبيرالية بالانفتاح، إضافة إلى الحفاظ على القيم التي تعطي هذه القارة موقعها المميز. وأكد الأب الأقدس أن العولمة لا يمكن أن تتوقف، غير أن للسياسة واجبا ملحا ومسؤولية كبيرة تكمن في تقديم قواعد وحدود كيلا تتحقق على حساب الدول الأكثر فقرا والأشخاص الفقراء في الدول الغنية، وعلى حساب أجيال المستقبل أيضا.

وانتقل البابا من ثم للحديث عن الحياة وقال إنها حق أساسي منذ الحبل بها وحتى نهايتها الطبيعية، ولا يمكن بالتالي اعتبار الإجهاض حقًا إنسانيا، فهو يشكل "جرحا اجتماعيا عميقا". ودعا الأب الأقدس الجميع إلى تشجيع الشباب الذين وعبر الزواج يؤسسون عائلات جديدة، على أن يصبحوا آباء وأمهات، وعبّر أيضا عن قلقه إزاء ما يُسمى "بالمساعدة على الموت"، ليتطرق بعدها إلى مهام أوروبا في العالم ويقول إن القارة التي تشيخ سريعًا على الصعيد الديموغرافي، لا يجوز أن تصبح قارة مسنة من الناحية الروحية. وتحدث البابا أيضا عن واجب الاتحاد الأوروبي في لعب دور فاعل في محاربة الفقر في العالم والالتزام لصالح السلام، وشدد على أهمية مساعدة القارة الأفريقية لمواجهة المآسي الرهيبة التي تواجهها ومن بينها آفة الايدز والوضع في درفور والاستغلال غير العادل للثروات الطبيعية والاتجار بالأسلحة الذي يحمل على القلق. ولا يجوزُ أيضا، أضاف البابا، نسيان الوضع الخطير في الشرق الأوسط حيث إسهام الجميع ضروري لصالح وقف العنف، ومن أجل الحوار المتبادل وتعايش سلمي حقيقي. وختم البابا كلمته إلى السلطات السياسية وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى فيينا بالقول: إن الكثير مما تملكه النمسا تدين به للإيمان المسيحي وتأثيره الكبير على الأشخاص. فالإيمان شكل بعمق طابع هذه البلاد وسكانها. وبالتالي، فمن الأهمية بمكان ولمصلحة الجميع، ألا يأتي يوم تصبح فيه الحجارة الناطقة الوحيدة باسم المسيحية!








All the contents on this site are copyrighted ©.