2007-09-02 15:11:14

البابا يحتفل بالقداس الإلهي في لوريتو لمناسبة لقاء الشبيبة الإيطالية: اسلكوا درب التواضع


احتفل البابا صباح اليوم الأحد بالقداس الإلهي في ساحة مونتورسو بلوريتو لمناسبة لقاء الشبيبة الإيطالية بمشاركة زهاء خمسمائة ألف شاب وشابة، وألقى عظة مسهبة ضمنها تحية حارة للسلطات الدينية والمدنية خاصا بالذكر الكردينال أنجيلو بانياسكو رئيس مجلس أساقفة إيطاليا، وقال: من خلال الاحتفال بالافخارستيا في ظلال البيت المقدس، نقترب نحن أيضا من "جماعة الأبكار المكتوبة أسماؤهم في السموات"، كما جاء في الرسالة إلى العبرانيين. ومع مريم أم المخلص وأمنا، نذهب خصوصا لملاقاة "وسيط العهد الجديد"، ربنا يسوع المسيح. وأضاف الأب الأقدس أن الكنيسة، وباتباع مثال ربّها، تواصل الاهتمام نفسه بالشباب، فهي قريبة منهم في لحظات الفرح والمحنة والضعف، وتؤازرهم أيضا بعطايا النعمة المقدسة وترافقهم لإدراك دعوتهم. ودعا البابا الشباب للمشاركة في الحياة الجديدة التي تنبع من اللقاء مع المسيح ليكونوا هكذا رسل سلامه في عائلاتهم وبين أصدقائهم وداخل جماعاتهم الكنسية وفي مختلف البيئات التي يعيشون ويعملون فيها. وتابع قائلا:"إن لقاءنا الذي يجري في ظلال مزار مريمي، يدعونا للنظر إلى العذراء، ونتساءل:كيف عاشت مريم شبابها؟ ولِم أصبح فيها العسير ممكنا؟ وتكشف لنا ذلك في نشيدها:"نظر الرب إلى تواضع أمته." إن تواضع مريم هو أكثر ما يقدّره الله فيها. ويتجه فكرنا تلقائيا إلى بيت الناصرة المقدس، مزار التواضع: تواضع الله الذي تجسد وتواضع مريم التي حملته في احشائها؛ تواضع الخالق وتواضع المخلوق. ومن لقاء التواضع هذا، وُلد يسوع، ابن الله وابن الإنسان.

وأكد البابا أن التواضع هو الطريق الأساس لا لكونه فضيلة إنسانية كبرى، بل لأنه يمثل وفي الدرجة الأولى، طريقة تصرف الله نفسه. هو الطريق الذي اختاره المسيح، وسيط العهد الجديد الذي "صار على مثال البشر، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب." وتابع بندكتس السادس عشر عظته موجها للشباب رسالة قال فيها:" لا تتبعوا طريق التكبّر إنما التواضع. سيروا عكس التيار:لا تصغوا إلى الأصوات الجذابة التي تقترح اليوم نماذج حياة مطبوعة بالعجرفة والعنف والقوة والنجاح بأي ثمن والظهور والتملك. كونوا متنبهين من الرسائل الكثيرة التي تصلكم، لاسيما عبر وسائل الإعلام، وناقدين أيضا! لا تخافوا من اختيار طرق "بديلة" يدل إليها الحب الحقيقي: نموذج حياة بسيطة ومتضامنة؛ علاقات عاطفية صادقة وطاهرة؛ التزام نزيه في الدراسة والعمل؛ والاهتمام العميق بالخير المشترك. لا تخافوا أن تبانوا مختلفين عن الآخرين؛ إن أترابكم والمراهقين أيضا، لاسيما الذين يبدون بعيدين عن ذهنية الإنجيل وقيمه، يحتاجون لرؤية أحد ما يعيش بحسب الإنسانية الكاملة التي أظهرها يسوع المسيح. إن هذا التواضع ـ قال البابا ـ لا يعني التنازل إنما الشجاعة، وليس انكسارا إنما نتيجة انتصار الحب على الأنانية والنعمة على الخطيئة. فمن خلال اتباع المسيح والامتثال بمريم، علينا أن نتحلى بشجاعة التواضع والاتكال على الرب ـ لأننا نستطيع هكذا فقط ـ أن نصبح أدوات طيعة بين يديه ونسمح له بأن يصنع بنا أشياء عظيمة. فقد صنع الرب عظائم كبيرة في مريم والقديسين ـ قال البابا ـ مذكرا بالقديسين فرنسيس الأسيزي وكاترينا السيانية شفيعي إيطاليا. وتابع البابا يقول إن الكنيسة هي عائلتنا، ونتعلم فيها أن نحبَّ من خلال التربية على الاستقبال المجاني للقريب وإيلاء اهتمام كبير بمن يعاني المصاعب. فالدافع الجوهري الذي يوحد المؤمنين بالمسيح، ليس النجاح إنما الخير المتقاسم الذي لا يرتكز إلى التملك.

