2007-06-11 16:29:23

البيان الختامي للخلوة السنوية لمجمع المطارنة الموارنة


من مساء الأحد الواقع فيه الثالث من حزيران 2007، حتى ظهر السبت في التاسع منه، وبدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، وبرئاسته، اجتمع في الكرسي البطريركي في بكركي اصحاب السيادة، مطارنة الكنيسة المارونية المقيمون في لبنان والوافدون إليه من أبرشيات سوريا والاراضي المقدسة ومصر وقبرس واوروبا واوستراليا وكندا والولايات المتحدة الاميركية والبرازيل والأرجنتين، وقاموا برياضتهم الروحية، وعقدوا مجمع المطارنة السنويّ. وكان على جدول أعماله مواضيع كنسية ووطنية، تدارسها الآباء ملتمسين بالصلاة إلهامات الروح، وأصدروا البيان الختامي التالي:

ـ إنّ مسيرة التجدد الطقسي المتواصلة في كنيستنا منذ عدة سنوات والتي تقودها اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية، قد حقّقت خطوات فعلية بارزة، ساهمت في مساعدة المؤمنين على المشاركة في الطقوس وفهمها وجني ثمارها الروحية، وعلى المحافظة على تراثهم الإنطاكي السرياني الغني والفريد. وإضافة إلى ما أعادت اللجنة نشره حتى الآن من كتب طقسيّة، سيظهر لها قريبًا خمسة كتب جديدة هي رتبة التوبة ورتبة مسحة المرضى ونافور مار بطرس المعروف بشرر والارشادات الطقسية وكتاب التراتيل. وقد اطلع الآباء على ذلك بارتياح، وفصلوا في الأمور التي عرضت عليهم تسهيلاً لمتابعة العمل.

ـ ثم أعاروا المدارس الإكليريكيّة ما تستحقه من اهتمام فأقرّوا شرعة التنشئة الكهنوتيّة التي أعدّتها اللجنة الأسقفية المختصة مع إدارة مدرسة مار مارون البطريركية الإكليركيّة فـي غزير، وهي تتضمّن في نحو مائة صفحة، كل ما له علاقة بإعداد طلاب الكهنوت لنيل هذا السر المقدس، وتعتبر المستند الاساسي لتنشئة الاكليريكيين الموارنة الموحّدة والمتلائمة مع ما صدر في هذا الشأن عن الكرسي الرسولي. وأثنوا على تطور المبادرات الهادفة إلى إحياء الشدياقية والشمّاسية الدائمتين. ثم أطلعوا على التقارير المفصّلة التي رفعتها إلى مجمعهم إدارات المدارس الاكليريكية كلها وهـي:

مار مارون غزير، مار انطونيوس البادواني - كرمسدّه، مار أغوسطينوس - عين سعاده، سيدة لبنان - واشنطن، والمدرسة المارونية في روما. وشكروا الله على ما يعيشه القيّمون على هذه المدارس وطلابها من غيرة على الدعوة الكهنوتية واستعداد للإنخراط في خدمة كلمة الله والكنيسة.

ـ واستعرض الآباء شؤونًا روحية وإداريّة وتدبيريّة مختلفة متعلّقة بالأبرشيات في النطاق البطريركي وفي بلدان الانتشار. وتداولوا، بنوع خاص، في مقتضيات الحياة الروحيّة ووحدة العائلة وعيش سرّ الزواج. وهم على ما لاحظوا من إيجابيات يحثّون أبناءهم على المحافظة على تعلّقهم بالكنيسة وعلى تأدية الشهادة الصادقة لإيمانهم أينما وُجدوا. وتوقّفوا عند ما تقوم به الكنيسة في مجال خدمة المحبة بواسطة المؤسسات التابعة لها، واثنوا على هذه المؤسسات وعلى التنسيق الذي تمّ بينها وبين المؤسسات الاخرى برعاية الهيئة التنفيذيّة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وقد نوّهوا خاصة بما بذلته وتبذله كاريتاس من نشاط ملحوظ في خدمة المحتاجين والمتضررين في هذه الظروف، وحثّوها كلها على متابعة رسالتها فيما حاجة المواطن تتفاقم والازمات المعيشيّة تشتد مع اشتداد التوتر الأمني وبقاء المشاكل بلا حلول.

