2007-04-06 15:26:14

الجمعة العظيمة: وقفة تأملية حول كلمة الحياة


وبعدما سخر الجنود من يسوع نزعوا عنه الأرجوان وألبسوه ثيابه وخرجوا به ليصلبوه. وسخّروا لحمل صليبه احد المارّة سمعان القيريني أبا الإسكندر وروفُس، وكان آتيا من الريف. وساروا به إلى المكان المعروف بالجلجثة، أي مكان الجمجمة. وقدموا إليه خمرا ممزوجة بمُرّ فلم يتناولها. ثم صلبوه واقتسموا ثيابه، مقترعين عليها ليعرفوا ما يأخذ كل منهم. وكانت الساعة التاسعة حين صلبوه. وكتب في عنوان علّة الحكم عليه: "ملك اليهود". وصلبوا معه لصين، أحدهما عن يمينه والآخَر عن شماله. وكان المارّة يشتمونه وهم يهزون رؤوسهم ويقولون: "يا أيها الذي ينقض الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام، خلِّصْ نفسك فانزلْ عن الصليب". وكذلك كان الأحبار والكتبة يسخرون فيقول بعضهم لبعض: "خلصَ غيره من الناس، ولا يقدر أن يخلص نفسه! فينزلْ الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب، لنرى ونؤمن". وكان اللذان صلبا معه هما أيضا يعيّرانه. ولما كان الظهر خيّم الظلام على الأرض كلها حتى الساعة الثالثة. وفي الساعة الثالثة صرخ يسوع صرخة شديدة، قال: "ألوي ألوي، لما شبقتاني؟" أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ فسمع بعض الحاضرين فقالوا: "ها إنه يدعو إيليا!" فأسرع بعضهم إلى إسفنجة وبلّلها بالخلّ وجعلها على طرف قصبة وقرّبها إليه ليشرب، وهو يقول: "دعونا ننظر هل يأتي إيليا فينزله". وصرخ يسوع صرخة شديدة ولفظ الروح. فانشقّ ستار المقدس شطرين من الأعلى إلى الأسفل. فلما رأى قائد المائة الواقف تجاهه أنه لفظ الروح هكذا، قال: "كان هذا الرجل ابن الله حقا". (مرقس 15/20-39)

 

 

 

 

قراءة من اللاهوتي المعاصر ماكس توريان (+1996)

 

كتب القديس توما الأكويني: "ما نقص من آلام المسيح، أي الكنيسة التي هو رأسها، أكمّله أنا وأضيف إليه قامتي في جسدي، متألما بذاتي مختبرا الآلام التي تنقص لجسدي. وإذا تألم المسيح في جسده الشخصي فقد كان ينقصه أن يتألم في بولس أو في أحد أعضائه وفي سائر الأعضاء"، ونستطيع أن نضيف "كان ينقص المسيح أن يتألم في مريم". ويقول جان كالفان في نفس المعنى: "وكما تألم المسيح مرة في جسده هكذا يتألم كل يوم في أعضائه"..

ولأن صليب يسوع المسيح يجب أن يعلَن في أنحاء العالم لا بالكلام وحسب بل بالعمل أيضا، يريدنا الله أن نكون بشارة حية للمسيح المصلوب والقائم من الموت. وإذا أردنا، على مثال بولس الرسول، ألا نعرف شيئا غير يسوع المسيح، ويسوع المسيح مصلوبا، وجب أن نعيشه في كياننا كله، لا في تأمل عقلي متواصل وعميق بآلام المسيح وحسب، بل أيضا باحتمال الإهانات والشدّة والاضطهادات والآلام الشديدة في نفوسنا من أجل المسيح. يجب أن نحس في أوتار قلوبنا بقساوة الحياة، وفي أجسادنا بضعف طبيعتنا وبالإهانات التي قد تلحق بنا. علينا أن نحمل في أجسادنا كما فعل القديس بولس جراحات المسيح. ومريم، المسيحية الأولى وصورة الكنيسة، حملت في قلبها آلام ابنها، بالطريقة الأكثر حدة ومثالية، لأنها أمٌ بشرية.

يشركنا المسيح بآلامه ويضعنا على الجلجلة عند الصليب مع مريم أمه ويوحنا تلميذه الحبيب. هذه الآلام التي نصادفها في حياتنا اليومية المسيحية تكسبنا صداقة خاصة مع يسوع المسيح. فنحن قريبون جدا من المصلوب وننفذ إلى سر استسلامه وموته. عندئذ نصبح شهودا أحياء وأمناء لآلامه، فنفهم آلام البشر المختلفة ونكون لهم أصدقاء مظهرين شفقة، أغنياء بالتعزية جياشين بالعاطفة لا بالكلام وحسب بل بالعمل أيضا، فنشارك آلامهم كما نشارك المسيح آلامه.  (مريم أم الرب ورمز الكنيسة، الفصل 8)








All the contents on this site are copyrighted ©.