كما وأشار الأب الأقدس إلى أن اتباع المسيح، يعني أيضا تقديم إسهام خاص في بناء مجتمع أكثر عدلا وتضامنا، حيث يستطيع الجميع التنعم بخيور الأرض، وأضاف البابا يقول للشباب: أعلم أن الكثير من بينكم يشهدون على إيمانهم في مختلف البيئات الاجتماعية، ويعملون لتعزيز الخير العام والسلام والعدالة في كل جماعة. ومن بين المجالات التي يبدو العمل فيها ملحا جدا، الحفاظ على الخليقة. فللأجيال الجديدة يوكل مستقبل الأرض. وأثنى البابا على مبادرة الكنيسة الإيطالية للحفاظ على الخليقة، من خلال تحديد يوم وطني هو الأول من سبتمبر أيلول، وقال إن المبادرة تتمحور هذا العام حول المياه، وهو خير ثمين، وإن لم تتم مقاسمته بشكل متساو وسلمي، سيصبح وللأسف، دافع توترات ونزاعات عنيفة. وفي ختام عظته في ساحة مونتورسو بلوريتو، تواعد البابا بلقاء الشبيبة مجددا في سيدني أستراليا في تموز يوليو المقبل، لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشباب، وسأل الأب الأقدس عذراء الناصرة أن تساعدنا لنصبح دوما قديسين وتؤازر الشباب كي يكونوا رسلاً فرحين لا يعرفون التعب، رسل الإنجيل بين أترابهم، في كل بقعة من بقاع إيطاليا.

وبعد القداس الإلهي الذي اختتم لقاء الشبيبة الإيطالية، وهو الأول من مسيرة تمتد على ثلاث سنوات، أطلقتها الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا بهدف إعطاء دفع متجدد لراعوية الشباب وتعزيز الرسالة التربوية للجماعة المسيحية، تلا البابا صلاة التبشير الملائكي وقال:إن لوريتو، وبعد الناصرة، هي المكان المثالي للصلاة، متأملين بسر تجسد ابن الله. ولذا، أدعو الجميع لنتوجه معًا بالفكر والقلب إلى مزار البيت المقدس، بين هذه الجدران التي وبحسب التقليد استُقدمت من الناصرة، المكان الذي قالت فيه العذراء "النعم" لله وحملت في أحشائها الكلمة المتجسد. إنه لامتياز كبير أن تستضيف إيطاليا مزار البيت المقدس. وفي اللحظات الأكثر أهمية في حياتكم، تعالوا إلى هنا، أقله عن طريق قلبكم، لتختلوا روحيا بين جدران البيت المقدس. إرفعوا الصلاة إلى مريم العذراء كيما تنال لكم نور وقوة الروح القدس، للإجابة بسخاء على صوت الله، وهكذا، تصبحون حقًا شهوده الحقيقيين في "الساحة" والمجتمع، وحاملي إنجيل متجسد في حياتكم.








All the contents on this site are copyrighted ©.