ولمس المجتمعون الحاجة الدائمة إلى توثيق العرى بين المقيمين والمنتشرين من أبناء الكنيسة والوطن، واطلعوا على واقع المؤسسة المارونيّة للانتشار التي أنشأها صاحب الغبطة حديثًا لسدّ هذه الحاجة، وأبدوا تفاؤلهم بما تستعد للقيام به عمليًا.

ـ وعرض مطران أبرشية مار مارون في استراليا ما تقوم به الكنيسة هناك بوجه عام والأبرشيّة المارونيّة بوجه خاص، من استعدادات لاستقبال الأيام العالميّة للشباب، التي سيرأسها قداسة البابا في سيدني في تموز 2008. ورأى سيادته في هذه الاحتفالات فرصة لتحقيق لقاءات ناجحة هناك بين شبيبتنا الأسترالية والوافدة من بلدان مختلفة من شأنها ان تعزّز بينهم الحوار والتفاهم وتكشف تطلعاتهم ونظرتهم إلى المستقبل، وتغذّي انتماءهم الكنسي الواحد. وحثَّ شبيبة لبنان على المشاركة بأعداد كبيرة.

ـ يبدي الآباء قلقهم الشديد بسبب الاوضاع الأمنيّة المتردية وما يترّبص بهذا الوطن اذا لم يحسن أبناؤه تجنّب ما يحاك لهم. وهم يشجبون التفجيرات المتنقّلة والاعتداء المقصود على الجيش اللبناني الذي يستحق كل تأييد، ويعزّون بالضحايا التي سقطت ولاسيّما منهم الأبرياء وشهداء الجيش والقوى الأمنيّة، ويسألون لهم الرحمة وللجرحى الشفاء العاجل ويهيبون بالدولة ان تسارع إلى معالجة الوضع والتعويض عن الاضرار المادية.

ـ غير أن ما يساعد على إخراج الوطن من محنته، هو عمل المسؤولين معًا على إعادة الحياة للمؤسسات الدستوريّة. وبعد أن انتهى التجاذب بشأن المحكمة ذات الطابع الدولي، أصبح من الضروري تأليف حكومة وحدة وطنيّة ذات برنامج متفق عليه، والعمل معًا على انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري مرحّب به من أوسع شرائح المواطنين وقادر على التوحيد والتوفيق بين مختلف الفئات والتوجهات.

وإزاء هذا الاختلاف بالرأي والموقف، يحثّ الآباء أبناءهم الموارنة واخوانهم اللبنانيين عمومًا، على توحيد الكلمة والصف ومقابلة الوضع الصعب بوحدة الإرادة لإخراج البلد من ضيقه وإعادة ثقة المواطنين به.

ـ إنّ المطارنة الموارنة في لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار على حد سواء، يتضامنون هم وأبناء أبرشياتهم مع لبنان في محنته. وهم لا يوفّرون جهدًا لدى المراجع الرسميّة المعنيّة في بلدانهم في سبيل انقاذه. ويعلمون أنّ سلام لبنان وسلام كل من البلدان المجاورة واحد، وان حلّ القضيّة العراقيّة والقضية الفلسطينيّة وما خلّفتاه حلاّ عادلاً هو مفتاح سلام الشرق الأوسط. ولا بدّ هنا من الاشارة إلى أن العمل على توطين الفلسطينيين في لبنان وتملّكَهم فيه الذي يظهر بين الحين والحين، تارة بطريقة سافرة، وتارة بطريقة مغلّفة، يُعتبر فخًا للقضاء على لبنان وعلى القضيّة الفلسطينيّة فيه. وإذا كانت كل الدول العربيّة تقبل به، فإن لبنان، نظرًا لضيق مساحته وتركيبته السكّانية، يستحيل عليه القبولُ به، وخاصة إنّ هذا التوطين قد يحمل الجانب الأكبر من اللبنانيين على مغادرة بلدهم، ولا تُحلّ قضيةٌ شائكة بابتداع قضية أخرى أشدّ إيلامًا من الأولى.

ومن واجب اللبنانيين ان يلتزموا بخدمة السلام الذي يتمنّونه لهم ولبلدان المنطقة كافة. وهم يسألون الله، بشفاعة سيدة لبنان، أن يجود علينا وعلى بلداننا بنعمة الأمن والاستقرار والسلام.








All the contents on this site are copyrighted ©.